تاريخ ممتد من العنف والإرهاب.. الذاكرة القبطية تسجل أول اعتداء لـ«الإرهابية» على الكنيسة

كتب: منى السعيد

تاريخ ممتد من العنف والإرهاب.. الذاكرة القبطية تسجل أول اعتداء لـ«الإرهابية» على الكنيسة

تاريخ ممتد من العنف والإرهاب.. الذاكرة القبطية تسجل أول اعتداء لـ«الإرهابية» على الكنيسة

اتهموا الأقباط بالعمالة للإنجليز فى 1952 فوقعت ضدهم مذبحة السويس.. وحرَّموا تهنئتهم بالأعياد وحرضوا ضدهم بعد وصولهم للحكم

كثير من المعاناة والألم يحمله التاريخ القبطى والكنسى على يد تنظيم الإخوان منذ نشأته، بدأ بالتحريض وانتهى بالقتل والحرق والتخريب، إذ تسجل الذاكرة القبطية، فى عام 1947، أول حادث طائفى قاده الإخوان ضد المسيحيين، باستهداف كنيسة بالزقازيق فى محافظة الشرقية، مع بزوغ نجم التنظيم السرى للجماعة فى هذا الوقت، لتخرج فى صباح اليوم التالى صحف الإخوان، مثل جريدة البلاغ، بموضوعات تحض على كراهية الأقباط والتشهير بهم، وتتحدث عن اعتداء كاذب حدث من الأقباط على الدين الإسلامى، فيما وصفت جريدة مصر، التى كانت تصدر فى هذا الوقت، فى عدد يوم 19 أبريل 1947، الاعتداء الذى وقع على الكنيسة وعملية حرقها من قبَل الغوغاء الذين كانوا يهتفون: «اليوم يوم الصهيونية وغداً يوم المسيحية.. اليوم يوم السبت وغداً يوم الأحد».

ومع مرور السنوات، أصبح التاريخ الذى يربط بين الأقباط والإخوان أكثر دموية وعنفاً وسفكاً للدماء بطرق وحشية، فيذكر التاريخ مذبحة الأقباط فى السويس قبيل احتفالات عيد الميلاد 1952، التى تحدث عنها البابا الراحل شنودة الثالث قبل رهبنته حينما كان يحمل اسم «نظير جيد» ويشغل رئاسة تحرير مجلة مدارس الأحد، وحمل عنوان «هدية الأقباط فى عيد الميلاد»، وتحدث عن أحداث العنف التى جرت فى محافظة السويس.

وبحسب ما دونته الوثائق وكتب التاريخ، فإن الحادث بدأ بتحريض إخوان السويس على الأقباط، من خلال نشر شائعات أن الأقباط هم عملاء للإنجليز، وأنهم هاجموا المسلمين وأطلقوا عليهم النيران، ما تسبب فى حالة من الغليان فى الشارع، استغله إخوان المدينة فى استهداف وسحل عدد من الأقباط فى الشارع والتمثيل بجثثهم، وإلقاء أجسادهم أمام باب الكنيسة ثم حرق الكنيسة، وتسبب هذا فى وقف الاحتفال بأعياد الميلاد فى المحافظة، وانتشار العنف وتدمير عدد من المبانى الأخرى التابعة للكنيسة.

وقام وقتها رئيس الوزراء مصطفى النحاس باشا، بزيارة البابا الراحل يوساب الثانى، البطريرك رقم 115 فى تاريخ الكنيسة المصرية، الذى رفض وقتها تعويض الحكومة لبناء الكنيسة، مطالباً بضرورة محاسبة المسئولين بالقانون، وأن يتم اتخاذ الإجراءات القانونية التى تضمن حقوق جميع الأطراف.

