رسائل الإمام الشافعي.. احترام وتقدير العلماء والوفاء لهم في حياتهم ومماتهم

رسائل الإمام الشافعي.. احترام وتقدير العلماء والوفاء لهم في حياتهم ومماتهم
حمل الإمام الشافعى فى نهجه الأخلاقى العديد من الرسائل، من أهمها احترام العلماء وتوقيرهم، والوفاء لهم فى حياتهم وبعد مماتهم، وهو الأمر الذى حرص الإمام الشافعى على الأخذ به فى حياته وجعله منهجاً ليسير عليه كل من خلفه.
حفظ مكانة «مالك وأبى حنيفة» رغم الخلاف الفقهي.. وأحيا علم الليث بن سعد
فى مكة والمدينة وبغداد، كانت الرحلة الأولى لـ«الشافعى»، التقى فيها من الأئمة مالكاً وأبا حنيفة، ورغم اختلافه الفقهى معهما بعد ذلك إلا أنه حفظ لهما مكانتهما، وظهر ذلك خلال أحداث مسلسل «رسالة الإمام»، وأكد الشافعى أن مالكاً وأبا حنيفة عالمان كبيران ومن فقهاء الإسلام الذين حفظوا العلم، ولم يمنعه ذلك من الاختلاف معهما بحسن أدب وعدم إساءة.
وظهر توقير «الشافعى» للعلماء بشكل واضح عندما أصر عند مجيئه إلى مصر على أن يكون أول ما يفعله هو زيارة قبر الفقيه الليث بن سعد، أحد علماء مصر، الذى وصفه «الشافعى» بأنه كان «بحراً فى العلم».
وظهرت صفة الوفاء فى شخصية الإمام الشافعى خلال أحداث الحلقة الثالثة من «رسالة الإمام»، حيث أظهرت حرص الإمام على زيارة قبر الليث بن سعد، برفقه أحد الأشخاص ممن كانوا فى انتظاره عند وصوله أرض الفسطاط «مصر» عام 198 هجرية، 814 ميلادية، وهو القاسم عبدالرحمن بن عبدالله بن عبدالحكم، مؤرخ من أهل العلم بالحديث، وجسد دوره الفنان «جمال عبدالناصر».
ولقى الإمام الشافعى ترحيباً كبيراً بمجرد وصوله إلى مصر، رغم أن أهلها كانوا يتحدثون اللغة العامية آنذاك، وتفاجأ «القاسم» بطلب «الشافعى» ورغبته الشديدة فى زيارة قبر الليث بن سعد، قبل أن يستريح من عناء سفره، ليلبى رفيقه الطلب ويزوران قبر «الليث»، الذى وُلد فى مصر فى قرية قلقشندة فى محافظة القليوبية بدلتا مصر، وهو من أسرة أصلها فارسى، وكان الليث بن سعد يلقب بـ«شيخ الإسلام» لأنه فاق فى علمه وفقهه الإمام مالكاً فقيه المدينة المنورة، فضلاً عن وصوله إلى درجة من العلم والحكمة أدت إلى أن والى مصر وقاضيها وناظرها كانوا يستمعون إلى مشورته ورأيه فى القرارات المهمة، كما عُرف عنه أنه كان ذا ثروة كبيرة ويُطعم الناس عسل النحل فى الشتاء، وسويق اللوز فى الصيف، ورغم ذلك كان يأكل الخبز والزيت فقط.
وخلال الحلقة الثالثة من المسلسل، ظهر «الشافعى» واقفاً وإلى جواره «القاسم»، وهما يتبادلان الحديث، إذ يؤكد «القاسم» أهمية مكانة الليث بن سعد قائلاً: «رحم الله الإمام الليث لقد كان مقصداً لكل من يحتاج فى مصر، وكان منارة للعلم والكرم والجود، وله فى أعناقنا والله فضل عظيم»، لتكون هذه الجملة بداية حوار بين الإمام وصديقه، وكان هذا الحوار محور احتفاء الكثيرين من متابعى المسلسل عبر مواقع التواصل الاجتماعى، حيث وصفوه بـ«الحوار العظيم»، إذ دار الحديث فيه عن تركة الليث بن سعد من العلم، وتوضيح حقيقة تدوين تراثه من عدمه.
قناعة الشافعي بضرورة التدوين
وكشف الحوار عن قناعة «الشافعى» بضرورة التدوين، والاعتماد فى نشر العلم على الكتب للحفاظ عليه، إذ أجاب «ابن عبدالحكم» على «الشافعى» عندما سأله عن كتب الليث بن سعد، وما تم تدوينه منها، بأن كل عيون الليث محفوظة فى القلوب، وأن الحافظين يحدثون بها الناس فى حلقات العلم، فما كان من «الشافعى» إلا أن قال له إن القلوب وحدها لا تكفى، وبدأ يتقصى علمه بالبحث عن الرسائل التى كان يتبادلها الإمامان مالك والليث بن سعد.
وأظهر مسلسل «رسالة الإمام» حرص «الشافعى» على الاحتفاظ بالعلم وتقديره الشديد لآراء من سبقوه من علماء الأمة، حيث بدأت أحداث الحلقة العاشرة بمشهد النيران الشديدة فى حجرة الإمام الشافعى وتأكل النيران بعضاً من كتبه، لتصرخ أسرة «الشافعى» بصوت يملأه الخوف الشديد مسرعة لإيقاظ «الشافعى» لإنقاذها من الحريق، فينجح «الشافعى» فى اطفاء النيران رغم أنه كان يلتقط أنفاسه بصعوبة شديدة إثر الحريق، متسائلاً عن تَرِكة الإمام الليث بن سعد؟ قائلاً بصوت عالٍ: «الكتاب، الكتاب» ليطمئن أن الكتاب الذى تعب فى تدوينه لم تمسه النار بشىء.