«سحر» أول مسحراتية بالدقهلية: «بشتغل فيها من 20 سنة ونفسي أزور بيت الله»
سحر المسحراتية في أتميدة بالدقهلية
«ياعباد الله وحدوا الله، اصحى يانايم وحد الدايم، رمضان كريم، مسحراتي منقراتي في البلد جوال، الرجل تدب مطرح ما تحب، وأنا صنعتي مسحراتي في البلد جوال»، كلمات ترددها سحر مصطفى عويس، أول مسحراتية في محافظة الدقهلية، في أثناء تجوالها في شوارع قريتها لإيقاظ الأهالي من أجل إعداد السحور.
تشتهر باسم سحر عويس بين أبناء قرية أتميدة، تتجول في شوارع القرية مرتدية جلباب حاملة في يدها طبلة وفي اليد الأخرى عصا صغيرة تستخدمها للدق على الطبلة، منادية بصوت عالٍ ورنان، أسماء أهالي قريتها جميعهم، مرددة كلمات سيد مكاوي، في أغنية مسحراتي رمضان، لتقف تحت أحد البيوت منادية باسم صاحبه ومن حولها الأطفال يقلدونها ويرددون كلماتها.
سحر تعمل مسحراتية منذ 20 عامًا
تقول «سحر» صاحبة الـ 55 عامًا لـ«الوطن»: «أعمل مسحراتية منذ أكثر من 20 عامًا، تزوجت وأنجبت طفلين، وبعد وفاة زوجي بجانب مهنة المسحراتي، عملت في حمل الخرسانات وصب أعمدة البيوت وامتهنت مهنة صعبة يعملها الرجال أكثر من النساء، وكان هدفي هو توفير حياة كريمة لأبنائي ولقمة العيش لهم حتى لا أمد يدي لأي شخص».
وعن بداية عملها في مهنة المسحراتية، تحكي «سحر» أن الأمر بدأ معها عندما شجعها أهل قريتها على ممارستها، واستخدمت الطبلة لأول مرة التي أصبحت جزءًا منها، منذ ما يقرب من 20 عامًا، وحفظت كلمات سيد مكاوي وتجولت في شوارع القرية: «أخرج من المنزل في تمام الساعة الواحدة والنصف صباحًا، ممسكة بالطبلة خاصتي وأدق عليها، وأنادي بصوت عال على جميع أهل القرية بأسمائهم، وأتجول في شوارع القرية من أولها حتى آخرها، وسعادتي لا توصف عندما أرى بهجة الأطفال وانتظارهم لي أمام منازلهم كل يوم في الساعات المتأخرة من الليل، وركضهم نحوي طالبين مني أن أنادي اسم كل واحد فيهم، ويتجولون معي مرددين الكلمات التي أقولها، وفي أثناء تجوالي أسمع إطراءات ومدح من أهل بلدتي تسرني مثل «هي أحسن واحدة تسحر، ورمضان مبيحلاش إلا بيكي ياحاجة سحر، إحنا بنحبك يا خالة سحر مش عاوزين حد غيرك يسحّر».
أهالي أتميدة يرحبون بفكر عمل «سحر» مسحراتية
ولفتت «سحر» إلى أنها لم تجد أي صعوبة عندما امتهنت مهنة المسحراتي، بل وقف بجانبها أهل قريتها ومدوا لها يد المساعدة، ورحبوا بالفكرة خاصة أنّ هذه المهنة للرجال فقط: «أنا المسحراتية الوحيدة في قريتي، وأكسب قوت يومي منها، إذ يعطيني الأهالي الطعام والحلويات، وأنتظر شهر رمضان من العام للعام، وأحلم بزيارة بيت الله الحرام».
أبو جروة: نعرف المسحراتية «سحر» منذ الطفولة
ويقول محمد أبو جروة، مصور، وأحد أبناء قرية أتميدة، إن أهل القرية يعرفون «سحر» منذ الطفولة، وينتظرونها في شهر رمضان وهي تنادي عليهم: «نلتقط الصور معها، ونردد الكلمات التي تقولها، فهي تعطي بهجة للمكان بطريقة مختلفة وظريفة.
ويوضح «محمد» لـ«الوطن»، أنه من المعروف أنّ مهنة المسحراتي في الغالب تعود للرجل، ولكن مع «سحر» السحور له طعمًا ثانيًا: «عشنا معها أجمل الذكريات، بالإضافة إلى أنّ أهل القرية لم يبخلوا عليها بأي شيء سواء إعطائها بعض المال أو الطعام أو الحلويات، وفي قريتي يوجد ترابط عائلي ومجتمعي من الصعب وجوده في أي مكان».