المثقفون أطلقوا الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو بالمعركة ضد الوزير الإخواني

المثقفون أطلقوا الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو بالمعركة ضد الوزير الإخواني
فى مطلع يونيو 2013، انطلقت معركة الرفض وثورة المثقفين ضد أخونة مصر، ووزير ثقافة نظام الإخوان آنذاك علاء عبدالعزيز، ليكون الحدث بمثابة الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو التى غيَّرت وجه مصر وأنقذتها من حرب أهلية.
علاء عبدالعزيز تم اختياره وزيراً للثقافة فى مايو 2013، وكان الوزير الإخوانى يحمل أجندة للسطو على مصر من النقطة الأبرز فى هذا البلد وهى الثقافة والفنون، ومنذ الاجتماعات الأولى للوزير مع قيادات الوزارة كشف عن مخطط دولة الإخوان، وبدأ محاولة الاستيلاء على هيئة الكتاب وتغيير فلسفة مكتبة الأسرة، التى لها مكانة خاصة لدى الشعب المصرى، لتحويلها لما يسمى «مكتبة الثورة»، وحين رفض الدكتور أحمد مجاهد، أصدر الوزير قراراً بإنهاء ندبه.
«منير»: طالبنا بإقالة علاء عبد العزيز بعد قراره إبعاد «مجاهد وإيناس»
ويقول محمد منير، مدير إدارة الإعلام: «كنت فى ذلك الوقت ضمن العاملين بالمكتب الإعلامى بدار الأوبرا، ووصلتنا أخبار اعتراضات الوزير على الباليه والتدخل فى عمل الأوبرا دون فهم، وقبل أن ينقضى مايو 2013، أى بعد أيام من تولى الوزير لمنصبه، تناهى إلى العاملين بدار الأوبرا، عقب إقالة «مجاهد»، أن الدور سيكون على الدكتورة إيناس عبدالدايم، رئيسة الأوبرا آنذاك، خاصة أن التيار الدينى لا يميل إلى إسناد المناصب القيادية إلى النساء».
وبدأ الموظفون ينظمون احتجاجات تضامناً مع الدكتورة إيناس، فما كان منه إلا اتخاذ القرار فعلياً بإقالة «عبدالدايم»، وبذلك اتسع نطاق الاحتجاج فى دار الأوبرا، وبدأت القنوات الفضائية تنقل أخبار هذه الوقفات، وانضمت إليها أول فرقة فنية للفنون الحرة من بورسعيد، وطالب المعتصمون بإقالة وزير الثقافة.
وأوضح «منير»، لـ«الوطن»، أن الاحتجاجات اتسعت فى دار الأوبرا، وتوافق الفنانون مع المايسترو ناير ناجى فى يوم 28 مايو 2013 على إلغاء عرض أوبرا عايدة، يومها دخل الجمهور إلى المسرح وعند رفع الستار وقف الجمهور وخرج المايسترو ناير ناجى، وقرأ البيان التالى: «تضامناً مع الدكتورة إيناس عبدالدايم، رئيسة دار الأوبرا، ومواجهة الخطة الممنهجة لتدمير الثقافة والفنون الرفيعة فى مصر قررنا نحن فنانى وإداريى دار الأوبرا المصرية الامتناع عن تقديم الليلة من أوبرا عايدة كبداية إسدال الستار على جميع عروض الأوبرا حتى تتم إقالة وزير الثقافة»، وقبل أن يكمل البيان انطلق التصفيق الحار من الجمهور فى جميع أرجاء المسرح، وتحولت القاعة إلى منصة هتافات ضد وزير الثقافة تضامناً مع إيناس عبدالدايم، وعرض «ناير» على الجمهور استرداد قيمة تذاكرهم، إلا أن الجمهور رفض، كما أعلن الموسيقار عمر خيرت تعليق حفلاته فى الأوبرا لحين إقالة الوزير.
