مراكز الإصلاح والتأهيل.. تطوير للفلسفة العقابية

كتب: محمد بركات ومحمود الجارحى

مراكز الإصلاح والتأهيل.. تطوير للفلسفة العقابية

مراكز الإصلاح والتأهيل.. تطوير للفلسفة العقابية

تعلن وزارة الداخلية، غداً، التشغيل التجريبى لمركز الإصلاح والتأهيل بالعاشر من رمضان بمحافظة الشرقية، ضمن سلسلة جديدة من مراكز التأهيل التى سيتم الإعلان عن تشغيلها تباعاً، وهى: أخميم الجديدة بسوهاج، و15 مايو بالقاهرة، لتنضم تلك المراكز الجديدة إلى أخرى تم افتتاحها خلال الفترة الماضية، وهى: مركز الإصلاح والتأهيل فى «وادى النطرون»، والإصلاح والتأهيل بـ«بدر»، وهى المراكز التابعة لقطاع الحماية المجتمعية بوزارة الداخلية (قطاع السجون سابقاً).

يعكس الافتتاح لتلك المراكز اتخاذ الدولة المصرية فى الجمهورية الجديدة خطوات واسعة وراسخة، لتكريس مفهومها الشامل والمتكامل لحقوق الإنسان، حيث تتماشى تلك المراكز مع التوجهات العامة للدولة نحو تحقيق المزيد من التقدم فى مجال حقوق الإنسان، وإعلاء قيمته فى المجتمع. وتضمنت تعديلات قانون تنظيم السجون فى مصر، الصادر فى مارس من عام 2022، حزمة واسعة من التطوير الشامل لمنظومة السجون، والتى شملت تغيير المسمى الوارد فى القانون إلى مراكز إصلاح وتأهيل عمومية، أو إصلاح جغرافية، أو إصلاح وتأهيل خاصة، وكذلك تغيير اسم السجناء إلى نزلاء، ومأمورى السجون إلى مديرى مراكز تأهيل، وقطاع السجون إلى قطاع الرعاية الاجتماعية.

ولم يكن الأمر عابراً وليس للاستهلاك، بل كان تغييراً جذرياً على جميع المستويات، ليس فى المسميات فقط، بل امتد إلى مستوى أعمق، شمل تغييراً وتطويراً شاملاً للمنظومة، والاهتمام بأماكن الاحتجاز وتطويرها كإحدى الأولويات الجوهرية لمنظومة التنفيذ العقابية، وفقاً لثوابت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى.

«وادى النطرون وبدر».. تنفيذ فعلى للتوجيهات الرئاسية بتعظيم «الحياة الكريمة»

يُعد مركز إصلاح وتأهيل وادى النطرون باكُورة مراكز الإصلاح والتأهيل الذى تم افتتاحه فى أكتوبر عام 2021، وعقب تشغيله الفعلى، تم غلق 12 سجناً تمثل 25% من إجمالى السجون العمومية بمصر، ما أدى إلى عدم تحمل الموازنة العامة للدولة أية أعباء لإنشاء وإدارة مراكز الإصلاح والتأهيل، خصوصاً أن القيمة الاستثمارية لمواقع السجون العمومية المقرر غلقها تفوق تكلفة إنشاء هذه المراكز، وتم تصميمه بأسلوب علمى وتكنولوجيا متطورة استُخدم خلالها أحدث الوسائل الإلكترونية، والاستعانة فى مراحل الإنشاء والتجهيز واعتماد برامج الإصلاح والتأهيل وفقاً لأحدث الدراسات التى شارك فيها متخصصون فى كل المجالات ذات الصلة للتعامل مع المحتجزين وتأهيلهم وتمكينهم من الاندماج الإيجابى فى المجتمع عقب قضائهم فترة العقوبة.

القيمة الاستثمارية لمواقع السجون المقرر غلقها تفوق تكلفة إنشاء مراكز التأهيل الجديدة المصممة بتكنولوجيا متطورة

وتم افتتاح مركز الإصلاح والتأهيل فى ديسمبر عام 2021، ليصبح رقم 2 فى مراكز الإصلاح والتأهيل التى تشيدها وزارة الداخلية، وتم بموجبها إلغاء حتى الآن 15 سجناً عمومياً، والمركز تم تشييده وفقاً لأرقى النظم المعمارية والاستعانة بمفردات التكنولوجيا الحديثة، وتم تزويده بجميع الأجهزة الطبية الحديثة التى تتواكب مع العصر، لتقديم رعاية اجتماعية وصحية لجميع النزلاء.