تطورت الأحداث، وتزايدت الكراهية مع مرور الوقت، حتى وقعت أحداث 25 يناير 2011، وبزوغ سطوة وقوة الإخوان على الساحة الداخلية المصرية، فوقتها حاول الإخوان إيهام الشعب بتغيير فكرهم والانسلاخ من جلدهم، وعملوا على تغيير الصورة النمطية التى كانت مأخوذة عنهم من الإرث الكبير فى الاعتداءات على الأقباط والكنائس، وفى سبيل الوصول إلى الكرسى وحكم البلاد أطلقوا التصريحات الرنانة، وزار رئيسهم الإخوانى المعزول محمد مرسى، قبل الوصول إلى الحكم، الكاتدرائية المرقسية بمنطقة العباسية فى القاهرة، وحضروا قداسات العيد، وفى ظل الانفلات الأمنى صرح قادتهم بأنهم سيحمون الكنائس أثناء الاحتفالات، وحاول مرشح الإخوان فى ذلك الوقت إلقاء تهمة العنف الموجه ضد الأقباط على النظام السابق والظهور بمظهر الحمَل الوديع، وألقوا بطعمهم للأقباط بالإعلان عن تعيين مساعد قبطى لرئيس الجمهورية إذا وصلوا للحكم، ولكن الأقباط والكنائس لم يصدقوهم، بل كانوا يخشون منهم، فأيد غالبيتهم المرشح المنافس للإخوان فى هذا الوقت الفريق أحمد شفيق، ليقوم الإخوان بتهديدهم وإرعابهم، وصولاً إلى منع العديد من الأقباط من الوصول إلى لجان الانتخابات فى الصعيد، وهى الوقائع المثبتة قضائياً.

ومع وصول الإخوان لسدة الحكم فى البلاد عام 2012، لاقى الأقباط والكنيسة صنوفاً وألواناً من التحريض والترهيب والعنف الممنهج من قبَل التنظيم، إذ خرجت الفتاوى التى تحرض على العنف ضد المسيحيين، وتُحرِّم تهنئتهم بالأعياد، وامتنع الرئيس الإخوانى محمد مرسى عن الذهاب إلى الكاتدرائية، وخرجت الفتاوى السلفية التى تُحرِّم حتى على سائقى الميكروباصات توصيل القساوسة والأقباط إلى الكنائس.

ومع خروج المصريين غاضبين إلى شوارع المحروسة يهتفون بسقوط المرشد وممثله فى قصر الاتحادية، حتى ألصق قيادات الإخوان تهمة الحشد الجماهيرى فى الشوارع بالأقباط، حيث خرج نائب المرشد خيرت الشاطر، فى مؤتمر صحفى، عُقد بمقر الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح فى 8 ديسمبر 2012، ليعلن أن 80% من المتظاهرين أمام قصر الاتحادية ضد قرارات «مرسى» من الأقباط، فيما قال القيادى الإخوانى محمد البلتاجى، أمام مسجد رابعة العدوية بمنطقة مدينة نصر بالقاهرة، إن التقارير الرسمية تقول إن الحشد أمام الاتحادية 60% منه أقباط.

وتحولت وقتها تلك التصريحات إلى تحريض عام على الأقباط، فوقعت اعتداءات على الأقباط أمام مقر مكتب الإرشاد فى المقطم وأسفرت عن وقوع جرحى.

ولم تكد تمر أيام إلا ووقعت فى أبريل 2013 أحداث منطقة «الخصوص» بمحافظة القليوبية، التى راح ضحيتها نحو 7 قتلى من الأقباط، وخلال خروج جنازة الضحايا من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية تم الاعتداء على الجنازة والكاتدرائية ومحاصرتها لعدة ساعات من قبَل أعضاء التنظيم ليسجل أول اعتداء على الكاتدرائية والمقر البابوى فى تاريخ مصر ممهوراً بتوقيع «الإخوان»، الذين حاولوا التبرؤ من تلك الأفعال فى الداخل، فيما خرجوا ببيانات فى الخارج تحمّل الأقباط مسئولية ما حدث، وهو الأمر الذى استهجنه وقتها البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية.وشارك الأقباط إخوانهم المسلمين كتفاً فى كتف فى مظاهرات الخلاص من الإخوان، وتصدر البابا تواضروس مشهد 3 يوليو 2013 مع رموز المجتمع المصرى فى عزل «مرسى»، إلا أنهم دفعوا فاتورة ذلك حرقاً وتدميراً وترويعاً، خاصة بعد فض اعتصامى الإخوان وأنصارهم فى منطقتى رابعة العدوية بالقاهرة، ونهضة مصر فى الجيزة، يوم 14 أغسطس 2013، حيث تعرضت نحو 65 كنيسة ومبنى كنسياً إلى التدمير والحرق، فضلاً عن الاعتداء على عدد من الأقباط.

 


مواضيع متعلقة