لرمي جمرة «العقبة الكبرى».. حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى مشعر «منى» غدا

لرمي جمرة «العقبة الكبرى».. حجاج بيت الله الحرام يتوجهون إلى مشعر «منى» غدا
يتوجه ضيوف الرحمن غدا، العاشر من ذى الحجة، أول أيام عيد الأضحى، من مزدلفة التى باتوا بها، إلى مشعر منى، لرمى جمرة العقبة الكبرى بسبع حصوات متعاقبات.
وتوافد حجيج بيت الله بجميع أطيافهم، اليوم، لأداء ركن الحج الأعظم وهو الوقوف على صعيد عرفات، يناهز عددهم الـ2 مليون حاج.
وأعلنت بعثة الحج المصرية برئاسة اللواء علاء الأحمدى، مساعد وزير الداخلية للشئون الإدارية، أن عملية تصعيد الحجاج المصريين أمس من مكة إلى عرفات تمت بأمان، بالتنسيق مع وزارة الحج السعودية، وأن جميع الحجاج وصلوا إلى أماكن إقامتهم بمخيمات عرفات، لافتاً إلى أن هناك تواصلاً تاماً بين الجهات الثلاث المنظمة لحصة مصر من تأشيرات الحج وهى وزارات الداخلية التى تنظم حج القرعة والتضامن الاجتماعى التى تنظم حج الجمعيات الأهلية، والسياحة التى تنظم الحج السياحى لتقديم كافة الخدمات للحجاج.
وأعلنت بعثة الحج السياحى نجاح عملية تصعيد الحجاج من مكة إلى عرفات ونقل حجاج السياحة بأكثر من 400 أوتوبيس، والوزارة تابعت بعد غروب شمس أمس عملية نفرة حجاج السياحة من عرفات إلى المزدلفة.
وأضافت أن غالبية شركات السياحة المنظمة لرحلات الحج السياحى بعد نفرة عرفات تتوجه للمبيت فى المزدلفة ثم تتحرك فى ساعات الليل أو بعد صلاة فجر يوم النحر إلى مشعر منى لرمى جمرة العقبة الكبرى، لافتة إلى أن كافة المخيمات التى حجزتها الشركات لحجاجها بمنى وعرفات تقدم 3 وجبات غذائية يومياً خلال فترة وجود الحجاج بها.
فى سياق متصل تلقت بعثة الحج السياحى العديد من الشكاوى بشأن تعطل أجهزة التكييف وعدم وجود بعض الخدمات التى أعلنت عنها الشركة التى تتولى تقديم خدمات الإعاشة للحجاج بمنى وعرفات إضافة إلى عدم وجود مخيمات لبعض حجاج السياحة.
وقال سيد خاطر، رئيس إدارة السياحة الدينية بوزارة السياحة، إن البعثة شكلت 12 لجنة فرعية تم توزيعها بين مخيمات حجاج السياحة البالغ عددهم 16 ألفاً و100 حاج، وضمت اللجان مفتشين ذوى خبرة للتدخل لحل أية مشاكل بكافة مستويات الحج السياحى.
وشهد وقوف الحجيج اليوم، بصعيد عرفات، عدداً من المشاهد المؤثرة، منهم أحد الحجاج وهو يمسك عكازه الذى يعتبره سنده فى الحياة، ويقرر صعود السُلم المؤدى إلى جبل عرفات فى الساعات الأولى من صباح اليوم، يُجهز عكازه ويشحذ همته ويبدأ فى الصعود، أمام عينيه هدف واحد فقط، هو الوقوف على صعيد عرفات، والتضرع إلى الله بالدعاء. وكان المشهد الذى حقق انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعى، لأحد الحجاج من سوريا، يدعى «زياد»، فرغم معاناته من بتر قدمه اليمنى، إلا أنه أصر على صعود جبل عرفات، رغم ما يعانيه، حسب حديثه لقناة «العربية» قائلاً: «هو موقف من المواقف اللى وقف فيها الرسول عليه الصلاة والسلام، حبينا نقف مكانه وندعى ربنا إنه يرحمنا برحمته ويغفر لنا، وييسر أعمالنا ويهدينا».
حاج يصعد جبل الرحمة بقدم واحدة
كان صعود جبل عرفات أمراً منهكاً بالنسبة لزياد السورى، نظراً لإعاقته الجسدية، فهو بقدم واحدة، لكن عند الصعود، كان كل تركيزه على اللحظة التى سيقف فيها على جبل عرفات، يرفع يديه إلى الله، ويدعوه بما فى قلبه.
وعلى كرسى متحرك جلست سيدة عمرها 98 عاماً، وفاقدة للبصر، وكلامها لم يعد مفهوماً، بدا أنها حريصة على تأدية مناسك الحج حتى ولو على كرسى متحرك، وظهرت الحاجة محاطة بأبنائها.
وحسب ابنتها التى صاحبتها فى رحلة الحج، فإن هذه الأم المغربية فقدت بصرها، وجاءت مع ابنها وابنتها، تتحدث بشكل بسيط للغاية، لكنها فى قمة السعادة، فقد زارت مقام النبى عليه الصلاة والسلام، وزارت الكعبة، وتمنت البنت أن يطيل الله فى عمر والدتها، كى يذهبوا جميعاً إلى مكة، فقد جاءوا جميعاً لأجل الفريضة، وفقاً لـ«العربية».
4 أشقاء من الأقصر يرافقون والدتهم التسعينية: «ست الكل.. تتمنى وإحنا ننفذ»
الأم التسعينية جلست مع أبنائها الأربعة فوق فرش بسيط على أرضية جبل عرفات، خلال قضائهم مناسك فريضة الحج هذا العام، فى سعادة وحب كبيرين عكسته ملامح وجوههم. أخذت الأم مكانها فى منتصف الجلسة، على يمينها ولداها وعلى يسارها الولدان الآخران، ورغم أنهم بلغوا من العمر ما يسمح ليقال عنهم إنهم رجال أشداء، إلا أنهم ما زالوا فى كنف والدتهم، يراعونها ويبرونها، ويأخذون بيدها إلى كل ما هو خير، ويحاولون تحقيق آمالها وكل ما تريد، حتى إن وجودهم فى الحج كان تلبية لرغبتها.
وقال ربيع سالم، أحد الأبناء، إن الأم هى من جاءت بهم من الأقصر إلى السعودية، لأداء مناسك الحج، ومن شدة خوفهم عليها قرر الأربعة المجىء، حتى يتبادلوا الأدوار فى رعايتها خلال موسم الحج، ويرافقونها أينما ذهبت، ويحجون لله أيضاً، وفقاً لما نشرته قناة «العربية» السعودية.
وأكد الابن الأكبر مواليد مركز إسنا بمحافظة الأقصر، أن والدته أمرت بأن يأتوا معها، وهم لا يعصون لها أمراً، مضيفاً: «دى ست الكل وحبيبتنا اللى تقوله يمشى، هى اللى جابتنا هنا، ونروح معاها أى حتة، هى تتمنى وتطلب بس، وإحنا علينا ننفذ». يجلس الأبناء الأربعة وبينهم والدتهم، وأمامهم جبل عرفات، فى سكينة وهدوء، وكأنهم لا يحتاجون شيئاً آخر من الدنيا، لمَ لا وهم بذلك أرضوا ربهم وأمهم، لذا ظلوا يمازحونها ويُضحكونها ليهوّنوا عليها حرارة الجو.