جمال بخيت: مصر «في طرفة عين» تنجز ما يقدمه الآخرون خلال سنوات

جمال بخيت: مصر «في طرفة عين» تنجز ما يقدمه الآخرون خلال سنوات
- الترابط بين المصريين
- التسامح
- الصبر
- الأخلاق والقيم والدين
- الترابط بين المصريين
- التسامح
- الصبر
- الأخلاق والقيم والدين
«المصرى حبيب متحمس»، «خبى الحكمة فى توب الحاوى»، «بنكتته يداوى بلاوى»، «وبيصبر على الجار السو»، على هذا النسق دأب الشاعر الكبير جمال بخيت على الاحتفاء بصفات الشخصية المصرية فى أعماله الشعرية والغنائية، راصداً أبرز صفات الشعب المميزة، بين شعوب العالم التى ارتبطت بالمنجز الحضارى للشعب المصرى.
وفى حواره لـ«الوطن» بمناسبة عيد ميلاد الجريدة الـ11 واحتفائها بالشخصية المصرية، رصد الشاعر الكبير خصائص الشعب المصرى وعلاقة هذه الخصائص بالتاريخ والجغرافيا على مر الزمان.
الشاعر الكبير: مفيش في مصر حاجة اسمها مسلمين ومسيحيين.. وأنصح بتدريس «فجر الضمير» بالمدارس
ما أبرز مواصفات الشعب المصرى من خلال رصدك للواقع فى أعمالك؟
- تتمسك الشخصية المصرية بقيم عُليا من بينها التسامح والترابط والصبر، وهى صفات متجذرة فى جينات المصريين منذ آلاف السنين، وأنا وكثيرون طالبنا بتدريس كتاب مهم وهو «فجر الضمير» للمؤلف الأمريكى جيمس هنرى برستيد، فى المراحل التعليمية المختلفة، لأن هذا الكتاب يرصد مراحل التطور التى مر بها الإنسان من البدائية إلى التحضر، وهناك مرحلة فاصلة أو انتقالية من البدائية إلى التحضر، وأصبح لدى هذا الإنسان قيم عليا وأخلاقيات لضبط الغرائز، لخصها المؤلف فى كلمة «الضمير»، وقال إن هذه النقلة حدثت فى مصر، فى مجال الأخلاق والقيم والدين والفلك والعلوم والفنون وضعتها الحضارة المصرية منذ فجر الحضارة، وجزء من هذه القيم التى وضعتها الحضارة المصرية هى الترابط، ونظام الأسرة والجيش والوطن والدفاع عنه والتضحية ونظام الرى.
ما رأيك فى تقسيم المصريين حسب الدين مسلمين ومسيحيين؟
- هذه تقسيمة غبية للشعب المصرى ومفيش حاجة اسمها مسلمين ومسيحيين فى مصر، لدينا مصريون، لا يوجد بينهم اختلاف فى سلوك أو قيم، والشواهد كثيرة فى أحداث كبرى، حتى إن المندوب السامى البريطانى فى مصر أيام الاحتلال كتب مذكراته، قال فيها إنك لا تعرف المصريين من بعض سوى أن بعضهم يصلى فى الجامع والبعض الآخر فى الكنيسة، وأنا ضد تعبير «عنصرى الأمة»، فالأمة عنصر واحد، كنا نعبد آمون، ثم جاءت المسيحية ودخلها المصريون ثم الإسلام فصرنا مسلمين، ونحن أهدينا إلى العالم فكرة الإيمان بالخالق، والترابط جين أصيل، والمصرى يميل إلى أن يرتبط بجماعة محبة ومسالمة، ومحب للطبيعة والضحك، وقياساً بما يحدث فى دول العالم من حولنا لكنا انفرطنا، وهناك دول وإمبراطوريات اختفت من على الخريطة، ومصر باقية بفضل هذا الانسجام والترابط بين أبناء شعبها.