«اعتصام الزمالك» أول بروفة للعصيان المدني ضد حكم «الإخوان»
وخلال ثلاثة أيام انضمت مجموعة من الفنانين؛ من بينهم خالد صالح وخالد يوسف وآثار الحكيم، إلى اعتصام الأوبرا، وأصدر المعتصمون بياناً أمهلوا الوزير 72 ساعة لمغادرة الوزارة، وتوافق المثقفون على الاعتصام فى الوزارة بالزمالك لإسقاط الوزير، وتم اختيار يوم 5 يونيو لبدء اعتصام الوزارة. أما الفنان التشكيلى محمد عبلة، أحد الوجوه البارزة فى اعتصام المثقفين فى وزارة الثقافة بالزمالك، فيقول: «كنت أول من دخل الوزارة آنذاك، تعبيراً عن حالة الرفض ليس لهذا الوزير وحسب، ولكن للتيار الذى ينتمى إليه، بعد اتخاذ قرار بإنهاء ندب عدد من قيادات الوزارة؛ الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة العامة للكتاب، والدكتورة إيناس عبدالدايم، رئيسة دار الأوبرا آنذاك، والدكتور سامح مهران، رئيس أكاديمية الفنون». مشيراً إلى أن الاعتصام انطلق يوم الأربعاء 5 يونيو 2013، وتم اختيار هذا اليوم عن قصد تزامناً مع ذكرى نكسة 1967 «نكسة الثقافة المصرية» على يد هذا الوزير الإخوانى، وضم الاعتصام كلاً من: الروائى الراحل بهاء طاهر، والكاتب الكبير صنع الله إبراهيم، وأحمد شيحة، وخالد يوسف، والمنتج محمد العدل، والدكتور مدحت العدل، وفتحية العسال، وسيد الجبالى، وفردوس عبدالحميد، ومحمد فاضل، ومجدى أحمد على، وغيرهم. وأضاف: «رتبنا طريقة الدخول للوزارة صباح يوم الأربعاء، لأنه كان يومها الوزير لا يوجد فى مكتبه بسبب اجتماع مجلس الوزراء، وأخبرنا الأمن أن لدينا موعداً مع الوزير لتهنئته بتولى الوزارة، وبالفعل دخلنا مكتبه، على أن تلحق بنا المجموعة الثانية من المعتصمين فى الوزارة بالخارج، ولما اكتمل العدد، نحو 15 شخصاً، أعلنا أننا معتصمون، وكان من المفترض أن يأتى إلى مكتبه فى هذا اليوم لكنه تراجع ولم يأتِ».
«عبلة»: اخترنا يوم 5 يونيو لتنظيم الاعتصام تعبيراً عن «نكسة الثقافة» على يد الوزير الإخواني
وتابع «عبلة»: «اعتصام المثقفين لم يكن وليد هذه اللحظة، لكنه جاء بلورة للغليان الشعبى ضد النظام الإخوانى فى الشارع المصرى، واتخذنا قرار مواجهة هذا الفكر ليس لمصلحة أشخاص بأعينهم، ولكن لمصلحة البلد، الموضوع كان أكبر من الاختلافات فى وجهات النظر أو الانحياز حتى لقيادات الوزارة الذين تمت إقالتهم، أو إنهاء ندبهم وغيرها من الإجراءات التعسفية (الخايبة) التى اتخذها تباعاً آنذاك، من أجل الاستيلاء على الوزارة، وفى الظروف التى كانت مصر فى حاجة إلى وزير ثقافة له علاقة وثيقة بالثقافة المصرية وبالمثقفين». وأشار الفنان التشكيلى إلى أنهم دبروا «مراتب» ولوازم الاعتصام، وحاول الوزير التفاوض والتحاور معنا، إلا أننا رفضنا التفاوض معه، خاصة أنه تصرف بغباء وأصدر قراراً بإقالة المنظومة الأمنية للوزارة لأنها سمحت لنا بالدخول، وأصدر بيانات بأننا مخربون وخارجون على القانون.
وخلال هذه الفترة انضم إلينا العديد من الشخصيات واعتصام الأوبرا، وبدأت الفرق الفنية فى تقديم العروض فى الشارع أمام الوزارة فى المساء، وحدث هجوم على الوزارة أكثر من مرة وضرب نار من اتجاه النيل، وقال: «استمر الاعتصام فى الوزارة إلى 30 يونيو، وأنهينا الاعتصام وانضممنا إلى المسيرات التى تحركت باتجاه التحرير ليكون هذا اليوم الحد الفاصل، وإسقاط النظام بالكامل»، مؤكداً أن ثورة المثقفين كانت أول بروفة للعصيان ولرفض الحكم الإخوانى على المستوى الشعبى.