قيادي حوثي يستقيل من المكتب السياسي لحركة "أنصار الله"

قيادي حوثي يستقيل من المكتب السياسي لحركة "أنصار الله"
في مفاجأة غير متوقعة تقدم القيادي الحوثي، علي البخيتي، عضو المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" وأحد أهم قادة الحوثيين في اليمن، باستقالته من المكتب السياسي اعتراضًا على سياسية الحوثيين، مطالبًا بالعمل على وحدة اليمن.
وكشف "البخيتي" في استقالته التي تقدم بها إلى عبدالملك الحوثي قائد جماعة "أنصار الله" اعتراضه على الخطوات اتخذها الحوثيون، مطالبًا بالعودة للعمل مع المخلصين في اليمن الذين يعملون على توحيده لا تفتيته.
وقال القيادي الحوثي في نص استقالته: "سبق وتقدمت لكم باستقالتي من المجلس السياسي لحركة أنصار الله عند لقائي بكم بتاريخ 6- 1- 2015، وكررت ذلك في لقائي الأخير بكم بتاريخ 18 - 1 - 2015 وأبلغتكم عن رغبتي في لعب دور آخر يساهم في تمتين اللُحمة الوطنية والتخفيف من حدة الاستقطاب السياسي الذي بدأ في التحول إلى استقطاب مناطقي وطائفي وأصبح يهدد الوطن بالتفتت ونسيجه الاجتماعي بالتفسخ".
"وكان رأيكم أن أتريث في إعلان الاستقالة حتى لا تُجيرها بعض الأطراف ضد حركة أنصار الله خصوصًا وأن الصراع كان في مراحله الأخيرة، وكان هناك أمل في الوصول إلى تسوية مع الرئيس وأركان السلطة، ونفذت رغبتكم تلك وأجلت إعلان الاستقالة، لكن تسارع الأحداث وإعلان استقالة رئيس الجمهورية والحكومة يحتم علي إعلان الاستقالة الآن لأتمكن من العمل –من موقعي الجديد- مع المخلصين في هذا الوطن على ترميم الوحدة الوطنية وتخفيف حدة الاحتقان والمساعدة على وقف الانهيار الكامل للدولة ومؤسساتها والتوصل إلى تسوية سياسية تحفظ لمختلف القوى السياسية كرامتها وللوطن وحدته وأمنه وسلامة أراضيه، وتحمي نسيجه الاجتماعي من التمزق، ولن أتمكن من لعب هذا الدور التوفيقي إلا بعد الاستقالة".
"السيد عبدالملك: أقدر تحملكم لنقدي طوال المراحل الماضية ما قبل 21 سبتمبر وما بعده، حيث أبديتم مرونة وتقبلًا للنقد أكثر من تقبل بعض الأحزاب السياسية للنقد العلني من المنتمين لها مع أنكم تتزعمون تيار ينطلق من رؤية دينية غالبًا ما تكون ثقافة الاتباع فيها هي ما يحكم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس، لكنكم كنتم أكثر ديمقراطية من بعض رؤساء الأحزاب السياسية التي يعتبر النقد الذاتي ومحاسبة القيادات من أبجديات العمل الحزبي فيها".
"السيد عبدالملك: لقد كنت واضحًا معكم منذ أول لقاء خاص بيني وبينكم في بداية الحوار الوطني وأخبرتكم أني حليف سياسي للحركة وأن لدينا هدف مشترك وهو القضاء على مراكز القوى التقليدية ورفع الوصاية الأجنبية عن اليمن سواء كانت إقليمية أو دولية، وبناء دولة مدنية ومواطنة متساوية، وهذا الهدف تجتمع عليه كل القوى الوطنية في اليمن بمختلف مشاربها الفكرية والمذهبية، يسارية كانت أو قومية أو دينية، كما أوضحت لكم أني أنطلق في ممارستي للسياسة من خلفيتي اليسارية والمدنية، ومن قناعاتي الفكرية التي استقيتها من قراءاتي ومطالعاتي، ومن ثقافة الشراكة لا ثقافة الاتباع، وقد وجدتكم متفهمين لذلك، وكانت الرؤى المدنية التي قدمناها في مؤتمر الحوار باسم (أنصار الله) بمثابة العقد الاجتماعي بيني وبين الحركة، وأشعر بالفخر لأني ساهمت في صياغتها وسأبقى وفيًا لها وأحاكم الحركة بناءً على ما فيها، فقد كانت تلك الرؤى أكثر مدنيةً وتقدمًا من الرؤى التي قدمتها الأحزاب اليسارية والليبرالية والقومية، وقد كنت أشعر أني شريك في صنع القرار السياسي للحركة خلال مؤتمر الحوار وما بعده، لكن ذلك الشعور بدأ يتلاشى بعد 21 سبتمبر الماضي بعد أن أصبح منطق القوة هو الأعلى".
