في ذكرى وفاة عبدالحليم حافظ.. تاريخ لا ينسى لعندليب الأغنية العربية

كتب: محمد أشرف

في ذكرى وفاة عبدالحليم حافظ.. تاريخ لا ينسى لعندليب الأغنية العربية

في ذكرى وفاة عبدالحليم حافظ.. تاريخ لا ينسى لعندليب الأغنية العربية

صوته أطرب كل الحاضرين، وإحساسه دخل قلوب كل المستمعين، طريقته جعلته واحدًا من أفضل مطربي جيله، وبنبرات صوته الهادئة، سطر ابن مدينة الشرقية المطرب عبدالحليم حافظ تاريخًا في الغناء، وحصل على لقب «العندليب الأسمر»، بامتياز، حتى ودعه الآلاف في جنازة مهيبة حضرها الملايين في مثل هذا اليوم 30 مارس، منذ 46 عاما.

ومنذ يوم دخوله الفن وحتى عصرنا الحالي، سكنت أغانيه وأعماله الفنية قلوب وعقول متابعيه في مصر والوطن العربي، حتى أنها ما زالت ترددها ألسنتهم في جميع الأوقات والمناسبات، فاقتسم «العندليب» معهم فرحه وحزنه ليصبح المعبر الأول عن لسان حالهم، لتتوراث الأجيال حبه وتصبح حية من بعد مماته حتى الآن، وفيما يلي نستعرض سطورًا من مشوار العندليب منذ ولادته وحتى وفاته

نشأته وحياته

ولد «عبدالحليم علي شبانة» في قرية الحلوات التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية في يوم 21 يونيو عام 1929، ليكن الإبن الرابع والأصغر بالنسبة لأخوته وهم عليا ومحمد واسماعيل، وتوفيت والدته بعد ولادته بيوم ليصبح يتيم الأم منذ ولادته، وقُدر له أيضًا أن يكون يتيم الأب فبعد أن أتم عامه الأول توفى والده.

وظهر حب عبدالحليم للموسيقى منذ الصغر، فالتحق في صغره بكتاب الشيخ أحمد في قريته وعرف المقامات الصوتية ومن ثم في المدرسة أصبح رئيسًا لفرقة الأناشيد، ومن حينها وتعلقت حياته بالموسيقى ووهب كل طموحه إليها، ومن ثم التحق بمعهد الموسيقى العربية قسم التلحين عام 1943، وهناك زامل الفنان والملحن الكبير كمال الطويل وكانت بداية صداقتهم.

عمل مدرسًا بطنطا لمدة  سنوات حتى قدم استقالته من التدريس والتحق بفرقة الإذاعة الموسيقية كعازفًا على آلة الأبواه عام 1950، ليقابل رفيق عمره عام 1951 «مجدي العمروسي» في بيت الإذاعي الكبير «فهمي عمر».

بداياته الغنائية والسينيمائية

يعد الإذاعي الكبير حافظ عبد الوهاب هو المكتشف الأول للعندليب، فأعجب بصوته كثيرًا، فتبناه وبحث معه على اسم فني بديل لـ«شبانة، ليقرر بأن يمنحه اسمه الثاني«حافظ» ليشتهر به بعد ذلك، ويذكر أن «حليم» قوبل بالرفض من الجماهير عندما غنى صافيني مرة لأول مرة فكان أسلوبها جديدًا عليهم والتي كانت من تلحين الملحن العبقري محمد الموجي.

وقالت د غنوة الموجي ابنة «الموجي» في حديثها مؤخرًا مع الإعلامية منى الشاذلي أن تلك الأغنية عرضها والدها على أكبر المغنيين مثل «عبد المطلب» أن ذاك ولكنهم رفضوا غنائها حتى غناها «حافظ»، ولاقت بعد ذلك نجاحًا كبيرا عندما غناها في حفل أقامه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لتصبح أولى نجاحاته.

وقرر الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب أن ينتج أفلامًا مع «حافظ» وأن يتعاون معه من خلال شركته بعد أن سمعه في ذلك الحفل، وبالفعل تعاونا معًا في فيلم «بنات اليوم»، الذي لحن له «عبد الوهاب فيه» 5 أغاني منها «أهواك» و «وظلموه»، وتكون تلك الأعمال هي الطريق ليؤسسا سويًا شركة الإنتاج الأشهر «صوت الفن».

