الدكتور سامح سعد: لم ننتصر في حربنا ضد السرطان.. وهناك علاجات مبشرة (حوار)

الدكتور سامح سعد: لم ننتصر في حربنا ضد السرطان.. وهناك علاجات مبشرة (حوار)
يجد متعته فى معمله بمستشفى 57357، يجرى اختبارات ويستبدل معطيات ويصل إلى نتائج مبشرة؛ لتخفيف آلام أطفال نال السرطان من أجسادهم الصغيرة.
مشوار علمى طويل قطعه الدكتور سامح سعد، الأستاذ والباحث فى الفيزياء الحيوية، والمدير المؤسس لمركز دراسات الشيخوخة بمدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، ومدير برنامج بيولوجيا الأورام بمستشفى 57357، تنبأ له العالم الراحل أحمد زويل بمستقبل واعد وراهن عليه، اكتسب خبرة كبيرة خلال تنقله بين أكثر من دولة بالخارج للدراسة والعمل، حتى قرر العودة إلى وطنه، لتطبيق ما تعلم، ونقل خبراته لشباب الباحثين.
«الوطن» التقت العالم المصرى، الحاصل على جائزة الدولة للتفوق فى العلوم عام 2020، واستعرضت المحطات المهمة فى مشواره، وأوضاع البحث العلمى فى مصر، وعلاقته بالفن وخاصة شقيقيه الفنانين أحمد وعمرو سعد.. وإلى نص الحوار.
متى شعرت بشغفك بالعلم؟
- نما شغف العلم داخلى مبكراً، فى المرحلة الإعدادية، عندما كنت أقرأ سلسلة كتب «كل شىء عن»، وأنبهر بموضوعاتها الشيقة، التى جعلتنى أشعر أن مجال العلم مثير جداً، وحدد وجهتى فيما بعد.
وما دور الأسرة فى تعزيز شغفك بالعلم؟
- والداى لم يؤتيا قدراً وافراً من التعليم، ورغم ذلك كان لديهما إيمان راسخ بأهميته، ووالدتى تحديداً كانت حريصة على متابعتنا فى المدارس، ولأننى الابن الأكبر، كانت معظم الطاقة منصبة علىّ.
هل المناخ العام يشجع على العلم؟
- بشكل عام لا.. لكن الأمور تتغير للأفضل فى ظل وجود الـ«سوشيال ميديا»، والقدرة على تطوير النفس من خلال الإنترنت. الجميع فى الدول المتقدمة يعلم أن ثمرة البحث العلمى تحتاج إلى وقت طويل، وصبر الناس والحكومات على ذلك يؤدى إلى نجاح، ونفتقد هذه الثقافة فى مصر، ويصعب تحقيقها على المستوى القريب.
الدولة تدعم شباب الباحثين.. ولا بد من خطة للاحتفاظ بالعلماء وإعادة من سافروا إلى الوطن
كيف تقدم الدولة مزيداً من الدعم للعلماء وشباب الباحثين؟
- الدولة تبذل جهوداً بشكل ملموس، فتقدم منحاً لعمل دراسات فى الخارج، وزيادة التمويل المخصص للبحث العلمى، المشكلة الأساسية التى تواجه الدولة تتمثل فى توفير الإمكانيات التى توجه لهؤلاء الشباب الواعدين والمواهب العلمية، للاحتفاظ بهم فى مصر، وللأسف من يسافر غالباً لا يعود، فى ظل توافر فرص مهمة بالخارج، لذا لا بد من عمل خطة للاحتفاظ بالباحثين، وجذب من سافروا بالفعل للعودة للوطن والاستفادة منهم.
تنقلت بين أكثر من دولة.. كيف أثر ذلك على شخصيتك ومشوارك العلمى؟
- تعلمت فى اليابان ثم سافرت إلى أوروبا ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مستوى البحوث العلمية هناك متقدم للغاية، والجامعات التى عملت بها على درجة كبيرة من التقدم، وبالتالى كانت هناك فرص ليست بالقليلة للتعلم والتدريب على عمل بحوث متقدمة.