"السيد عبدالملك: يعلم الله أن نقدي للحركة كان ولا يزال وسيستمر حرصًا عليها كحركة تمثل جزءً مهمًا من النسيج الاجتماعي للوطن، وتعبر عن مصالح تيار واسع وعريض فيه، وعن آمال ورغبات جزء مهم من أبناء الشعب اليمني من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، وحرصي على الحركة نابع من حرصي على الوطن، لأن تطور أي حركة سياسية لها وجود حقيقي ووازن على الأرض هو ضمان إضافي لبقاء اللحمة الوطنية، ولا يمكن أن يتأتى ذلك التطور إلا بالنقد الموضوعي والبناء للحركة من القريبين منها، بما يسهم في تخفيف الأخطاء والتجاوزات، ويعطي قيادتها مبررًا ودافعًا للإصلاح ومحاسبة من يرتكبون تلك الأخطاء".
"قد يستغرب الكثيرون من توقيت الاستقالة المتزامن مع اللحظة التاريخية التي تمكنت فيها الحركة من الوصول إلى السلطة، وأصبحت صاحب القرار الأول فيها، وتستطيع منح أعضائها أهم المناصب القيادية في الدولة، وهذا ما يسعى إليه أغلب السياسيين، وقد يقول البعض بأني أضعت الفرصة بعد أن أصبحت في يدي، وأنا هنا لا أزعم أن لا طموح سياسي لدي، لكن طموحي السياسي في تقلد أي منصب مرهون بشراكة حقيقية مع الآخرين وبصيغة سياسية تحفظ الحد الأدنى من العيش المشترك دون غلبة أو استقواء، ومرهون أيضًا بوجود دولة مؤسسات أتمكن فيها من العمل بحرية وأنفذ الإصلاحات التي تُعبر عن الرؤية التي قدمناها في مؤتمر الحوار".
"لقد عانيت كثيرًا بعد نقدي للحركة من بعض الانتهازيين والوصوليين فيها حيث عمدوا إلى تشويه صورتي واتهامي بشتى التهم ولم يدخروا تهمة الا وألصقوها بي، مع أن أغلبهم كان من الفئة الصامتة في الوقت الذي كنت فيه أهاجم خصوم الحركة وخصوم الوطن من عقر دارهم وهم في أوج قوتهم وبطشهم وتعرضت بسبب ذلك للسجن في الأمن السياسي في العام 2008، ولعدة محاولات اغتيال اثناء الحوار الوطني وما بعدة، وكنتم على علم ببعض تلك المحاولات وكانت تصلني تحذيرات منكم شخصيًا ونصائح بتقليل حركتي وأخذ المزيد من الاحتياطات، وفي نفس الوقت وجدت احتضانًا لي من المخلصين في الحركة والصادقين والحريصين عليها وعلى بقائها سواء من الرعيل الأول المؤسس أو من المنتمين حديثًا لها المؤمنين بتوجهها الذين عبروا لي عن مشاركتهم لي في أغلب النقد الذي أوجهه لكن انتمائهم الديني للحركة يمنعهم من ممارسة نفس الدور علنًا".
"السيد عبدالملك: لقد وجدت منكم رحابة صدر في تقبل النقد وأتذكر كلمتكم لي ولمستشاري الرئيس أنكم تستعذبون النقد البناء والموضعي الذي يوجه لكم بعد أن وجهت للحركة تهم بأنهم (كفار وفرس ومجوس وداعين للإمامة وعملاء لإيران وحزب الله ومُحرفين للقرآن)، وهذا ما جعل النقد البناء والموضوعي في وسط الكم الهائل من التهم الباطلة أمرًا مُستحبًا ومقبولًا ومفيدًا للحركة وحركة التحديث فيها".
"أعرف أن بعض الأطراف سعت الى توظيف نقدي بعكس ما سعيت اليه وهذا ما قلته لي أنت أيضًا في لقاءاتي الأخيرة بكم، وكان يستغل نقدي كوسيلة لإدانة الحركة تحت شعار (وشهد شاهد من أهلها)، كما أني كنت في موقف صعب وأتعرض للإحراج عند أي نقد أقوم بتوجيهه وأنا في صفوف الحركة، إضافة إلى أني أرغب في تصحيح علاقتي بمن انزعجوا مني عند ممارستي للنقد العلني وأنا أحد أعضاء المجلس السياسي ولن يتم ذلك إلا بإعلان الاستقالة".