أغانيه وأفلامه

قدم لنا حليم أكثر من 240 أغنية، وتعاون مع كبار الملحنين والمؤلفين في الوطن العربي، مثل محمد الموجي والذي ربطته به علاقة صداقة، ومن أشهر أعمالهما: «مغرور» و «كامل الأوصاف» و «مشغول وحياتك»، كما تعاون العندليب مع «كمال الطويل» و«بليغ حمدي» والمؤلف «مرسي كمال عزيز» و«الأبنودي» و«صلاح جاهين» وغيرهما من أكبر صناع الأغنية العربية أنذاك، كما اشتهر بحبه لغناء القصائد فتعاون مع شاعر الرومانسية نزار قباني في عملين «رسالة من تحت الماء» و«قارئة الفنجان».

وحظت السينما بجزء من تاريخ العندليب بنصيب كبير قدم فيه 16 فيلمًا، فقد كان من أشهر المطربين الذين دخلوا عالم السينما نجاحًا شاسعًا، وتعاون فيهم حليم  مع أشهر ممثلات جيله من نجمات السينما مثل شادية في «لحن الوفاء» وصباح في «شارع الحب» وفاتن الحمامة وماجدة وغيرهم، ويعد فيلم «أبي فوق الشجرة» بطولة الفنانة نادية لطفي وميرفت أمين أخر أعمال العندليب السينمائية.

فنان الثورة وصوت الشعب

واشتهر حليم بالغناء الوطني والثوري وذلك منذ ثورة يوليو 1952، وكانت أولى أغانيه  الوطنية التي حققت نجاحًا واسعًا أغنية «إحنا الشعب»، وتلتها الكثير من الأغاني الوطنية  الناجحة «مثل «الله يا بدلنا» و«حكاية شعب» و«صورة»، حتى لقبه الناس بفنان الثورة وصوت الشعب، وعقب حرب 1968 قدم حليم برفقة الأبنودي وبليغ حمدي سلسلة من أشهر الأغاني مشاركة منهم في حرب الاستنزاف مثل «عدى النهار»، و«المسيح» و«ابنك يقولك با بطل»، وظل يقدم الأغاني دعمًا للمجهود الحربي حتى نصر أكتوبر والتي قدم بعدها «احلف بسماها وبترابها».

زواجه من سعاد حسني

 كانت علاقة العندليب الأسمر مع السندريلا سعاد حسني هي علاقة صداقة واحترام متبادل بين أشهر نجمين في الوطن العربي في عالم الغناء والتمثيل، وعملا سويًا في عدة أفلام ناجحة مثل «البنات والصيف»، وكما كان لديهما علاقة عاطفية في فترة من حياتهما كما أكد البعض، كما أكد الإعلامي والنجم الراحل سمير صبري خلال حواره مع الإعلامي عمرو الليثي في برنامجه أنه شهد على العلاقة القوية بينهما لمدة 3 سنوات، ومازالت شائعة زواجهما السري حتى الآن يهتم بها الناس ولكن بالرغم من جميع الأحاديث فلم تؤكد حتى الآن.

مرضه ووفاته

وأصيب بداء البلهارسيا منذ الصغر ولكنه لم يكتشف المرض إلا في الكبر، وكانت أول مرة اكتشف فيها المرض عندما هاجمه نزيف المعدة عام 1956، وظل العندليب يعاني من المرض حتى كان سببًا في إصابته بتليف الكبد، وبعد نقل دمًا ملوثًا له محمل بفيروس التهاب الكبد الوبائي فيروس سي، ولم يكن لذلك المرض علاجًا في ذلك في الوقت، ليفارقنا الحياه في سن الـ48 عامًا في يوم 30 مارس عام 1977، ويعود إلى مصر ويشيع في جنازة شعبية من أضخم الجنازات التي حدثت في تاريخ مصر بل والعالم، ويسدل الستار على ابن الشعب المطرب الاستثنائي الذي لن يتكرر.


مواضيع متعلقة