وعلى المستوى الشخصى فإن التعامل مع عقليات مختلفة والانغماس فى ثقافات متباينة غيّر من شخصيتى بشكل جوهرى، وعودتى لمصر كانت بدافع إفادة بلدى وتلاميذى بما تعلمته.
كيف كان لقاؤك الأول بالعالم المصرى أحمد زويل؟ وماذا تعلمت منه؟
- كنت أدرس بإحدى جامعات اليابان، وزارها الدكتور زويل قبل سنوات من فوزه بجائزة نوبل، لم يحالفنى الحظ أن أتحدث معه، لكن لمست تقدير الجميع له وترجيحهم فوزه بنوبل فى القريب العاجل، وفى عام 2012 بعد عودتى لمصر، سمعت عن مشروع مدينة زويل، وشعرت أنه الوقت المناسب لعمل شىء يفيد وطنى، فأرسلت له «إيميل» قصيراً عرّفته بنفسى، وأعربت عن استعدادى للمساعدة فى المشروع، وفوجئت فى صباح اليوم التالى باتصال من مكتب العالم الجليل، وتحدثنا معاً والتقينا فى مطعم وأمضينا ما يقارب الـ4 ساعات، وفى نهاية الحوار طلب منى الانضمام للمشروع، وتأسيس مركز دراسات الشيخوخة، وتعاونا بعدها.
وما الدروس التى استفدتها من «زويل»؟
- تعلمت منه الإصرار والتخطيط والاهتمام بالتفاصيل الصغيرة، فبخلاف شغفه بالعلم، كان عاشقاً لمصر، وهو ما يسهل ملاحظته فى كل ما يخصه، مكتبه متعلقاته، زياراته الدائمة لوطنه، اطلاعه وعشقه للفن خاصة أم كلثوم، وكانت لديه رغبة فى عمل شىء مختلف لبلده.
لُقبت بخبير الأمن الصحى.. ما المقصود به؟
- ليس هناك تخصص اسمه الأمن الصحى، لكنه يعنى أخذ الترتيبات والاستعدادات المختلفة، تحسباً لأى أخطار تهدد المجتمع، مثل الجوائح والأمراض المعدية، ونقص التغذية، وهى أمور لا يجب أن نتعامل معها كرد فعل، إنما نتخذ الإجراءات الاستباقية لتفاديها، ونعد استراتيجيات للتعامل معها.
هل مجتمعنا شاب.. وهل هناك حالات شيخوخة مبكرة لدى الأطفال فى مصر؟
- 60% من المصريين أعمارهم أقل من 40 سنة، ومعدلات الولادة مرتفعة، وبالتالى مجتمعنا يمكن وصفه بالشاب، لكن هناك مشكلات متعلقة بالحالة الصحية للمصريين، فنحن لسنا من الشعوب التى تتمتع بالنشاط البدنى، ولا نعتمد على الأكل الصحى، وهى أمور يجب العمل عليها.. أما بالنسبة للشيخوخة المبكرة فترجع لأسباب جينية، لكن ليس لدىّ علم بمدى انتشارها فى مصر.
نسمع كثيراً عن التوصل إلى علاج نهائى للسرطان.. هل هناك بارقة أمل؟
- لا أدعى أننا انتصرنا فى الحرب على السرطان، فهناك تغيرات كبيرة تحدث لمعدلات الإصابة بالمرض، نظراً لتغير طبيعة الحياة، وطول فترة العمر، وبالتالى ظهرت حالات عديدة للسرطان، والحديث عن الانتصار بشكل نهائى على السرطان غير صحيح، وإن كنا نسعى جاهدين للتوصل إلى طرق مبتكرة للتغلب عليه، وهناك علاجات مبشرة للغاية مثل العلاجات المناعية للسرطان.
