«الوطن» 11 عاما كتفا بكتف مع الوطن.. جريدة وُلدت من رحم الأزمة لتعبّر عن أحلام شعب عظيم وتطلعات أمة قوية

كتب: حسام حربى

«الوطن» 11 عاما كتفا بكتف مع الوطن.. جريدة وُلدت من رحم الأزمة لتعبّر عن أحلام شعب عظيم وتطلعات أمة قوية

«الوطن» 11 عاما كتفا بكتف مع الوطن.. جريدة وُلدت من رحم الأزمة لتعبّر عن أحلام شعب عظيم وتطلعات أمة قوية

كان المشهد متأزماً ومرتبكاً، الملامح باهتة، وكل السيناريوهات ضبابية.. الشعب منهك وأعياه البحث عن الاستقرار وكل زاده الأمل فى غد أفضل، والبلاد تمرح فيها الفتنة وتحول الأمر إلى ما يشبه القنبلة الموقوتة خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية.. كان وجود الدولة بين عامى ٢٠١١ و٢٠١٣ مهدداً، والبلاد تقف على حافة الهاوية، وقد تراجع دورها وانشغلت عن الدنيا بذاتها، فأوضاعها الاقتصادية يُرثى لها وصارت على وشك الإفلاس، وسياسياً تنازعتها القوى بين ثوار ونشطاء وعملاء ومتآمرين، واجتمع عليها الحلفاء والفرقاء من أحزاب وتيارات شعبية ويسارية إلى قوى ليبرالية إلى جماعات وتنظيمات إسلامية.

وفى خضم هذا المشهد المعقد وُلدت جريدة «الوطن»، وخرجت إلى نور النور من رحم الأزمة فى أبريل ٢٠١٢، لضبط البوصلة وتصحيح الاتجاه وكشف الحقائق وتجميع الفرقاء والتعبير عن أحلام شعب عظيم وتطلعات أمة قوية.

١١ عاماً خاضت «الوطن» خلالها آلاف المعارك بشرف، من أجل الحقيقة، وحتى تكون صوتاً للشعب ومعبراً عن نبضه، التزمت الحياد، وانتصرت للوطن الأكبر، حتى كرهها المتربصون، أراد الإخوان أن يحرقوها فى مهدها، كما حاولوا إحراق مصر من شرقها إلى غربها، أضرموا النار فى مقرها ليلاً وطاردوا صحفييها نهاراً، اعتدوا عليهم فى الشوارع، وتوعدوا قياداتها على الشاشات ووضعوهم على قوائم الاغتيالات، فعاشت «الوطن» واحترقت جماعتهم الإرهابية.

ومن الإخوان وعهدهم البائد إلى ثورة ٣٠ يونيو وبداية الجمهورية الجديدة، خاضت «الوطن» نصف عمرها الآخر، مقاتلةً فى معركة الوعى، تُعبر عن المصريين وتُعبر لهم، آمنت بالإصلاح الاقتصادى، وواجهت الشائعات، وعايشت المشروعات القومية الكبرى، التى غيرت وجه البلاد فى كافة المجالات، ورصدت الاستقرار والأمن ينبتان من جديد فى ربوع الوادى.. ١١ عاماً وبوصلة «الوطن» فى اتجاهها الصحيح لا تعرف قِبلةً غير الوطن الأكبر.

الجريدة واجهت الإخوان واعتداءاتهم وتحدَّت إرهابهم بكل صلابة

انطلقت صحيفة «الوطن»، فى لحظة استثنائية، وسط دولة تموج بالتغيرات عقب أحداث 2011، ففى أبريل 2012 كانت انطلاقتها، قبل أسابيع من صعود جماعة «الإخوان الإرهابية» إلى سدة الحكم، لتقف بسلاح القلم مع الشعب فى مواجهة فاشية وميليشيات وعناصر تهدد الهوية المصرية.

صمدت تجاه اعتداء الجماعة الإرهابية على مقرها ومحاولة حرقه والتهديد بقتل الصحفيين

ودفعت «مؤسسة الوطن» ثمن جرأتها وفضح جماعة الإخوان الإرهابية، والتعبير عن رأى الشارع ونقل الأحداث والصورة الحقيقية فى عام حكم الإخوان للقارئ، بأن كانت فى مرمى نيران إرهاب الجماعة بالاعتداء على مقرها ومحاولة حرقه والتهديد بقتل الصحفيين، حيث حاولت عناصر الإخوان الإرهابية أكثر من مرة الاعتداء على مقر الجريدة وصحفييها فى أماكن عملهم.