وتم تصميم المركز بأسلوب علمى وتكنولوجى متطور استُخدم خلاله أحدث الوسائل التكنولوجية، وتمت الاستعانة فى مراحل الإنشاء والتجهيز واعتماد برامج الإصلاح والتأهيل بدراسات علمية شارك فيها متخصصون فى جميع المجالات ذات الصلة للتعامل مع المحتجزين وتأهيلهم لتمكينهم من الاندماج الإيجابى فى المجتمع عقب قضائهم فترة العقوبة.

ويضم المركز 3 مراكز فرعية تم إعدادها لاستقبال النزلاء الذين يقضون مدداً قصيرة أو ظروفهم لا تتيح لهم العمل فى المواقع الإنتاجية التابعة لمراكز الإصلاح، حيث يتم التركيز على تأهيلهم مهنياً فى المجالات المختلفة وصقل هواياتهم المتعلقة بالأعمال اليدوية وتسويقها لصالحهم، وروعى فى تصميمها توفير الأجواء الملائمة من حيث التهوية والإنارة الطبيعية والمساحات المناسبة وفقاً للمعايير الدولية، بالإضافة إلى توفير أماكن لإقامة الشعائر الدينية وأماكن تتيح للنزلاء ممارسة هواياتهم، وساحات للتريض.

«مرزوق»: ترسخ دعائم الاستقرار في مجتمع آمن يتمتع فيه المواطنون بالحقوق والحريات

وقال اللواء طارق مرزوق، مساعد وزير الداخلية للحماية المجتمعية، لـ«الوطن»، إنه إيماناً بأهمية رسالة الأمن فى ترسيخ دعائم الاستقرار لمجتمع آمن يتمتع فيه المواطنون بالحقوق والحريات، وإنفاذاً لتوجيهات القيادة السياسية بتعظيم مفهوم «حياة كريمة»، التى تعد إحدى الركائز الأساسية للجمهورية الجديدة، تحرص جميع أجهزة وزارة الداخلية على انتهاج خطط تطوير شاملة للأداء الأمنى، بما يكفل «المعاملة الكريمة» للمواطنين من خلال التوسع فى المشاركة بالمبادرات المجتمعية وتقديم الخدمات الأمنية بأعلى معدلات للجودة والإتقان، وبما يلبى طموحات وتطلعات المواطن، وإدراكاً للدور الجوهرى للعنصر البشرى فى تحقيق الأمن الشامل يجرى الاهتمام بتنمية المهارات والخبرات الوظيفية لرجال الشرطة لتمتد للعلوم الاجتماعية ومبادئ حقوق الإنسان والحريات العامة، بما يعبر عن إرادة واضحة فى الالتزام بثوابت الدولة التى يأتى ضمن أولوياتها احترام حقوق الإنسان وحماية حرياته الأساسية.

مصدر أمني: مد جسور التعاون مع منظمات المجتمع المدني لتدريب النزيلات على حرف ومهارات

وقال مصدر أمنى إن قطاع الرعاية الاجتماعية حريص على تفعيل أوجه الرعاية الاجتماعية لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل من خلال إنشاء سجل لكل نزيل يتضمن بحثاً شاملاً عن حالته من الناحيتين الاجتماعية والنفسية وما يطرأ عليهما من متغيرات، مع مراعاة الاحتفاظ بالسرية التامة لتلك الأبحاث فى إطار حماية سرية البيانات، فضلاً عن دراسة شخصية النزيل دراسة شاملة لمعرفة ميوله واتجاهاته؛ تمهيداً لتحديد الأسلوب الملائم لتقويم سلوكه ومفاهيمه بالاستعانة بخبراء علم النفس والاجتماع.

وأضاف أن القطاع يولى اهتماماً خاصاً بتمكين وحماية المرأة النزيلة من خلال العديد من البرامج التأهيلية وأوجه الرعاية المختلفة التى تمتد إلى رعايتها اللصيقة لرضيعها حتى بلوغ سن العامين، وتوفير المناخ والأماكن الملائمة لاستقبال أطفالها خلال الزيارات لعدم التأثير السلبى على هؤلاء الأطفال من الناحية النفسية، بالإضافة لمد جسور التعاون مع منظمات المجتمع المدنى لتدريبهن على الحرف والمهارات المختلفة.


مواضيع متعلقة