الدكتور جمال عبدالعظيم يكتب: المصريون في الخارج.. رجاء الانتباه
د. جمال عبدالعظيم - أستاذ الإعلام وعلوم الاتصال بجامعة القاهرة
المصريون بالخارج هم كتيبة الصفوف الأولي للدولة في حربها ضد الأزمة الاقتصادية الحالية، وذراعها الممتد لتصل إلى ما تريد، سواء في جلب العملات أو صناعة الصورة الذهنية فهم أهم أعمدة القوى الناعمة لنا في الخارج، وهذا ما يفرض عليهم دورًا خاصًا ويتطلب منهم مجهودًا مضاعفًا ودور حقيقي ملموس لخدمة الدولة وتحقيق أهدافها.. لذلك وجب الانتباه.
كثرت كتابات المخلصين من كتابنا في الصحف المصرية بكل أشكالها الرقمية والورقية عن دور المصريين بالخارج والإجراءات التي اتخذتها الدولة لتيسير كثير من الإجراءات التي تفيد الدولة والمغتربين معًا، ولاشك أن هذه الكتابات نابعة من إحساس عال بالوطنية، وكذلك بالمشروعية، فعند الضائقة يفكر الإنسان في أقرب شخص له وهو ابنه أو أخيه ليساعده على تجاوزها، وحين تتخذ هذه الإجراءات فان مصر العظيمة تتكئ على أبنائها الذين علمتهم وربتهم وأعطتهم اسمها ليحملوه ويتباهون به.
يجب أن يتفاعل كل مصري بالخارج مع هذه الرؤية الوطنية النبيلة، ولذلك لا يجب أن يتوقفوا عند لعب الأدوار التقليدية التي دأبوا على القيام بها لسنوات لخدمة بلدهم، أو أن يكتفوا فقط بأن تعيش مصر في داخلهم، أو أن يحفظون اسمها وتاريخها وحضارتها لأبنائهم كل عشية وضحاها، أو أن يحبوها وأن فارقوها ويكتبون فيها الأشعار ويعلنون لوعة الفراق، إنما يجب أن يترجم ذلك الحب إلى عمل ممنهج له هدف يمكن قياس نتائجه بالأرقام، ويكون في أذهانهم في كل سلوكياتهم، فالمنافسة باتت شرسة بين كثير من دول المنطقة، حتى بين الأشقاء لجلب العملات والشركات والاستثمارات.
إن المصري بالخارج يستطيع أن يقوم بحملة دعم لمصر في كل المجالات ليتضافر مع الجهود والأدوار الرسمية للسفارات حتى وإن اعتمد فقط على تواصله الشخصي بالآخرين في حياته اليومية، وذلك من خلال حث الآخرين على شراء وتفضيل كل ما هو مصري، والترويج للمنتجات الزراعية والغذائية والصناعية المصرية المصدرة للدولة التي يوجد فيها وهي كثيرة، وكذلك من خلال التسويق للدولة سياحيًا وثقافيًا فالموسم على الأبواب وتعليميًا من خلال التشجيع على الدراسة في مصر والمساهمة في جلب الكوادر المصرية إلى مكان عمله لأن الساحة قد اكتظت بالجنسيات الجديدة التي دفعتها ظروفها الاقتصادية للسفر وإسكانيًا بالتشجيع على شراء العقارات والأراضي والمصانع والشركات والممتلكات في مصر، وسياسيا بإبراز الإنجازات العظيمة التي حققتها الجمهورية الجديدة في الفترة المعاصرة، وما تنعم به مصر الجديدة من أمن وأمان واستقرار، واجتماعيًا بإبراز حفاوة مصر بضيوفها والإخلاص في خدمتهم وكرم شعبها ورخص أسعار المعيشة بها مقارنة بالدول الأخرى.
واقتصاديًا بالاستثمار في مصر والإيداع النقدي في بنوكها والتي تعطي فائدة لا تعطيها أي دولة في العالم، وإبراز التسهيلات الممنوحة لكل من يستثمر بها ويساعد في تشغيل عمالتها والمرونة والرقمنة، التي تدار بها كل المعاملات للتغلب على الروتين المعوق للإنجاز السريع الذي ودعته مصر بدخولها في الجمهورية الجديدة.
لقد غيرت جائحة كورونا ومن قبلها أحداث 2011 في العالم العربي كثير من المعادلات، فلم يعد الصراع عسكريًا أو سياسيًا فقط بين الدول، إذ انتهت حروب الجيل الأول والثاني والثالث وأوشكنا ننهي الجيل الرابع وبدأت حربًا من نوع جديد امتدت لجذب الاستثمارات والأموال بكل الطرق والعمل على إفشال الدول الأخرى اقتصاديا وتصدير الفوضى والإحباط واليأس وفقدان الثقة بالذات، وتشويه الرموز وتضخيم الأزمات حتى يسهل السيطرة وتنتهي إلى الجلوس في مقاعد الدول الفاشلة المتأخرة وفقا للمصطلح الأمريكي، لكن مصر العظيمة بشعبها وإمكانياتها قادرة على تجاوز الأزمة وقادرة أيضًا على أن تكون في صدارة المشهد.
لا يجب أن يظل المصري في الخارج وكذلك في الداخل يقارن بين حراك أسعار اليوم مقارنة بالأمس، وقيمة الجنيه مقابل الدولار، في كل سلعة يشتريها، أو أن يظل متفرجًا سلبيًا غير مساهم في مساعدة الدولة، على التغلب على هذه التحديات التي تتقاسمها كل دول العالم في حقبة ما بعد كورونا، والتي يلمس كل منصف إخلاصها وجهودها المستمرة والمتنوعة للتغلب عليها، إنما يجب أن ينتبه للدور الواجب القيام به لخدمة بلده التي تبنت مشروعًا قوميًا ضخمًا وطموحًا كبيرًا تسعى القيادة إلى إنجازه في أسرع وقت لأن الفائدة للجميع.