وفى ديسمبر 2012، توجهت أعداد كبيرة من أنصار الشيخ حازم أبوإسماعيل، إلى مقر الجريدة لمحاصرته، بعد سلسلة اعتداءات على أكثر من مقر جريدة أخرى فى اليوم نفسه، وفى يوم 8 مارس 2013 «مينى باص» يحمل عدداً من «المجهولين»، اقتحموا المقر وأشعلوا النيران فيه بعد أن قاموا بالاعتداء على أمن الجريدة وإفراغ طفايات الحريق حتى لا يتمكن الموجودون فى المبنى من إخماد الحريق، لتتمكن النيران من الطابقين الأول والثانى بالكامل، بخسائر مادية فقط طالت قرابة مليون جنيه.

ولم تقتصر الاعتداءات على مقر «الوطن» فحسب فى تلك المرحلة، وإنما امتد الأمر إلى ملاحقة مصورى الجريدة أثناء أداء عملهم فى تغطية الفعاليات والمظاهرات التى ملأت شوارع مصر آنذاك، وهو ما حدث للزميل «محمد نبيل» فى مارس من عام 2013، أثناء تغطية إحدى الفعاليات أمام مقر الإرشاد لجماعة الإخوان الإرهابية بالمقطم، كما سرب بعض المعتدين على الزميل عنوان منزله وأرقام هواتفه.

بعد شهر ونصف من واقعة إشعال الحريق فى مبنى «الوطن»، وتحديداً فى السادسة من مساء يوم 29 أبريل 2013، وقعت مشاجرة مفتعلة بين أحد عاملى توصيل الطعام وأمن الجريدة، هاجم بعدها على الفور مجموعة كبيرة من الأشخاص المجهولين مقر الجريدة وحاصروه وبدأوا فى إلقاء الحجارة على المبنى من الخارج، ليردد محاصرو الجريدة وقتها تهديدات باقتحامها مرة أخرى قائلين: «هى دى الجريدة اللى بتهاجم الإخوان ولازم نحرقها»، وتأتى بعد ذلك محاولات الأمن لفض المتظاهرين من أمام المقر، استمرت أكثر من ساعتين احتجز فيهما ما يزيد على 100 صحفى من صحفيى جريدة «الوطن» داخل المقر.

الجريدة كانت في مقدمة الداعمين لحركة «تمرد» الشبابية لجمع 15 مليون توقيع لسحب الثقة من محمد مرسي

وكانت الجريدة فى مقدمة الداعمين لحركة تمرد الشبابية، منذ تأسيسها فى 26 أبريل 2013، وهدفها الرئيسى هو جمع 15 مليون توقيع من الشعب المصرى، لسحب الثقة من محمد مرسى، وإسقاط شرعيته، التى سقطت بالفعل، وخلال تلك الفترة واجهت الصحيفة جماعة الإخوان وإرهابها بشجاعة فى الفترة العصيبة التى عاشتها مصر فى فترة حكم الجماعة الإرهابية.

وفتحت «الوطن» مقرها لعقد مؤتمرات «تمرد»، وكذلك إفراد مساحات عبر صفحاتها فى الجريدة وموقعها الإلكترونى لنشر أخبار الحركة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على انتهاكات الجماعة الإرهابية فى الشوارع والميادين فى حق المتظاهرين السلميين.

وتمكنت «الوطن» من فضح جماعة الإخوان الإرهابية برصد انتهاكاتها فى حق المتظاهرين، وكانت فى مقدمة تلك الأحداث مذبحة الاتحادية التى سقط فيها مواطنون مصريون بسبب الهجوم المسلح لجماعة الإخوان الإرهابية، وانفراد «الوطن» بسلخانة الإخوان حينها، واستجواب المتظاهرين بعد ممارسة أكثر أنواع التعذيب.

استضافت مؤتمر حركة تمرد صبيحة 3 يوليو قبل ساعات قليلة من الإعلان عن خارطة الطريق

وبعد نجاح ثورة 30 يونيو، التى انتهت بعزل محمد مرسى، ومضى مصر فى خارطة الطريق، لم تنسَ عناصر جماعة الإخوان الإرهابية، أن جريدة «الوطن» كانت المقر الذى انعقد فيه مؤتمر حركة تمرد صبيحة يوم 3 يوليو 2013، قبل ساعات قليلة من الإعلان الرسمى عن خارطة الطريق.

وفى 6 أكتوبر 2013، تجمعت أعداد كبيرة أمام مقر الجريدة وقاموا بمهاجمته بعدد كبير من الألعاب النارية، مع سيل من السب والقذف على الجريدة وصحفييها، واستمر هذا المشهد لأكثر من عام، وكأنه واجب وطنى، يقوم به أنصار الرئيس المعزول أسبوعياً أمام مقر الجريدة، ما اضطر القائمين على المقر وقتها إلى عمل ممر طوارئ من جراج المبنى ليخرج منه الصحفيون فى الحالات الحرجة، وتحسباً لأى ظروف طارئة قد تحدث.

 


مواضيع متعلقة