«قالوا الصبر».. صفة تكشف قوة الشعب في مواجهة الأزمات: «موجود في جينات المصريين»

كتب: أحمد الأمير

«قالوا الصبر».. صفة تكشف قوة الشعب في مواجهة الأزمات: «موجود في جينات المصريين»

«قالوا الصبر».. صفة تكشف قوة الشعب في مواجهة الأزمات: «موجود في جينات المصريين»

الصبر فى حياة المصريين صفة موروثة وموجودة فى جيناتهم عبر الأجيال وحاضر على مر تاريخهم الكبير فى العديد من المواقف والشدائد، وعلى الرغم من ذلك لم تغب الابتسامة والضحك والسخرية وروح الفكاهة عن وجوه المصريين فى أحلك الظروف المحزنة، وهو مستوى رفيع من الصبر.

أستاذ علم اجتماع: لولاه لسقط المجتمع

يؤكد الدكتور على عبدالرازق جبلى، استاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، أن تمسك المصريين بصفة الصبر يخلق الثقة والحسم والنظرة المدروسة للحياة ويقود المجتمعات للحكمة والنجاح، ولولاه لسقطت، وأهم ما يميزه ويجعله قيمة فى المجتمع هو ارتباطه بعملية مهمة جداً على المستوى النفسى وهى التباطؤ الإيجابى الذى يحسن القدرة على التذكر والمواجهة.

وكشف «جبلى» أن التمسك بالصبر ضرورة لازمة للإنسان إذا تحلى به على المستوى المادى والمعنوى والدينى سيكون له أثر إيجابى كبير على المجتمعات التى غالباً ما تحقق آمالها وتنجح مقاصدها بمفهوم الصبر ولا يؤتى جهد ثماره إلا بالصبر وكلما تمسكت المجتمعات بفن التحلى بالصبر أصبحت حياتها أسهل وأكثر سلاماً، لذلك فهو من الصفات التى يمكن أن نكتسبها ونطورها فى أى وقت وليست مرتبطة بالتنشئة أو مقتصرة على أعمار صغيرة لأن الصبر خاصية حيوية تُكتسب بالمواقف.

وأشار أستاذ علم الاجتماع إلى أن المصريين معروفون بقدرتهم على الصبر بالفطرة التى تميزهم عن شعوب العالم، وبالنظر إلى تاريخ التحديات على مستوى الحروب فى العصر القديم والحديث نجد المصرى هو الإنسان الوحيد الذى ينبض وطنية بوضوح شديد وقت الأزمات، وكان آخرها ما شهدته مصر خلال الـ12 عاماً الأخيرة التى شهدت فترة عصيبة فى فترة جماعة الإخوان الذين تعمدوا إشاعة الفوضى فى البلاد ومحاولة نشر أفكارهم المسمومة كان الشعب المصرى لها بالمرصاد بعد أن شاهدها، وأوقف هذا العبث بعد صبر طويل وخرج فى ثورة 30 يونيو منتفضاً ضد ما يحدث من كوارث وفوضى ومحاولات لهدم مؤسسات الدولة.

وأوضح «جبلى» أنه بخلاف الحروب والأزمات السياسية والاقتصادية على مر التاريخ ظهر معدن الشعب المصرى واتضح تمسكه بالصبر والتصدى للأزمات حتى فى أوقات انتشار الأوبئة والأمراض، وآخرها جائحة «كورونا» وكان المصريون بجميع طوائفهم على قلب رجل واحد فى حالة تكاتف لعبور الأزمة من خلال مبادرات فردية وجماعية، والمتتبع أكثر لكل الأزمات التى تعرض لها المصريون على مدار تاريخهم منذ عهد المصريين القدماء وحتى اليوم سيجدهم شعباً صلباً وصامداً فى مواجهة أى أزمة يتعرض لها.

من جانبها قالت نيرة مصطفى الباحثة فى الأنثروبولوجيا، إن الشعب المصرى لديه ثقافة متجذرة فى معنى الصبر وما زال يحتفظ بها فى ذاكرته بمضمونها الاجتماعى وسياقها السردى والأمثال الشعبية المرتبطة بها «اللى يصبر على الخير يلقاه» وهى طبيعة المصريين التى تعبر عن سياقات اجتماعية تثنى على صفة الصبر وتقلل من فكرة الاستعجال وهى عادات وتقاليد ترتبط بالتاريخ والماضى بصفة عامة وتحولاته وتأثيره فى الشعب المصرى بناء على التجارب والأحداث من زمن بعيد واجه فيها مواقف تطلبت التحلى بالحكمة والصبر.

 باحثة أنثروبولوجي: متعلق بمكتسبات نفسية أو إنسانية لقبول الواقع

وأكدت فى تصريحات خاصة لـ«الوطن» أن مسألة الصبر من وجهة نظر الأنثروبولوجيا متعلقة بمكتسبات نفسية أو إنسانية لقبول الواقع ولا يعنى ذلك الاستسلام للظروف بل بالعكس التفكير بجدية كيف يمكن التخلص منها، بل التعامل معها ببساطة وذكاء، فتقبل الواقع لا يعنى على الإطلاق التخلى عن الأزمات والمشاكل والدليل أن الشعب المصرى المتأثر بهذا المفهوم من جوانب دينية وعادات وتقاليد نراها فى حالة السخرية التى يندمج فيها المصريون بطبيعتهم، على سبيل المثال رأينا العالم مرعوباً من جائحة كورونا واستقبلناها كمصريين بالكوميكس والميمز، وهى طبيعة ربما أصبحت جينية وشكلاً من أشكال الوقوف أمام الأزمة والصبر على البلاء حتى يأتى الخير، كما جاء فى هذا المثل الشعبى.

 


مواضيع متعلقة