"لقد دافعت عن الحركة عندما كانت لا تزال مظلومة ومحاصرة في جبال مران في الوقت الذي صمت فيه الكثيرون مِن مَن تعالت أصواتهم اليوم –من داخل الحركة- بالهجوم علي واتهامي بشتى التهم وأصبحوا اليوم يمثلون جناح الصقور بعد رحيل علي محسن وأولاد الأحمر، مع إن بعضهم كان يعمل ضد الحركة ويحرض عليها وبالحد الأدنى يُخفي تعاطفه معها حتى 11 فبراير 2011م -وما بعده بكثير- عند انطلاق الثورة الشبابية التي كسرت كل حواجز الخوف".
"لقد أصبحت الحركة الفاعل الرئيس في السلطة –من الناحية العملية- منذ 21 سبتمبر الماضي وزادت الفاعلية بعد إعلان استقالة الحكومة ورئيس الجمهورية، وهذا ما يجعل الحركة اليوم هي السلطة الرسمية إلى جانب السلطة الفعلية على الأقل في العاصمة صنعاء والمحافظات التي للحركة وجود أمني وعسكري فيها، وأعتقد أن على الجميع أن يعي أن هناك تغير في وضع الحركة من حَركةٍ مُعارِضةٍ ومقصيةٍ ومظلومةٍ الى حركةٍ بيدها الجزء الأهم من مقاليد السلطة، وهذا يحملها عبئ كبير ومسؤولية تجاه الأحداث والتطورات المستقبلية، ويجعلها عرضة للنقد حتى من الأقربين لها، وسيكون لمواقفها دور بالإيجاب أو بالسلب على أمن الوطن واستقراره ووحدته وسلامة أراضيه، وهذا يستدعي تفعيل الجناح السياسي في الحركة واعطائه مزيد من الصلاحيات لإيجاد تسوية مشرفة ومقبولة وعادلة لكل الأطراف السياسية، لا تشعر فيه بغبن أو استقواء أو غلبة، وتؤدي الى شراكة حقيقية لا صورية في القرار وبالتالي شراكة في تحمل المسؤولية، وهذا يستدعي وقف الضغط العسكري والأمني والعودة الى المسار السياسي، فالقوة يجب أن تخدم الرؤية السياسية الذي قدمتها الحركة في مؤتمر الحوار، لا أن يتحول دور الجناح السياسي الى تبرير الاستخدام المفرط للقوة والغلبة في بعض الأحيان".
"السيد عبدالملك: كما قلت لكم في لقاءاتي بكم أن دعوتي الى شراكة وطنية حقيقية –لا صورية- بين كل الأطراف السياسية الفاعلة على الأرض ليست ترفاً من القول ولا قضية مبدأ وإيمان عميق بصوابية ذلك الخيار فقط، إنما هي أيضًا نابعة من حرصي على مصلحة الحركة حتى لا تتورط لوحدها في تحمل مسؤولية البلد في هذه اللحظات العصيبة التي ستستغلها بعض الدول التي تخوض صراع محاور في المنطقة لصالحها بغض النظر عن مدى ضرر ذلك على اليمن وعلى سلامة أرضه ووحدة نسيجه الاجتماعي، وستعمل الكثير من الجهات المحلية والإقليمية والدولية على إفشال الحركة وجعلها عاجزة عن تلبية حاجات المواطنين الاقتصادية والمعيشية والأمنية –كونها أصبحت السلطة- لكي تحرقها شعبيًا وتحملها بعد ذلك مسؤولية تمزق اليمن والمشاكل التي ستعصف به، تمهيدًا لضربها ومحاصرتها بعد رفع الغطاء الشعبي عنها أو الحد منه على الأقل أو حصره في طائفة أو منطقة أو انتماء محدد".
"السيد عبدالملك: أتمنى أن تساعدوني وغيري على النجاح في الدور الذي نرغب في تأديته وعلى المساعي التي سنبذلها أنا والكثيرين للوصول إلى تسوية عادلة تخرج البد من أزمته الحالية وتؤسس لشراكة حقيقية، وتسوية سياسية تتبنى بناء دولة المواطنة المتساوية، دولة تُعيد للمؤسستين الأمنية والعسكرية اعتبارهما وكرامتهما التي أهدرت، دولة العدالة والنظام والقانون والمؤسسات، دولة تحتكر وحدها السلاح المتوسط والثقيل وتنظم حمل الأسلحة الشخصية بقانون خاص، دولة الحقوق والحريات السياسية والشخصية، دولة التبادل السلمي للسلطة، دولة تتمكن فيها كل فئات المجتمع من التعبير عن قناعاتهم الفكرية والسياسية والدينية والمذهبية بحرية كاملة، الدولة التي تبناها أنصار الله في رؤيتهم التي قدموها في مؤتمر الحوار".