رئيس شركة «ميتا»: يمكن للميتافيرس أن يحدث تغييراً جذرياً في التعليم

رئيس شركة «ميتا»: يمكن للميتافيرس أن يحدث تغييراً جذرياً في التعليم
قال رئيس شركة ميتا الشؤون العالمية، نِك كليج، إنه بإمكان ميتافيرس أن يحدث تغييراً جذرياً في التعليم، بعدما قامت التقنيات الرقمية بإحداث تغيير جذري بمنظومة التعليم على مدى العقدين الماضيين.
وأضاف في تقرير فني: «أنا في الخمسينيات من عمري، وحين كنت أرتاد المدرسة كان الشيء الأكثر تقدماً من الناحية التكنولوجية في الفصل هو الآلة الحاسبة التي يمكن وضعها في الجيب، الآن أصبحت أجهزة الـ iPad والأجهزة اللوحية الأخرى شائعة».
وتحتوي المتاحف والمعارض في جميع أنحاء العالم على شاشات مدمجة وعناصر تفاعلية تعمل باللمس، وقدمت تطبيقات مثل Duolingo تعلم اللغة إلى الهواتف الذكية، وحقيقة فإن هذه الأشياء سرعان ما أصبحت أمراً اعتيادياً هي شهادة على السرعة التي قمنا بها بدمج التقنيات الجديدة بسلاسة في حياتنا».
استمرارية العملية التعليمية أثناء الجائحة
وتابع قائلاً: «لكن هناك حدود للتقنيات ثنائية الأبعاد، بينما حافظت أدوات التعلم عن بعد على استمرارية العملية التعليمية أثناء الجائحة، يمكن لأي شخص لديه أطفال مراهقون أن يشهد على حقيقة أنها كانت في كثير من الأحيان تجربة محبطة، كان من الصعب إبقائهم منشغلين لفترات طويلة بينما يتفاعلون مع شاشة مسطحة، كانوا يفتقرون إلى ذلك الشعور الحيوي بالحضور والتواجد عبر التفاعل مع المعلمين وزملائهم في الفصل في مساحة مشتركة.»
وأشار إلى امتداد ميتافيرس عبر مجموعة من التقنيات، بما في ذلك معدات رأس الواقع الافتراضي التي تنقلك إلى بيئات جديدة تماما، ونظارات الواقع المعزز التي ستعرض يوماً ما صوراً ينتجها الكمبيوتر وتسقطها على العالم من حولك، وتجارب الواقع المختلط التي تمزج بين البيئات المادية والافتراضية.
الواقع الافتراضي يمكن أن يحسّن الفهم
وأشار إلى أن الدراسات الأكاديمية وجدت أن الواقع الافتراضي يمكن أن يحسّن الفهم، واسترجاع المعلومة، ومشاركة الطلاب، والانتباه، والتحفيز، بشكل إيجابي.
وواصل قائلاً: «هذا ما يجعل إمكانيات التعلم في الميتافيرس مثيرة للغاية، بدلاً من إخبار الطلاب عن الديناصورات التي جابت شبه الجزيرة العربية منذ ملايين السنين، يمكنهم السير بينها، يمكن بناء مختبرات العلوم وتعبئتها بالمعدات التي لن تتمكن معظم المدارس من تحمل تكاليفها، يمكن لطلاب الطب ممارسة الجراحات المعقدة دون المخاطرة بالمرضى أو أنفسهم.»
الشرق الأوسط في طليعة هذه التقنيات
ولفت إلى أن الشرق الأوسط في طليعة هذه التقنيات، حيث وضعت العديد من حكومات المنطقة التكنولوجيا والابتكار في صميم جدول أعمالها، وعلى سبيل المثال، لدى دبي استراتيجية لإضافة 40 ألف وظيفة و4 مليار دولار إلى اقتصاد الإمارة على مدار خمس سنوات، وفي المملكة العربية السعودية، أطلقت ميتا أول أكاديمية للميتافيرس في المنطقة، بهدف تدريب 1000 شخص في 18 شهرًا.
وأوضح أن في أكاديمية جيمس العالمية في دبي، يستخدم طلاب الصف الثاني معدات رأس الواقع الافتراضي لاستكشاف الأعمال الفنية المعروفة عن قرب وبتفاصيل فائقة، موضحاً أن تجربة لوحة «ليلة مرصعة بالنجوم» تسمح لهم بالتفاعل مع لوحة فان جوخ الشهيرة في عالم ثلاثي الأبعاد غامر تماماً، بدلاً من مجرد مراقبة لوحة مسطحة وثنائية الأبعاد، يمكن للطلاب المشي في شوارع سان ريمي المرسومة بأسلوب فان جوخ الانطباعي المميز.
