مدير المسرح الكوميدي: الفرق بين «الإضحاك والاستظراف» مسافة صغيرة

كتب: هبة أمين

مدير المسرح الكوميدي: الفرق بين «الإضحاك والاستظراف» مسافة صغيرة

مدير المسرح الكوميدي: الفرق بين «الإضحاك والاستظراف» مسافة صغيرة

فى شهر أغسطس من العام الماضى، كُلف الفنان ياسر الطوبجى، بإدارة المسرح الكوميدى، وقتها عوّل الجميع على ثقتهم فى أفكاره وخطته بشأن إدارة فرقة «الكوميدى»، الأمر الذى جعله يشعر بالخوف فى البداية، ولكن سرعان ما أدرك أنه أمام مهمة كبيرة، أولها ضرورة جذب الجمهور إلى مسرح الدولة من خلال عروض مسرحية قوية تحمل كثيراً من الرقى والبهجة فى آن واحد.

وخلال حواره لـ«الوطن»، أكد أن بين «الضحك» و«الاستظراف» مسافة صغيرة لا تُدرك، ومن ثم حرص على التحكم بها من أجل إسعاد عشاق المسرح دون ابتذال.

ومع باكورة إنتاج المسرح الكوميدى، وتقديم أول عروضه من خلال «طيب وأمير»، المسرحية التى وقع اختيار «الطوبجى» عليها لتكون بمثابة شريط الافتتاح فى ظل إدارته الجديدة، ليتفاجأ وجميع أبطالها بأن الإقبال على المسرحية «تاريخى يا فندم»، وحسب ما قاله خلال الحوار «الجمهور بقى بيعملنا الدعاية بنفسه».

لماذا وقع الاختيار على عرض «طيب وأمير» ليكون باكورة إنتاج المسرح الكوميدى؟

- عندما شرفت بتولى إدارة المسرح الكوميدى فرحت جداً، وذلك نظراً لعشقى للكوميديا وتخصصى من خلالها، ولكن فى الوقت نفسه شعرت بالخوف كثيراً، فقد تربينا على المسرح وعشقنا فن التمثيل والكوميديا، بسبب الأساتذة العظماء الذين سبقونا، فى الستينات، حيث قدم «المسرح الكوميدى» عروضاً يعشقها الجميع، منها «سيدتى الجميلة» و«نمرة 2 يكسب» و«الدبور» وغيرها من العروض.

وبالتالى هو ما كان فى ذهنى لتقديمه فى منصبى الإدارى الجديد، والأفكار التى عُرضت علىّ لم ترضِ طموحى، ومن ثم تحدثت مع المخرج محمد جبر، الذى أثق فيه باعتباره مخرجاً كوميدياً قادراً على تحقيق كوميديا عالية من خلال عروضه السابقة، وبالمصادفة البحتة كنت أشارك فى مسلسل «الضاحك الباكى» عن سيرة نجيب الريحانى.

وكنت أجسد شخصية بديع خيرى، وأثناء البحث عن سيرة هؤلاء الآباء المؤسسين للكوميديا، لم أجد أنسب منهما ومن تراثهما، فضلاً عن انتمائى لمسرح الدولة، وكنت أريد التميز عن المسرح التجارى، ومن ثم لجأت إلى نصوص فنية ذات قيمة، وهؤلاء كان لديهم اقتباس من الأدب الفرنسى، «جه فى دماغى» فيلم «سلامة فى خير»، ولا يوجد أفضل من شخصيات بديع خيرى لأنها منحوتة، و«تيمة الشبيه» تم استخدامها فى أكثر من عمل، ومن ثم جاءت الفكرة من خلال مسرحية فرنسية اسمها «الزائرون»، ووقوع البطل فى «ورطة» وتتصاعد الأحداث.

هناك «شعرة» بين الكوميديا والاستظراف.. كيف يتم تدارك هذا الفرق الصغير؟

- التحكم الشديد فى هذه المسألة يبدأ بالكتابة على الورق، «شوفت نصوص كثيرة قائمة على الاستظراف»، وتستطيع فرز النصوص الجيدة ونسبة كل منها من الأعمال بشكل عام، وبحكم الزمن والوقت تستطيع اكتشاف هذه المسألة، للأسف البعض يعتقد أن الكوميديا تحتل مستوى أدنى فى الأعمال الفنية، «الضحك نعمة كبيرة من عند ربنا» ولو كل كوميديان وظريف وضع فى الاعتبار أن ما يقدمه هو رسالة لإسعاد الناس، وهو ما تقوم به مسرحية طيب وأمير بالمناسبة، مفيش 5 دقائق يقعدوا من غير ضحك، الجمهور يحصل على جرعة مكثفة من الانبساط والاستمتاع، وهم يخبرون مَن حولهم بضرورة الحضور، وبكده بيعملوا الدعاية بأنفسهم.

هل كنت تتوقع النجاح لـ«طيب وأمير»؟

- كنت أثق فى توفيق ربنا طالما «تعبت» وبذلت مجهوداً كبيراً، وحتى إذا لم يحدث التوفيق لأى سبب من الأسباب، يكون وقتها «عملنا اللى علينا ورضينا ربنا فى الأساس».

