حكايات الشباب مع كتب السحر والشعوذة والـ «GHOSTS»

كتب: يسرا الصحفى ونورا سعيد

حكايات الشباب مع كتب السحر والشعوذة والـ «GHOSTS»

حكايات الشباب مع كتب السحر والشعوذة والـ «GHOSTS»

كُتب تباع بعضها بأسعار زهيدة، والبعض الآخر يتعدى ثمنها آلاف الجنيهات، لم تعد المخطوطات والتعاويذ والطلاسم بعيدة عن متناول اليدين، خاصة بعد أن أصبحت نجماً فى العديد من الأعمال الدرامية مثل مسلسل «السبع وصايا» ومن قبله «نيران صديقة»، بات الأمر مغرياً لدى الشباب بشكل خاص، فازدادت مبيعات الكتب والروايات الخاصة بالسحر والرعب أكثر من غيرها -وفقاً لآراء بعض بائعى الكتب- وخلف كل كتاب حكاية، وبعد قراءة كل صفحة يزداد الهوس أكثر.. اقتربت «صحبة» للتعرف على أدب الرعب والسحر الذى بات موضة العصر لدى الكثيرين. رموز وشفرات منذ أن وُجد السحر فى الكون وكل رمز أو رقم أو كلمة يحمل «شفرة» لدى الجن فيمكن أن تقرأ تعويذة بدون قصد داخل هذه الكتب وتفاجأ بمخلوق مختلف يظهر لك.. وعلى رأس القائمة كتاب «شمس المعارف الكبرى» الذى قام بتأليفه أحمد بن على البونى ومات سنة 622 هـ، وطبع حديثاً مع تحريف بعض الطلاسم، لكن ما زال الكتاب يتناول العديد من أمور السحر غير الواضحة لأى شخص يقوم بقراءته يظهر له جن بأشكال غريبة ومروعة. و«السحر الأسود» للكاتب سيد الطوخى الذى كتب أكثر من 40 كتاباً عن كيفية عمل السحر وتسخير الجان والشياطين، بالإضافة لكتاب «الرحمة فى الطب والحكمة» لجلال الدين السيوطى المتوفى عام 911 هـ، وكتاب «ملوك الأرض السبعة» وهم أقوى سبعة ملوك فى الجان يوجد منهم ديانات مختلفة، وهكذا الملوك السبعة السفليون يُستخدَمون فى الأذى، أما المسلمون فعكسهم تماماً يُستخدَمون لفك تلك الأعمال وإزالة الأذى عن الإنسان. ومن جيل الشباب بدأ أحمد مراد بالحديث عن الطلاسم والعفاريت فى بعض روايات مثل «الفيل الأزرق»، كما تتحدث ثلاثية لحسن الجندى «مخطوطة ابن إسحاق، مدينة الموتى، العائد» عن عوالم الجن وتفتح بوابتها لرحلة تنتهى بحروب ما بين طوائف الجان والعفاريت وتملأها التعاويذ والطلاسم والمزامير بطريقة مشوّقة. المخطوطة والعهود السبعة «العهود السليمانية» واحدة من الروايات الخاصة بعالم السحر والطلاسم، ويرى كريم الوزيرى مؤلف هذه الراوية أن علاقة الإنس بالجن من أكثر المواضيع المرعبة التى تشغل بال العرب المسلمين، وتدور الأحداث عن شاب فى ظروف صعبة وقعت تحت يده (السبع عهود) التى كانت بين الجن وسيدنا سليمان ليحاول استغلالها لتغيير حياته، ويضم الكتاب بالفعل سبع تعويذات لكنها من إنتاجه الفكرى، لكن المفارقة أنه بعدما اطلعت لجنة القراءة على روايتى حدث معهم مواقف غريبة فمثلاً مديرة دار النشر قالت لى إنها لم تستطع النوم ودرجة حرارتها ارتفعت للغاية لدرجة أنهم أحضروا لها الطبيب كى تتعافى، وحفل توقيع كتابى كان اليوم