الحوار الوطني ونظم الانتخابات
طرح الحوار الوطنى فى الجلسة الخاصة بالملف السياسى مسألة اختيار نظام انتخابى تجرى على أساسه الانتخابات البرلمانية. أيدت نسبة كبيرة من المشاركين فى الحوار أن تجرى الانتخابات بنظام القائمة المطلقة، التى يصوت فيها المواطن لصالح قائمة تشمل كل المرشحين دون تفضيل أحد على الآخر. اعترض عدد من المشاركين على نظام القائمة المطلقة، وطالبوا بنظام آخر يكون معبّراً فى نتائجه بشكل أكبر عن الناخبين.
من رأيى أن النظام الانتخابى فى أى شكل يجب أن يترجم ويعبّر عن المجتمع بكل فئاته، وأن أفضل النظم الانتخابية ما يُجسّد توجّهات الناس السياسية والاجتماعية وآراءهم فى مقاعد تمثيلية داخل السلطة التشريعية.إن الانتخابات يجب أن تعبر نتائجها عمّا يمثله المواطنون سياسياً وجغرافياً وعقائدياً وعرقياً ودينياً واقتصادياً. الأمر الجوهرى فى الانتخابات أنه مهما كان النظام الذى تجرى على أساسه، يجب أن تتمتع إجراءاتها وتفاصيلها بأعلى قدر من النزاهة والشفافية، بحيث يشعر كل مشارك فيها، بالترشّح أو بالانتخاب، بالثقة الكاملة فيها وفى نتائجها.
وقبل الاستقرار على نظام انتخابى يجب أن يتمكن المشاركون فى اختياره من تقديم وجهات نظرهم وأفكارهم وإبداء آرائهم بحرية كاملة، لذلك لو جاء القرار على غير ما تمنى البعض، فإنهم يتقبّلونه، باعتبار أن اختياره تم بطريقة ديمقراطية، وهذا ما يجرى حسبما تابعت فى جلسات الحوار الوطنى الذى يلتزم بتنظيم للخروج بأفضل النتائج، حسبما تحرص الدولة على تحقيق الاستقرار وتطوير العملية السياسية.
يجب أن يراعى النظام الانتخابى تمثيل كل المواطنين دون استثناء، وأن يُفسح المجال لكل من تنطبق عليه الشروط الدستورية والقانونية بأن يمارس حقوقه بالترشيح أو الانتخاب، كما يجب أن يكون النظام الانتخابى بسيطاً يفهمه المواطنون بسهولة، بحيث لا يضطرون إلى التعامل مع عدة أوراق للاقتراع، ومن المهم تسهيل العملية الانتخابية، فلا يواجه المواطن زحاماً يثنيه عن الإدلاء بصوته ومغادرة مركز الاقتراع.إن أى نظام انتخابى يمكن تعديله حسب حاجة المجتمع والنظام السياسى، فالنظام الانتخابى جزء من المنظومة الدستورية والسياسية، ويجب أن يتوافق مع بقية مؤسسات النظام السياسى، بحيث تتكامل العملية السياسية ولا تتنافر.
كما أن النظام الانتخابى قد يختلف تطبيقه من دولة إلى أخرى، حتى لو كان النظام نفسه، فلكل مجتمع ظروفه ومفرداته وكتله السياسية والاجتماعية التى لا تتشابه مع الآخرين.بشكل أساسى يجب أن يكون النظام الانتخابى عادلاً، وأن يسمح للمعارضة مهما كان حجمها بالفوز بنسبة من المقاعد، حتى لا يلجأ المعارضون إلى ممارسة السياسة بطريقتهم خارج المنظومة. أما أنواع النظم الانتخابية فهى تتّخذ ثلاثة أشكال أساسية هى النظام الفردى والقائمة النسبية والقائمة المطلقة وفى إطار هذه الأشكال تتفرّع تفاصيل كثيرة تخص كل دولة. النظام الفردى يتنافس فيه المرشحون الأفراد ويفوز من يحصل على ما يزيد على 50% من الأصوات، ومن عيوبه أن بقية الأصوات تهدر ولا يتم التعبير عنها.
أما القائمة النسبية فهى تتيح للناخب أن ينوع اختياراته بما يتيح للأحزاب الصغيرة الفرصة للحصول على مقاعد، وفى الوقت نفسه يمكن اعتبار ذلك تشرذماً للأحزاب وإضعافاً للأحزاب الكبيرة وتصعيباً لعملية التشريع داخل البرلمان.
وفى نظام القائمة المطلقة يكون التصويت للقائمة الحزبية بأكملها. ويرى خبراء أنها تقوى الأحزاب السياسية وتتيح الفرصة لها بالسيطرة على عمليتى الترشيح والتشريع.