محاربات السرطان أطلقن الزغاريد فرحة بـ«طيب وأمير».. وإمكانيات مسرح ميامى بعد تطويره لا تقل عن مسارح العالم

وماذا عن ردود الفعل التى استقبلتها تجاه «طيب وأمير»، خصوصاً أن المسرحية ترفع لافتة: «كامل العدد» مساء كل ليلة عرض؟

- من أفضل ما يقال لى دائماً سواء من الجمهور أو الزملاء الفنانين «أنا كنت جايلك مكتئب.. لكن ضحكت وقضّيت ليلة فى منتهى الجمال»، جاءت مجموعة من المحاربات لمرضى السرطان، من شدة إعجابهن بالمسرحية قمن بالتصفيق وإطلاق الزغاريد «هو ده مكسبنا الحقيقى» خصوصاً الفنان الكوميدى عندما يستقبل ردود الفعل مثل هذه يكون فى قمة السعادة ويكون «طاير على المسرح»، وأنا ممثل كوميدى وعارف قيمة الإفيه الذكى والكوميديا والضحك غير المبتذل، وهو ما يعيه تماماً أبطال مسرحية «طيب وأمير»، وهم أذكياء فى الكوميديا التى يقدمونها و«دمهم زى العسل» بشكل طبيعى دون استظراف، الحمد لله، ربنا كرمنا بهذا النجاح.

أنت توليت منصب مدير المسرح الكوميدى فى شهر أغسطس الماضى.. ما الذى كنت تحلم به وأنت «كوميديان» بوجودك فى هذا المكان، وعندما توليت مهمة إدارته قررت أن تحول الحلم لواقع؟

- أولاً: باحمد ربنا على النجاح فى الوقت الحالى من خلال مسرحية «طيب وأمير»، ثانياً: عندما توليت المنصب، فتحت قنوات مع كل «كوميديان» وجميعهم لديهم الحماس للعمل فى المسرح الكوميدى وتقديم العروض من خلاله، وأنا أثق فيهم جميعاً، خصوصاً وأن غالبيتهم من أبناء المسرح «الجامدين»، ومتأكد من ردود الفعل الإيجابية واستقبال الجمهور لهم، وكان لدىّ حلم بشأن عودة الجمهور لقاعة مسرح الدولة.

والنتيجة كما نراها فى «طيب وأمير» وأعتبر هذه المسرحية دعاية لى كذلك ومنح زملائى الثقة للمجىء وتقديم أعمالهم، وهى فى النهاية تتوقف على ثقافة النجم، بكلّمهم وأقول لهم هو «لازم الكرسى اللى يكون قاعد قدامك بألف جنيه»، ولكن لدينا أسعار التذاكر مقاربة لتذاكر السينما أو أقل داخل مسرح أنيق مثل «ميامى» بوسط البلد بعد تجديده وتطويره، وإمكانياته لا تقل عن أى مسارح أخرى بالعالم، وكلها عناصر تحمل تشجيعاً للممثلين وللجمهور.

الإدارة أسهل ولا التمثيل؟

- التمثيل طبعاً فيه «روقان» وأسهل وأطعم، أما الإدارة فلها مذاقها الخاص بها، وكل عمل تمر به ويحالفك النجاح يكون له متعته الخاصة، التوفيق حلو فى كل حاجة وكل متعة تختلف عن الأخرى حسب ما تقدمه.

التمثيل أسهل من الإدارة.. والعمل مع خالد جلال «يخليك مش عايز تنام وتشتغل طول الوقت»

هل خلال رحلتك فى عالم الإدارة واجهتك صعاب تتعلق بالروتين فى إنهاء بعض الإجراءات؟

- قد تكون هناك صعوبات، ولكن مع الحظ الحلو وتوفيق ربنا، ووجود الأب الروحى الذى تخرجنا فى مدرسته وهو المخرج الكبير خالد جلال الذى تولى رئاسة البيت الفنى للمسرح بخلاف رئاسته قطاع الإنتاج الثقافى، كان ذلك من عوامل الحماس والتشجيع فى عالم الإدارة، خصوصاً أنه صاحب نجاحات كبيرة، ويعمل على تذليل أى صعوبات تواجهنا، وفى النهاية نحن جميعاً فنانون قبل أن نكون إداريين، ودائماً ما يبث بداخلنا روح العمل «يخليك مش عايز تنام وتشتغل طول الوقت».

وماذا عن مشروعاتك الفنية المقبلة؟

- لم أعمل بالتمثيل منذ 5 شهور تقريباً، حيث شاركت فى الجزء السابع من مسلسل «الكبير» بموسم رمضان الماضى، كما يُعرض لى بالسينمات فيلم «الرهبة» مع أحمد الفيشاوى، حيث أجسد شخصية «عم جمعة»، وهو رجل طيب يعمل مشرفاً على إحدى دور الأيتام تحت الإنشاء، تجمعه مواقف كوميدية مع «الفيشاوى» الذى يجسّد شخصية البلطجى «سيد رهبة»، كما شاركت فى فيلم «الصف الأخير» مع بيومى فؤاد وتيام قمر، وجسدت فيه شخصية «نصاب» يعمل «نبطشى أفراح» ويتسبب فى مواقف صعبة فى إطار كوميدى.

«طيب وأمير» تختلف عن «سلامة فى خير»

المؤلف أحمد الملوانى، والمخرج محمد جبر نجحا فى ابتكار طرق كتابة إضحاك مناسبة، للجيل الحالى، تجذب جميع أفراد الأسرة بمختلف أعمارهم حتى الأطفال فى «طيب وأمير»، حيث استندا إلى طريقة الملابس، واختارا دولة غير موجودة على الخريطة بالمرة، ووصلا إلى تركيبة ضحك مناسبة لهذا الجيل الذى لا يعرف شيئاً عن الأعمال الفنية القديمة، لدرجة أن مجموعة من الشباب أخبرونى باستمتاعهم بالمسرحية وسألونى هل هى من فيلم أجنبى؟ فأخبرتهم بأنها ملكنا منذ 90 سنة تقريباً، وهى طريقة الكتابة مختلفه عن فيلم نجيب الرحانى «سلامة فى خير»، وتم كتابة أكثر من نسخة من الإسكريبت حتى وصلنا للشكل النهائى.


مواضيع متعلقة