ما الدور الذى يلعبه برنامج بيولوجيا الأورام بمستشفى 57357؟
- المستشفى لا يعتمد فقط على العلاج الإكلينيكى، إنما يهتم بالبحث العلمى والتعليم المستمر للأفراد العاملين به، إدارة المستشفى تؤمن أن البحث العلمى هو السبيل لتحسين حياة المرضى، ويقدم طرقاً مختلفة لفهم طبيعة الأورام السرطانية لدى الأطفال، وكيف نتعامل مع المرض ونبحث عن طرق لتحسين العلاج، فضلاً عن إعطاء الأمل فى إيجاد طرق جديدة للتعامل مع السرطان، وتغيير بروتوكولات العلاج المختلفة.
من بين عدد من التكريمات.. ماذا تمثل لك جائزة الدولة للتفوق فى العلوم؟
- أى باحث علمى لا يسعى إلى الجوائز وإنما إلى حل المشكلات، وإن جاء التكريم فأهلاً به، والجائزة أسعدتنى وكانت بمثابة الدافع للأمام لبذل مزيد من الجهد.
نشأت فى حى السيدة زينب.. كيف أثر ذلك على شخصيتك؟
- حى السيدة زينب أحد أجمل أحياء مصر، يتميز بالأصالة الشديدة، والتنوع فى الحالة الاقتصادية والاجتماعية لقاطنيه، والقرب من رحاب مساجد القاهرة القديمة يُشعر الفرد بإحساس مختلف للحياة، وتؤثر على الشخصية والارتباط بالوطن والأهل والثقافة، ويظهر ذلك جلياً أثناء الوجود خارج مصر، فيشعر الشخص بالحنين والافتقاد كثيراً لوطنه.. السيدة زينب نموذج لمصر الحقيقية، بها الطبقة المتوسطة والأقل منها، يحتفظ أهلها بسمات الشخصية المصرية الأصيلة؛ الكرم والشهامة.
عرّفنا أكثر على أسرتك الصغيرة؟
- أنا متزوج ولدىّ 3 أبناء، اثنان تجاوزا مرحلة الطفولة، وابنة صغيرة.
أنا مهتم بالسينما.. وعلاقتى بشقيقىّ «أحمد وعمرو» قوية.. وحديثنا خليط بين العلم والفن.. ونغنى أحياناً
من العلم للفن.. ما المشترك بينك وبين شقيقيك عمرو وأحمد سعد اللذين اقتحما عالم النجومية فى التمثيل والغناء؟
- علاقتى بهما قوية، وحديثنا خليط بين العلم والفن، فلديهما شغف كثير بالعلم، كما نتحدث كثيراً فى الفن.. نغنى أحياناً ونتحدث عن تاريخ الفن، ووالدى كان يمتلك حساً فنياً كبيراً، وأرى أن «أحمد» موهبة فذة فى الغناء، وكذلك «عمرو» يمتلك أدوات ومقومات قوية فى التمثيل، وأنا لدى شغف كبير بالفن ومهتم بالسينما وسماع الموسيقى، الكلاسيكية والمصرية.
أيهما أقرب فكرياً لك؟
- كلاهما يحبه القلب، ومن نعم الله علىّ، حتى مساحات الحوار وتبادل الأفكار موجودة مع كليهما.
مركز دراسات الشيخوخة
من خلال عملى فى أمريكا توصلنا إلى أدوية تطيل فترة العمر، والدكتور زويل كان يرى ضرورة وجود مركز متخصص لأبحاث الشيخوخة فى مصر، لأن فترة العمر الصحى للمصريين أقصر من أقرانهم فى العالم المتقدم من 10 إلى 15 عاماً، ما يظهر فى عدم القدرة على بذل الجهد، الاحتياج إلى الآخرين للمساعدة، لأسباب غير معروفة، فكان لا بد من وجود مركز متخصص يبحث فى تلك الأمور، ويجيب عن مختلف التساؤلات.