التحديات المشتركة على مائدة «قمة باريس».. ومصر واجهت الأزمات العالمية بفضل الإصلاح

كتب: نوران علام

التحديات المشتركة على مائدة «قمة باريس».. ومصر واجهت الأزمات العالمية بفضل الإصلاح

التحديات المشتركة على مائدة «قمة باريس».. ومصر واجهت الأزمات العالمية بفضل الإصلاح

يناقش قادة العالم فى «قمة فرنسا» إرساء قواعد نظام مالى جديد يكون أكثر عدلاً وتضامناً، لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، ومن بينها الفقر ومواجهة التغيرات المناخية وتعزيز صمود الدول الأكثر هشاشة فى مواجهة الصدمات الاقتصادية وتداعيات التغيرات المناخية، حيث كانت لتلك الأزمات العالمية آثارها السلبية على اقتصادات العديد من الدول النامية، ومن بينها مصر، إلا أن الإصلاحات الاقتصادية، التى اتخذتها القاهرة على مدار السنوات الماضية، كانت بمثابة الذراع والسند للدولة فى مواجهة تبعات أزمات مثل جائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، كما ساعدت تلك الإصلاحات الدولة على توسيع مظلة الحماية الاجتماعية للفئات الأولى بالرعاية.

وقال الخبير الاقتصادى، دكتور محمد درويش، فى حديثه لـ«الوطن»، إن تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية تزيد من وطأة الضغوط السعرية وتفاقم التحديات الملموسة على مستوى السياسات، وتشهد آفاق الاقتصاد العالمى انتكاسة حادة وهو ما يرجع أساساً إلى هذه الحرب. وأضاف «درويش» أن الدولة لم تقف مكتوفة الأيدى لمواجهة الأزمات التى يمر بها العالم، والتى امتد أثرها إلى الاقتصاد، بل بذلت جهوداً كبيرة للحد من الآثار الناجمة عن تلك الأزمات، وهذا ما نلمسه من الإجراءات والمجهودات المتخذة من قبل الحكومة.

أتاحت المتطلبات المالية لكل القطاعات.. ودعّمت الأسر الأكثر احتياجاً

وأشار إلى أن جهود الدولة على مدار السنوات الماضية ومنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ظهرت نتائجها من خلال مجموعة من المبادرات التى وجّه بها الرئيس، مثل برنامج «تكافل وكرامة» الذى استفاد منه حوالى مليون و928 ألف أسرة، ويستهدف دعم الأسر تحت الفقر ويشمل 5630 قرية فى 345 مركزاً بجميع محافظات الجمهورية.

وتابع الخبير الاقتصادى أن الحكومة قامت بإرجاء أية زيادات فى الكهرباء حتى نهاية عام 2022 تخفيفاً للأعباء، بالرغم من أن ذلك حمّل الدولة نحو 10 مليارات جنيه فى بند الكهرباء فقط، فيما ارتفعت موازنة الدعم النقدى للأسر المستهدفة لحوالى 31.8 مليار جنيه سنوياً تقريباً لهذا العام مقارنة بـ3.7 مليار جنيه عام 2014.

ولفت «درويش» إلى أنه رغم التداعيات السلبية للأزمات المتعاقبة على النشاط الاقتصادى فقد حرصت الدولة على إتاحة المتطلبات المالية اللازمة لتوفير احتياجات القطاعات المختلفة، ففى قطاع الصحة أتاحت 140 مليار جنيه خلال العام المالى 2021/2022، منها 124 مليار جنيه لتوفير احتياجاته، و16 ملياراً مخصصات لشراء الأدوية، وتمت زيادة هذه المخصصات فى موازنة 22/23 لتصبح 865.4 مليار جنيه.

وأكد ضرورة العمل الجماعى مع الحكومة وتضافر الجهود من أجل الإنتاجية، والحد من الآثار السلبية للأزمات الاقتصادية، ويتعين طرح مبادرة من قبل البنك المركزى لمساندة العملاء المتعثرين فى ظل تلك الأجواء التضخمية والتى تزيد من أعبائهم وتحول دون الوفاء بالتزاماتهم، فتلك المديونيات تعتبر قنبلة مؤهلة لانفجارها بعصف بما تبقى من استقرار السوق بل واستقرار المجتمع ذاته، فالديون المجتمعية خطر جسيم إن لم ننتبه له ونتعامل معه بالحكمة، والحفاظ على المستثمرين فى العملية الإنتاجية بدلاً من خروجهم، والسوق أولى بهم فى هذا الوقت الراهن، ومنح المزيد من التيسيرات والتحفيزات لضم المزيد من القطاع غير الرسمى إلى مظلة القطاع الرسمى، والاستفادة من هذا القطاع لتدعيم الاقتصاد القومى.

خفّفت من أثر ارتفاع الأسعار بالتوسع فى «تكافل وكرامة» وزيادة المعاشات والأجور والإعفاء الضريبى 

من جانبه، قال حسام عيد، الخبير الاقتصادى، إن الأزمات الاقتصادية التى شهدتها مصر فى الفترة الأخيرة، أكدت ضرورة مواصلة الإصلاحات لمواجهة التحديات، وتعزيز دور الدولة فى تهيئة النظام المالى الداعم للنشاط الاقتصادى، مشيراً إلى أن الدولة حرصت على التخفيف من أثر ارتفاع الأسعار على المواطنين بعدة تدابير، منها التوسع السريع فى نطاق تغطية برنامج شبكات الأمان الاجتماعى «تكافل وكرامة»، والزيادات فى المعاشات وأجور العاملين فى القطاع العام والخاص، والإعفاء الضريبى، وزيادة المساعدات النقدية الاستثنائية الموجهة، وذلك بالإضافة إلى عدة إجراءات.

وأضاف «عيد»، فى حديثه لـ«الوطن»، أن الدولة تصدت للأزمات العالمية، من خلال اتخاذ تدابير لضبط الأوضاع على مستوى سعر الصرف، وعلى المستويين النقدى والمالى، للحد من أزمة الاحتياطى النقدى، واحتواء الضغوط التضخمية، والتخفيف من الآثار الاجتماعية على المواطنين.

وأشار إلى أن مصر اتجهت مؤخراً إلى تبنى سياسة سعر صرف مرن، وهى السياسـة الأنسب فى حالة الاقتصادات المنفتحة على العالم الخارجى التى تتبنى سياسة نقدية مستقلة، إذ تسهم هذه السياسة فى زيادة مستوى الصادرات وخفض الواردات.

وتابع أن مصر تسعى بشكل مستمر إلى تحقيق الإصلاح المالى والتحرك باتجاه مستويات أكثر استدامة للدين العام، الأمر الذى أدى إلى تراجع مستويات الدين العام المحلى من مستويات تتجاوز 100% من الناتج المحلى الإجمالى خلال عامى 2015/2016 و2016/2017 إلى 87% خلال العام المالى 2021/2022، وهو ما يقل كثيراً عن النسبة المسجلة فى العديد من الاقتصادات النامية والمتقدمة.

ولفت الخبير الاقتصادى إلى برنامج الإصلاح المالى والاقتصادى المصرى، الذى حظى بدعم قوى من جميع المؤسسات الدولية على نحـو يسهم فى توفير التمويل الميسر المناسـب والمطلوب للتعامل مع احتياجاتها دون الحاجة للاقتراض من الأسواق الدولية للسندات فى المدى القصير.


مواضيع متعلقة