الذى شهدت فيه مصر العواصف الترابية الشديدة. ويعتقد «الوزيرى» أن الروايات التى تضم طلاسم ليست حقيقية وإقبال الناس عليها بسبب ضعف الروايات الأدبية والدرامية بالإضافة إلى عنصر الإثارة والتشويق الذى تضمنه لك روايات الرعب. أما عن إعادة نشر أمهات الكتب الخاصة بالسحر وتحضير الجن فيقول «اللى يقول لك معاه الكتاب الأصلى لشمس المعارف أو أى كتب من النوعية دى يبقى كداب، وأعتقد أن قليل قوى اللى معاهم الكتاب الأصلى وإلا زمان كل واحد حضر عفريت وتحققت كل الأمنيات ومصر بقت أحسن دولة فى الدنيا». دى علامة يا مارد؟ «غلق كل الأبواب، تكسير داخل المنزل، أنوار تغلق وتفتح من تلقاء نفسها».. هذا ما فعله الجن الذى ظهر لمصطفى حسن (21 سنة) بعد قراءته لكتاب عن السحر، فجاء له الجنى بصورته الحقيقية المخيفة بشكل يصعب وصفه، وبعدما اكتشف أهل مصطفى جلبوا شيوخاً لعلاجه دون جدوى، لكن استطاع شيخ أن يستغل لحظة ضعف للجنى من خلال قيام مصطفى بالعبادات والتقرب إلى الله وبعدها لم يظهر. ويقول «أنا اتسرعت أول لما ظهر لى تعبنى ومش هقدر أحكى تفاصيل عن اللى حصل ليطلع لى تانى ويؤذينى». وأُرغم محمد حسام على القيام بخمسة طقوس من أصل سبعة لكى يتمكن من صرف الجن الذى ظهر بعد قراءته كتاب «شمس المعارف الكبرى» وبالفعل استطاع حرقه بعدما سيطر على خوفه لكى يعالج ما حدث بأقل الخسائر. وتحب منال رشوان (20 سنة) هذه النوعية من الكتب خاصة ثلاثية «مخطوطة ابن إسحاق» التى تتميز عن غيرها بكم المعلومات الموجود بها والذى قد يجعلك كقارئ تبحث فيها للتأكد من صحتها، وهذا ما فعلته ولكنها لم تصل إلى شىء. وتضيف أن الجزء الذى أردات فهمه هو المتعلق بالفرق بين العفريت الذى تحدث عنه سيدنا سليمان ليأتيه بعرش سبأ والجان الذى قام بالمهمة. وترى أن الكتاب فسر هذه الآية تفسيراً غريباً، بالإضافة إلى اختلاف العلماء حول تفسيرها. وتقول إنها قرأت الكثير من روايات الرعب لكنها لم تقتنع بهذه التأويلات مثلما أقنعتها المخطوطة مثل وجود الغرفة النحاسية التى تتحكم فى عالم الجن وقوة البشر التى تكون أقوى من الجن وأحياناً يكون الجن نوعاً من أنواع الطاقة التى تسيطر عليها. وتروى «منال» عن العالم الثانى الذى دخلته عبر حسن الجندى بمهارة رائعة لكنها لم تشعر بشىء غير الشغف الذى ملأها فى البحث عن موضوع المخطوطة وصحة بعض الطلاسم الموجودة داخل المخطوطة، لكنها تضيف أن معظم المعلومات كانت «تهريج»، وتقول إنها تقرأ الكثير من قصص الرعب وتستمع إلى أحمد يونس ولم تعتقد أن ذلك يؤثر بشكل سلبى حينما يكون الشخص مؤمناً بالله وأنه خلق كل كائن لعبادته وكل عالم منفصل عن الآخر لكى يتعارفوا على بعض وهذا أمر صعب. روايات كثيرة يحكيها قراء كتب الرعب والسحر، لا نعرف مدى صحتها، لكنها قصص تداولوها عبر الفيس بوك وتناقلها أصدقاؤهم، منها قصة على أحمد ( 23 سنة) الذى