ماذا يحدث في البنوك الأمريكية؟.. من انهيار «ليمان براذرز» إلى «سيليكون فالي»

كتب: صالح إبراهيم

ماذا يحدث في البنوك الأمريكية؟.. من انهيار «ليمان براذرز» إلى «سيليكون فالي»

ماذا يحدث في البنوك الأمريكية؟.. من انهيار «ليمان براذرز» إلى «سيليكون فالي»

في الساعات الأولى من صباح 15 سبتمبر 2008، استيقظت الأسواق المالية الأمريكية، على حدث بالغ التأثير، امتدت تداعياته إلى كل أرجاء الاقتصاد العالمي، تمثل في انهيار أحد أكبر بنوك الولايات المتحدة «ليمان براذرز» وإفلاسه بشكل مفاجئ ليشعل أزمة مالية عالمية سرعان ما طالت نيرانها العديد من الدول.

يوم الجمعة الماضي، استعادت الأسواق المالية صورة الكارثة ذاتها، مع إعلان بنك «سيليكون فالي» إفلاسه، تاركا المئات من الشركات الناشئة والمليارات من الدولارات في مواجهة المجهول.

ما هو «سيليكون فالي» بنك؟

هو بنك أمريكي تأسس سنة 1983 بعد مباراة «بوكر» بين المؤسسين بيل بيجرستاف وروبرت ميديريس. واشتهر البنك منذ إنشائه في تقديم الخدمات المالية للشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا، ومثّل قِبلة لكل الشركات الناشئة حول العالم وليس في أمريكا فقط، إذ لم تقتصر خدماته على الإقراض فحسب، لكن أعماله امتدت إلى الخدمات المالية غير المصرفية، مثل الاستشارات المرتبطة بصفقات الاندماج والاستحواذ. 

ماذا حدث؟

كان لإعلان إفلاس البنك الذي صُنف في المرتبة رقم 16 في قائمة البنوك الأمريكية العام الماضي، وقعاً مُدويا في القطاع المصرفي الأمريكي، وفي أوساط الشركات الناشئة على مستوى العالم، بعدما أعلنت الجهات التنظيمية في كاليفورنيا فرض الحراسة على ودائع تحت إدارة «المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع»، نتيجة تزايد القلق لدى العملاء.

كيف حدث الانهيار؟

تمثلت بداية الأزمة في يوم الأربعاء الماضي برسالة جريج بيكر، الرئيس التنفيذي لبنك سيليكون فالي للمساهمين، عقب قيام الشركة الأم لبنك سيليكون فالي عن بيع 21 مليار دولار من الأوراق المالية في محفظتها الاستثمارية، ما كبدها خسارة بقيمة 1.8 مليار دولار، وتسبب في تراجع سهم البنك 60%.

كان قرار البيع ناتجاً عن قرار عملاء البنك المدعومين من شركات رأس المال المغامر، بسحب الودائع، وبعدها قام البنك بتحديث توقعات أدائه السنوي والتي شملت انخفاضاً حاداً في صافي دخل الفائدة، نتيجة احتفاظه بالكثير من السندات الأمريكية.

تفاقمت الأزمة مع إعلان أحد صناديق الاستثمار، وهو «فاوندرز فاند»، وبعض شركات رأس المال المغامر المعروفة بنصح عملائهم بسحب أموالهم من البنك، ما جاء بعدما فشلت الشركة المالكة للبنك في جمع القيمة التي استهدفها من طرح المزيد من الأسهم.

في يوم الخميس الماضي، وقبل 24 ساعة من حدوث الانهيار، سحب المودعون نحو 42 مليار دولار دفعة واحدة من البنك، وبحسب وكالة «بلومبرج» فقد بلغ رصيد السيولة لدى البنك بنهاية يوم 9 مارس سالب 958 مليون دولار.

من سيتأثر بالأزمة؟

شركات التكنولوجيا الناشئة تأتي على رأس المتضررين من الأزمة الحالية، إذ أن نحو 50% من الشركات الناشئة الممولة برأس المال المغامر في أمريكا، و44% من شركات التكنولوجيا والرعاية الصحية داخل الولايات المتحدة تعتمد على البنك. كذلك ستتأثر مزارع العنب ومنتجو النبيذ في كاليفورنيا، وهو قطاع يعد من أبرز العملاء لدى البنك، هذا على المستوى المحلي.

على المستوى العالمي، ستكون الشركات الناشئة حول العالم، والتي ارتبطت بشكل أو آخر بالبنك ضمن المتضررين، وفي إسرائيل، التي تمتلك قاعدة كبيرة من شركات قال رئيس وزرائها إن الانهيار سيتسبب في أزمة عميقة لصناعة التكنولوجيا الفائقة.

كما امتدت الآثار إلى بريطانيا، التي رغم تأكيد بنكها المركزي عدم وجود ضرر على القطاع المالي لديها، نظرا لصغر حصة البنك في السوق، إلا أنها شهدت تدخل بنك «إتش إس بي سي» الانجليزي للاستحواذ على وحدة سيليكون فالي المحلية، ضمن إجراءات لحماية أموال المودعين. وقد يظهر تأثير الانهيار بشكل أكبر في أسواق المال الأمريكية مع بدء التداولات. 

ماذا فعلت السلطات الأمريكية لتدارك الأزمة؟

تحاول السلطات من خلال المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع بالتعاون مع بنك الاحتياطي الفيدرالي إنشاء صندوق بهدف إتاحة دعم المزيد من الودائع في البنوك التي قد تواجه المشاكل بعد انهيار البنك، وهي خطوة تهدف طمأنة المودعين والمساعدة في احتواء أي حالة من الذعر، بحسب «بلومبرج».

هل للانهيار تأثير على مصر؟

حتى الآن لم يتضح بشكل رسمي مدى تضرر الشركات المصرية، لكن على مستوى البنوك، فقد أصدر البنك المركزي المصري بيانات رسميا أكَّد فيه أنّه لا توجد أي تعاملات أو ودائع للبنوك المصرية لدى «سيليكون فالي».

هل سيتبع الانهيار مزيد من الانهيارات؟

هناك بالفعل بواد لمزيد من الانهيارات العالمية، بعدما أغلقت الجهات التنظيمية في نيويورك بنك «سيجنتشر» أمس الأحد، ضمن محاولات منع انتشار الأزمة، إذ تمّ وضع البنك تحت الحراسة القضائية، عقب موجة من سحب السيولة من جانب العملاء.

كذلك فقد سهم «فيرست ريبابليك بنك» 60% من قيمته تقريباً في تعاملات ما قبل السوق بنيويورك، وهو ما ينذر بمزيد من المشكلات لقطاع البنوك في أمريكا الساعات القليلة المقبلة.


مواضيع متعلقة