مصر بها «هدير حضاري» وتستقبل الوافدين بشكل طبيعي.. و«لو ماعملتش كده تبقى بتخاصم نفسها»
وبمَ تفسر مواقف المصريين تجاه الوافدين من الخارج؟
- استقبال مصر للأشقاء العرب وأبناء الجاليات الأجنبية ليس جديداً على مصر، بل هو حدث يتكرر ومنذ آلاف السنين، حتى إن من يأتى إلينا يدخل فى النظام المصرى، ويصبح بعد فترة مصرى الهوى، مكان مصر المتوسط بين الشرق والغرب جعلها ملتقى قارات العالم القديم منذ آلاف السنين، والتاريخ قال لكى تحتل العالم لا بد أن تحتل مصر أولاً، حتى الغزاة بعضهم استقر واستوطن فى مصر منذ عهد الإسكندر الأكبر، وذلك لأننا بلد فيها هدير حضارى، وعلى هذا الهدير استقبال الوافدين، حتى إن الغزاة استوطنوا مصر، والسر يعود إلى أنه بلد متوسط فيما يخص موقعه وطبيعته وأجواءه ولون بشرة أبنائه، وليس به تطرف، وكل قادم له يمكنه التأقلم، حتى إنها آوت الفارين من الاحتلال فى بلادهم ومن أحداث الجفاف فى مواطنهم الأصلية، ومصر بقوة حضارتها تمكنت من امتصاص هذه الثقافات.
وبعد هذا الميراث الكبير.. ما الذى يميز الشعب المصرى فى العصر الحالى؟
- مصر تأتى فى طرفة عين بما لم تأتِ به أمم أخرى فى آلاف السنين، وتشهد بها أحداث الحروب فى العصر الحديث فى 1967 و1973، فلم تعرف تسجيل محضر واحد فى قسم بوليس «خبى الحكمة فى توب الحاوى»، والاهتمام بالتفاصيل تفرق بيننا وبين شعوب أخرى، الشعب المصرى هو الذى ابتدع للكون حضارة تهتم بأدق التفاصيل، من 7 آلاف سنة، لو نظرنا إلى محتويات المعابد، والباقى منذ آلاف السنين على هذا القدر من الدقة، لم يسبقنا إليها أحد، والمصريون القدماء أسسوا علوم الهندسة والفلك، والتى تقوم على ملايين التفاصيل الدقيقة ولا نجد غلطة واحدة فى سيمترية التماثيل التى تذخر بها متاحفنا ومعابدنا ولا الألوان التى كونت البناء الحضارى العظيم وباقية إلى الآن.
لكن البعض يرى أن هذه الصفات تكاد تتلاشى فما رأيك؟
- قلت من قبل إن لدينا مشروعاً عبقرياً فى تاريخ مصر الحديث، وهو «100 مليون صحة» لكن لن يكتمل أثره إلا بمشروع موازٍ اسمه «100 مليون وعى»، للحفاظ على منجزات الدولة وتحقيق نهضة شاملة، فلدينا إنجازات حدثت منذ 2014 إلى الآن تصل إلى حد المعجزات فى البنية التحتية والطرق والمدن الجديدة والقضاء على العشوائيات، لكن المواطن يلزمه خطة موازية لتنمية وعيه.
ما دور الثقافة والفنون فى تنمية الوعى؟
- نتذكر أن الرئيس السيسى استوقف الفنانين يسرا وأحمد السقا فى إحدى المناسبات وقال لهما «ربنا هيسألكم عن اللى بتقدموه»، للتأكيد على دور الفن فى النهوض الحضارى، وبعدها أجرى الرئيس مداخلة مع عبدالرحيم كمال على الهواء، فى تأكيد على الرسالة السابقة، وتنمية فكر المواطن مهمة تشترك فيها كل الوزارات، من خلال خطة وأهداف وأشخاص مناسبين، فالمواطن حالياً يمكن تغييره بالفن والثقافة فى وقت قصير، وفى الخمسينات والستينات عندما تم إسناد الأمر لأهله، وتولى د. ثروت عكاشة وزارة الثقافة عشنا مرحلة «إدى العيش لخبازه» فأنشأ الكونسرفتوار، واستدعى زكريا الحجاوى لإنشاء مسرح الفنون الشعبية وغيرها من المشاريع الثقافية الباقية إلى الآن، ولما أرادت الدولة عمل تليفزيون اختارت عبدالقادر حاتم فخرج التليفزيون كما يجب.
الأشقاء السودانيون
استقبال الأشقاء السودانيين طبيعى جداً، وهم موجودون فى مصر من قبل الأحداث الأخيرة ومصر لن تفعل غير ذلك، ومهمتها التعامل بشكل صحيح مع ملف السودان، ومصر أول دولة قالت إن ما يحدث فى السودان يجب أن يظل شأناً داخلياً تفادياً لتدخل أطراف دولية فى الشأن السودانى، وأى جالية أهلاً وسهلاً بها فى مصر.