«خطيب عرفة»: يد الله مع الجماعة.. والشيطان مع من فارقها والله أمر المؤمنين بحسن الخلق ورحمة بعضهم بعضا

«خطيب عرفة»: يد الله مع الجماعة.. والشيطان مع من فارقها والله أمر المؤمنين بحسن الخلق ورحمة بعضهم بعضا
قال الشيخ يوسف بن محمد بن سعيد، عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية، إن الله أمر المؤمنين بحسن الخلق والرحمة والتآزر فيما بينهم، وحثهم على المحبة والتآلف، ونهى عن التنازع والتفرق والاختلاف.
وقال «بن سعيد»، فى خطبة عرفة اليوم، إن الله جعل الجماعة نجاة والفرقة سبباً للعذاب، وأمر سبحانه بوحدة الصف وجمع الكلمة والائتلاف، ونهى عن كل ما يحدث التفرقة والاختلاف، مضيفاً: «كان الرسول يقول فى خطبة الحج: (يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن إلهكم واحد، ولا فضل لعربى على عجمى ولا عجمى على عربى، ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، إن الله حرم بينكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا ببلدكم هذا)، فاختلاف الألوان ليس مبرراً للاختلاف والنزاع بل هو إحدى آيات الله فى الكون».
وأشار «بن سعيد» إلى أن الله أمر بالاجتماع والمحبة والتآلف والنهى عن التنازع والتفرق والاختلاف، منوهاً بأنه «فى اجتماع الكلمة صلاح الدين والدنيا وتحقق المصالح وزوال المفاسد وبه يحدث التعاون على البر والتقوى وينصر الحق على الباطل، وتهبط مساعى الحاقدين والمتربصين، ومتى تفرقت الكلمة دخلت الأهواء والضغائن، وتضادت الإرادات فسفك الدم الحرام واستحل المال المعصوم وانتهكت الحرمات وصعب على الأمة الرقى فى حياتها وعسر الالتزام بالطاعات».
وأوضح خطيب عرفة أن يد الله مع الجماعة بينما الشيطان مع من فارقها، مستشهداً بالحديث النبوى: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً»، مشيراً إلى ضرورة الاجتماع تُعرف من آثار التفرق والاختلاف المؤلمة فى الفرد والأسرة والمجتمع، لذلك أمر الله المسلمين عند النزاع بالرجوع إلى الكتاب والسنة، موضحاً أن الله تعالى أمر المؤمنين بحسن الخلق ورحمة بعضهم بعضاً.
وأشار عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية إلى أنَّه تحقيقاً لمقصد جمع الكلمة، جاءت الشريعة بتوثيق الروابط الاجتماعية والأسرية والإيمانية، فأمرت بصلة الأرحام وأوضحت حقوق الأزواج والزوجات والآباء والأبناء والبنات، كما أمرت بالإحسان إلى القربات والجيران والمساكين.
واستطرد أن الشريعة أمرت بالتعاون على الخير، مشيراً إلى أنَّ الشريعة حذرت من الانسياق وراء الشائعات والأكاذيب التى يقصد منها تفريق الصف، مستشهداً بقوله تعالى«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ»، مشيراً إلى أهمية أن يحذر المؤمنون من الحملات البغيضة بمختلف وسائلها وأساليبها الموجهة لتفريق الكلمة وتأليب بعض المجتمع على بعضه، لذا جعل الله تعالى عدداً من الطاعات تؤدى جماعة مثل الحج وصلاة الجمعة والجماعة، مضيفاً أن «ومما يؤدى إلى الجماعة، ما جاءت به الشريعة من التكافل الاجتماعى بدفع الزكاة والنفقات وسن الأوقاف وإخراج الصدقات»، مشيراً إلى أن الشريعة جاءت بتذكير المتخاصمين بأخوة بعضهم لبعض والترغيب فى الإصلاح عند حدوث التخاصم، ويقول الله تعالى: «إنما المؤمنون أخوة».
وأردف «بن سعيد» أنه يجب على الأمة تربية أبنائها على الاجتماع، كما جاء التأكيد بوجوب السمع والطاعة لأولى الأمر لتحقيق مقصد اجتماع الكلمة، وأيضاً بالحديث النبوى: «على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكَرِهَ، إلا أن يُؤمر بمعصية، فإذا أُمِرَ بمعصية فلا سمع ولا طاعة» كما استشهد بقول الله تعالى: «الاجتماع مأمور به بينما التفرق منهى عنه فى جميع المواطن، فإن ذلك يتأكد فى موسم الحج وموطن الشعائر، فيجتنب الحج أى أمر أو فعل يشغله عن أداء مناسكه بل عليه التفرغ لعبادة ربه ويجتنب كل ما يؤثر فى طمأنينة إخوانه ضيوف الرحمن».
واستكمل خطيب عرفة «يا معشر المسلمين اتقوا الله فى الأمة بالسعى لجمع كلمتها، وإطفاء الفتن، وإسكات دعاتها»، مستشهداً بقول النبى صلى الله عليه وسلم: «يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا»، مشيراً إلى أن تكون تابعاً فى حق خير من أن تكون متبوعاً فى باطل، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، مشيراً إلى أن النبى صلى الله عليه وسلم يوصى أصحابه بالرفق ويقول: «يا أيها الناس عليكم بالسكينة والوقار فإن البر ليس فى إيضاع الإبل»، مضيفاً أن الرسول عندما وصل المزدلفة صلى المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين قصراً وبات بالمزدلفة حتى صلى الفجر بها فى أول وقتها ثم دعا الله إلى أن أسفر، وذهب إلى منى ورمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس بسبع حصيات، وذبح وحلق، ثم طاف طواف الإفاضة، وتابع: «لا تنسوا الدعاء لمن أحسن إليكم كما فى الحديث: «من صنع إليكم معروفاً فكافِئوه، فإن لم تجدوا ما تكافِئوه فادعوا له حتى ترَوا أنكم قد كافأتُموه».
واختتم عضو هيئة كبار العلماء كلامه بالدعاء لله عز وجل: «اللهم تقبل من الحجيج حجهم ويسر لهم أمورهم واكفهم شر من أراد بهم سوءاً، اللهم أعدهم لبلادهم سالمين غانمين وقد غفرت ذنوبهم وقضيت حوائجهم»، متابعاً: «اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وألف الذات بينهم وأصلح قلوبهم وتولَّ شأنهم وأمنهم فى أوطانهم واجمع كلمتهم واحقن دماءهم وبارك لهم فى أرزاقهم واهدهم لأحسن الأعمار والأخلاق».