فقد القدرة على النطق لمدة عام كامل بعدما صدم من الحوار الذى دار بينه وبين الجن الذى حٌضّر بعد قراءة أحد هذه الكتب، ولم يعالج «على» إلا بعد قيام أحد السحرة بعلاجه، وكذلك أحمد محمد (19 سنة) عندما قرأ أحد الكتب عندما عرض عليه أحد أصدقائه هذا الكتاب وقال له «اقرأه لكن اوعى تنفذ حاجة من اللى فيه»، وأثناء قراءة «أحمد» قام بتحضير عفريت، وكان أهله يسمعون كل ليلة صوت صراخ عالٍ من غرفته دون معرفة السبب، لكن اكتشفوا أن هذا كله نتيجة تعرض ابنهم للضرب كل ليلة، فضلاً عن ارتدائه ملابسه معكوسة كل صباح، وكان يوجد على ظهره ورقبته كتابات غريبة باللونين الأزرق والأسود، وسيطرت عليه حالة من الصرع والجنون وأصر على عدم الأكل. على الأصل دوّر داخل أكياس سوداء فوق أعلى رف بإحدى مكتبات سور الأزبكية يضع «عم أيمن» الكتب الخاصة بالسحر وتحضير الجن لأنها ممنوعة رقابياً ليبيع النسخة الأصلية من «شمس المعارف الكبرى» بـ75 جنيهاً. وعلى الرغم من عرض أحد البائعين بسور الأزبكية الكتاب بـ1500، وكان يخفى هذا النوع من الكتب فى أحد أركان المحل وفوقه عدد من الكتب المتداولة بشكل طبيعى كسلاح التلميذ، وقال إن هناك كتباً تصل إلى 5 آلاف و30 ألفاً وأحياناً 100 ألف جنيه، لكن على من يقرأها أن يحصن نفسه بقراءة القرآن الكريم. «ده كتاب كُفر قبل ما يكون سحر».. هذا ما قاله أحمد يونس بائع الكتب بجامعة القاهرة رداً على انتشار كتاب «شمس المعارف وما يشابهه». وأضاف أن كل هذه الكتب كانت ممنوعة من التداول منذ عهد جمال عبدالناصر لكن حالياً كله متاح، والكتب الموجودة فى السوق غير الأصلية وتبدأ أسعارها من 20 جنيهاً ليصل إلى 1000 جنيه وأحياناً أكثر من ذلك، وللأسف الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى هم السبب الرئيسى للترويج لمثل هذه الكتب فضلا عن انتشار الروايات التى تتحدث عن العفاريت والسحر بداية من «تراب الماس» لـ«أحمد مراد». وبمنتهى الثقة أكدت «دار الحسين الإسلامية» أن لديهم هذه الكتب المطبوعة عن النسخ الأصلية. الدين يحذر وصفت الدكتورة آمنة نصير، أستاذة الفقه والفلسفة بجامعة الأزهر، هوس الشباب بالقراءات الخاصة بالسحر بأنه «فراغ وهروب من الواقع»، وقالت إن الشباب يلجأون إلى ذلك لينقلوا أنفسهم من العالم الحقيقى إلى عوالم بعيدة عن الواقع، وهذا يدل على قلة الإيمان، فالإسلام يؤكد أن تصديق الكهنة خروج عن الملة وهذا العبث مصيره دائماً هو التعرض للأذى، وأنا فى اعتقادى لا أصدق أن جناً يظهر لإنسان إلا ويحرقه لأن الجن من نار والإنسان من تراب. ولم يختلف كلام ناجح ناصح، القس الرسولى، عن د.آمنة، فهو يؤمن بأن مثل هذه الكتب بها الكثير من الأكاذيب والإيحاءات النفسية والسحر التى توقع قارئها، عندما لا يكون له وعى كافٍ، فى متاعب هو فى غنى عنها. ونصح بالابتعاد بقدر الإمكان عن مثل هذه الكتب.