الدكتورة رانيا المشاط: معالجة 50% من مشكلة التضخم تتوقف على السلع الغذائية

كتب: إسماعيل حماد

الدكتورة رانيا المشاط: معالجة 50% من مشكلة التضخم تتوقف على السلع الغذائية

الدكتورة رانيا المشاط: معالجة 50% من مشكلة التضخم تتوقف على السلع الغذائية

أكدت الدكتورة رانيا المشاط وكيل محافظ البنك المركزى للسياسة النقدية أن الارتفاعات الأخيرة فى أسعار السلع فى السوق المحلية نجمت عن صدمات مؤقتة ولا تعبر حتما عن ارتفاع الطلب على السلع خاصة أن معدلات النمو بنهاية يونيو 2012 لا تزال عند مستوى 2%، فيما يمتلك الاقتصاد المصرى مقومات تحقيق معدلات نمو غير تضخمى تتجاوز 5%. وأضافت المشاط أن محاصرة الأسباب التى تؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية ستمكن الدولة من معالجة 50% من مشكلة التضخم، مشيرة إلى أن «المركزى» يقترح تشكيل لجنة تتضمن ممثلين من «المركزى» ووزارات الزراعة والصناعة والتموين والتجارة الداخلية والمالية والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، تستهدف آليات عملها الوقوف على أسباب التضخم والتنسيق فيما بينها لمحاربة ارتفاع معدلات التضخم. * ما الأسباب المؤدية إلى ارتفاع معدلات التضخم؟ - بصفة عامة الأسباب المؤدية إلى التضخم لها شقان أحدهما يتعلق بالعرض والآخر بالطلب فإذا كان هناك نمو فى الطلب بشكل سريع لا يوازيه المعروض من السلع بشكل كاف فإن ذلك يتسبب فى حدوث ارتفاع الأسعار وحدوث التضخم وهو ما تحاول السياسة النقدية بالبنك المركزى الحد منه، فيما تتمثل دوافع ارتفاع الأسعار وفقا للشق الثانى وحدوث التضخم فى نقص السلع نفسها، ويكون ذلك لعدة أسباب منها سوء التوزيع فى السوق المحلية والصدمات المؤقتة مثل أنفلونزا الطيور والحمى القلاعية وغيرهما. * ما أدوات البنك المركزى لمحاربة التضخم فى الحالتين؟ - فى السبب الأول يعمل البنك المركزى على محاربة التضخم وارتفاع الأسعار الناجمة عن زيادة نمو الطلب على معدلات النمو الاقتصادى غير التضخمى باستخدام أدوات السياسة النقدية المختلفة ومن بينها تحريك أسعار الفائدة على سبيل المثال، وتأخذ لجنة السياسة النقدية فى اعتبارها المتغيرات الاقتصادية المحلية والعالمية كل 6 أسابيع، وإعادة تقييم المخاطر المحيطة بالتضخم والنمو الاقتصادى وبناء عليه يتم العمل على خلق توازن بين تلك المخاطر ومن ثم تحديد أسعار الفائدة، وبينما السبب الثانى الذى ينجم عن نقص فى السلع أو الصدمات المؤقتة فإن التغلب عليه يتم باستخدام أدوات غير نقدية مثل زيادة الاستيراد فى فترة معينة أو وقف تصدير بعض السلع كما حدث فى وقف صادرات الأرز فى وقت من الأوقات لتلبية احتياجات السوق. وبشكل عام فإن «المركزى» يقوم بتحليل مستفيض لأسباب ارتفاع التضخم، لنشره بشكل شهرى للكشف عن كافة الأسباب التى تؤدى إلى ارتفاع الأسعار للمستثمرين والمواطنين بشكل مدقق وشفافية تامة، وبالتالى فإن «المركزى» وإذا استدعت الحاجة إلى محاربته عبر الأدوات النقدية فإن «المركزى» يقوم بذلك وبحث إمكانية التنسيق مع الجهات المختصة إن استدعت الحاجة لذلك. * هل ارتفاع بعض أسعار السلع فى الوقت الحالى يعنى وجود معدلات نمو تضخمية؟ - معدلات النمو الحالية تبلغ 2% وفقا لنهاية العام المالى المنتهى فى يونيو 2012، بينما يمتلك الاقتصاد المصرى إمكانات يستطيع من خلالها تحقيق معدلات نمو أكبر تتجاوز الـ 5% غير تضخمية، ولا يمكن تفسير ارتفاع الأسعار الحالية على أنه بسبب ارتفاع حجم الطلب لكنها الصدمات المؤقتة. * هل ترين أن الصدمات المؤقتة لعبت دورا قويا فى ارتفاع الأسعار خلال الفترة الماضية؟ - أغلب المشكلات التى أدت إلى ارتفاع أسعار السلع خلال فترة ما بعد الثورة تصنف على أنها صدمات عرض وهى تلك الأزمات التى شهدتها السوق المحلية فى أنابيب البوتاجاز خلال فترة الانفلات الأمنى بسبب صعوبة نقلها بين المحافظات، واللحوم بسبب الحمى القلاعية التى أدت أيضاً إلى ارتفاع سعر الدواجن بسبب ارتفاع الطلب عليها إثر تخوف المواطنين من اللحوم الحمراء فى ذلك التوقيت بخلاف الصدمات المؤقتة والموسمية التى تؤدى إلى ارتفاع أسعار الخضر والفاكهة. * تلك السلع ترتفع أسعارها من وقت لآخر فما الدليل على أنها صدمات مؤقتة؟ - الدليل أنها انتقلت من سلعة لأخرى ولم تشهد السوق موجة زيادة أسعار فى كافة المنتجات بشكل متزامن وأن ارتفاعات أسعار بعض السلع جاءت بالتبادل خلال فترة ما بعد الثورة ولم تتزامن جميعها فى آن واحد. * ما الدور الذى يلعبه البنك المركزى فى امتصاص تلك الصدمات المؤقتة؟ - قام البنك المركزى المصرى بتخفيض الحد الأدنى للغطاء النقدى إلى 50% لمدة 6 شهور على الاعتمادات المستندية بالبنوك الموجهة لتمويل بعض السلع المستوردة، خاصة تلك التى واجهت صدمات مؤقتة مثل اللحوم والدواجن بالإضافة إلى السكر عندما ارتفع سعره عالميا، ثم تم تمديد تلك الفترة ولا يزال العمل بتلك القرارات حتى الآن، ويتركز الهدف منها فى زيادة حجم واردات تلك السلع لزيادة المعروض منها فى السوق وخفض أسعارها. * البعض يتصور أن البنك المركزى هو المختص الوحيد بمحاربة الأسباب المؤدية للتضخم، فهل هناك جهات أخرى مختصة بذلك التوجه؟ - بالطبع هناك جهات أخرى مختصة بأسباب التضخم، ولا يقتصر الأمر على السياسة النقدية بالبنك المركزى فقط، إنما هو هدف قومى يجب أن تتكاتف حوله كافة الجهات المختصة الأخرى مثل وزارات المالية والتجارة الداخلية والصناعة والزراعة لضبط إيقاع السوق ومحاصرة أسباب ارتفاع الأسعار الناجمة عن نقص فى المعروض. * ما دور البنك المركزى فى تحقيق ذلك التكاتف؟ وكيف يمكن تحقيقه؟ - يقترح البنك المركزى تشكيل لجنة تضم ممثلين من «المركزى» ووزارات الزراعة والصناعة والتموين والتجارة الداخلية والمالية والجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وتستهدف آليات عملها الوقوف على أسباب التضخم والعمل على تنسيق السياسات المطلوبة سواء كانت مالية أو غيرها لخلق تكاتف لمحاربة ارتفاع التضخم، ومن المنتظر إقرارها قريبا، وبشكل عام فإنه إذا ما تمت محاصرة الأسباب التى تؤدى إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية فسيتم حل 50% من مشكلة التضخم. * أطلق البنك المركزى منذ فترة «المؤشر الأساسى» بخلاف «المؤشر العام» لقياس التضخم فما الهدف منه؟ - يشتق معدل التضخم الأساسى من الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين مستبعداً منه بعض السلع التى تتحدد أسعارها إدارياً بالإضافة إلى بعض السلع التى تتأثر بصدمات العرض المؤقتة، ولذا تتصف بأنها الأكثر تقلباً. ويعد البنك المركزى المصرى معدل التضخم الأساسى كمؤشر توضيحى وتكميلى ولا يمكن اشتقاقه دون الرقم القياسى العام المعد من قبل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، لذا لا يعتبر معدل التضخم الأساسى بديلا عن معدل التضخم العام، فيما يكمن الغرض الرئيسى منه فى إجراء تحليل دقيق للأسباب المؤدية إلى الزيادة فى الأسعار. * ما المقصود بالرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين؟ - الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين هو أحد مقاييس الأسعار التى يتم إعدادها ونشرها شهرياً من قبل الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء على موقع الجهاز على شبكة الإنترنت، ويصور ذلك الرقم التغير فى مستوى الأسعار للسلع والخدمات فى أسواق التجزئة كأحد المؤشرات الهامة لقياس التضخم. * وماذا يعنى «التضخم وفقاً للرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين»؟ - يمثل التضخم وفقاً للرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين ارتفاعاً عاماً فى مستوى أسعار السلع والخدمات خلال فترة زمنية محددة، حيث يعكس التضخم السنوى التغير فى مستوى الأسعار خلال شهر ما مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، بينما يمثل التضخم الشهرى التغير فى مستوى الأسعار من شهر لآخر، ومن ثم فإن معدل التضخم الشهرى يحتوى على التطورات الأخيرة التى تطرأ على مستوى الأسعار. * هل البنوك المركزية العالمية تقوم بنفس الإجراء؟ وكيف يحسب المركزى المصرى التضخم الأساسى؟ - يلجأ البنك المركزى المصرى مثل عديد من البنوك المركزية الأخرى إلى مقياس التضخم الأساسى مبنياً على طريقة الاستبعاد لسهولة فهمه وإمكانية فحصه والتحقق منه، وتقوم مقاييس التضخم الأساسى المحسوبة وفقاً لطريقة الاستبعاد بإزالة التأثير المباشر فى تقلبات أسعار بعض البنود التى لا تعكس ضغوطاً تضخمية مستمرة فى الاقتصاد، فى حين لا تستبعد الآثار الناتجة عن الزيادة الأولية فى أسعار السلع والخدمات المحددة إدارياً، والتى تنعكس على أسعار سلع وخدمات أخرى. * ما البنود المستبعدة من الرقم القياسى العام لأسعار المستهلكين لحساب التضخم الأساسى الذى يعده البنك المركزى؟ - الخضراوات والفاكهة وهى العناصر الغذائية الأكثر تقلباً، وتمثل 8.8% من السلة السلعية للمستهلكين، بالإضافة إلى العناصر المحددة إداريا وتمثل 19.4% من السلة السلعية أيضاً. ويهدف البنك المركزى من نشر مقياس التضخم الأساسى إلى تحسين معرفة الجمهور بديناميكيات التضخم، وبالتالى التقليل من انتقال أثر صدمات الأسعار المؤقتة إلى توقعات التضخم، الأمر الذى يقلل بدوره من التغيرات الحادة فى التضخم.