الفجوة التعليمية هي أزمة عالمية
وأشار رئيس شركة ميتا الشؤون العالمية إلى أن أحد الموضوعات التي ظهرت مراراً وتكراراً هو المساواة بين الأطفال من خلفيات فقيرة، لافتا إلى أنهم يتخلفون عن الركب، ويبقون خلف أقرانهم الأكثر ثراءً، وهي مشكلة معقدة واجهتها مراراً وتكراراً عندما كنت نائباً لرئيس الوزراء في المملكة المتحدة، وهذه الفجوة التعليمية هي أزمة عالمية، كما يتضح من برنامج تقييم الطلاب الدوليين التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث تشير التقارير إلى وجود نمط من التلاميذ الأكثر فقراً الذين يتخلفون عن أقرانهم الأكثر ثراءً في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في الشرق الأوسط.
وعن المزايا، قال إنه «ليس من الصعب تخيل فوائد التحرر من قيود الزمان والمكان. ستتمكن الكليات في المناطق المحرومة من التعاون مع الأشخاص والمؤسسات التي قد تفصلها عنها مسافة كبيرة. يمكن لمعلم متميز التدريس في مدرسة محرومة على بعد 100 ميل. يمكن لنظام مدرسي يعاني من نقص في المعلمين في مادة معينة أن يوظفهم من أي مكان في البلاد لتدريس الفصول.»
يتيح فرصاً أقوى للطلاب الطموحين للتعلم
وأشار إلى إنه يتيح فرصاً للطلاب الطموحين للتعلم من أشخاص غير متاحين لهم على النطاق المحلي، إذ يمكن لطالب جامعي في دبي حضور محاضرة يلقيها أستاذ في كوريا الجنوبية، وسيتمكن الطلاب في أقاصي المغرب من القيام بجولة في وكالة ناسا أو متحف اللوفر في باريس، أو المتحف المصري الكبير في القاهرة دون أن يبرحوا أماكنهم. يمكن للمعلم الشخصي عقد جلسة دراسية مع طالب في مدينة مختلفة تماماً دون الحاجة إلى مغادرة منزله.
وقال إنه عندما قامت جامعة Maryland Global Campus باستطلاع آراء الطلاب الذين التقوا بالمعلمين وزملاء الدراسة في الواقع الافتراضي، وجدوا أنه بالنسبة للبعض، فإن تمثيلهم عبر الصور الرمزية (أفاتار) قلل من خوفهم من التحدث إلى أعضاء هيئة التدريس والتفاعل مع أقرانهم، وأفاد كل من الطلاب الذين يعانون من رهاب الأماكن المتسعة واضطراب ما بعد الصدمة أنهم يواجهون صعوبة في التواصل الشخصي، لكنهم كانوا مرتاحين في الفصل الافتراضي.
وضع حجر الأساس عبر تطوير المناهج الدراسية
وتابع أنه بمجرد وجود التكنولوجيا على أرض الواقع، سيتعين على الحكومات في نهاية المطاف التأكد من إدماجها وتوظيفها بالشكل المناسب داخل أنظمة التعليم العام، وأن مسئولي التعليم ذوو التفكير المستقبلي الذين سينشرون هذه التكنولوجيات بشكل مبتكر ومبدع داخل مدارسهم وكلياتهم هم الذين سيطرحون أفضل الممارسات ليتبناها الآخرون.
وتابع بأنه يمكن للحكومات البدء في وضع حجر الأساس عبر تطوير المناهج الدراسية، وإنشاء منظومة لمحو الأمية الرقمية، ودعم المعلمين ودعوتهم للمساعدة في توجيه هذه التكنولوجيا لإحداث أكبر أثر ممكن، وبشكل حاسم، سيكون الأمر متروكاَ للحكومات للمساعدة في ضمان إتاحة هذه التكنولوجيات لجميع المدارس، وذلك حتى لا تترسخ أوجه عدم المساواة لمجرد أن المدارس ذات الموارد الأفضل يمكنها الحصول على أجهزة لا يستطيع الآخرين الحصول عليها.
واختتم قائلاً أن تقنيات الميتافيرس لديها القدرة على تغيير التعليم بشكل جذري، هذا الأمر يحدث الآن، ولكنه سيتطلب من المعلمين وصنّاع السياسات اغتنام الفرص التي توفرها هذه التكنولوجيا للاستفادة من كامل إمكانياتها في السنوات المقبلة.