«الدوم».. اختيار إيقاد الشموع

لينا مظلوم

لينا مظلوم

كاتب صحفي

بعد نجاح الموسم الأول لبرنامج «الدوم».. ازداد قوة بعد انطلاقه إلى آفاق كانت سابقاً تثير التساؤل عن ملايين المواهب المجهولة فى سائر محافظات وأقاليم مصر دون أن تعثر على فرص حقيقية تضمها إلى قوة مصر الناعمة رغم جدارتها بهذه الخطوة.

تميز «الدوم» عن برامج تقديم المواهب السابقة والحالية على شاشات القنوات العربية المختلفة والتى تكتفى بإعطاء الموهبة فرصة الظهور فى البرنامج دون أن تلى هذه الخطوة استكمال صقل ورعاية الموهبة عن طريق منحها فرص عمل فى الإبداع الفنى أو الإعلام.. لتتوارى الموهبة فى متاهات النسيان والإهمال.

«الدوم» اختار الحلول الجذرية التى تضمن تدفق الدماء الشابة إلى شرايين القوة الناعمة والإعلام بأسلوب جذاب مقرب من مزاج المشاهد وخلق إحساس المشاركة عبر شاشة التليفزيون فى تقييم موهبة جيل شاب مفعم بالحماس والرغبة فى التعبير عن قدراته.

البرنامج أصبح فى موسمه الثانى أقرب إلى أكاديمية راقية ستنجح عبر استمراريتها فى إزالة بعض التحفظات التى تؤخذ على نماذج من الأعمال السينمائية والدرامية ولا تضيف الكثير إلى ملامح الوجه الجميل للفنون بأنواعها سواء الغناء، التمثيل، العزف.

التاريخ لم يكتب يوماً النجاح فى إثراء الساحة الفنية عبر أنماط برامج تكتفى بإظهار الموهبة ثم تتركها لتتوه مع إمكانياتها المحدودة فى العثور على فرص الظهور والاستمرار.

البرنامج ظهر بدون افتعال أو شعارات ليكون منبراً إبداعياً ينتصر للدفاع عن الفكر المستنير فى مواجهة الدعاوى الظلامية التى لا تمل من توجيه سهامها المسمومة إلى إبداع ومكانة القوة الناعمة.. خطوة تُكمِل دور جهة الإنتاج، المتحدة للخدمات الإعلامية، فى إثارة وتحفيز الوعى العام نحو قضايا جادة، سواء وطنية، اجتماعية، إبداعية.

حالة «الدوم» اختارت أن تصبح منبراً يمثل بارقة أمل لمستقبل يزخر بثراء المبدعين والإعلاميين بدلاً من الانضمام إلى تخاذل مَن يرصدون بعض النقاط السوداء التى تشوب ثوب الإبداع الجميل.

من أبرز ما يسترعى الاهتمام أن البرنامج لم يكتفِ بالنجاح الساحق الذى حققه الموسم الأول.. فالتطوير مستمر، إذ اتسعت دائرته فى الموسم الثانى لتضم المزيد من التنوع الإبداعى مع إضافة فرع جديد للمسابقات فى مجال الفنون التشكيلية والنحت.

لمسة جمال تحفز آلاف المواهب، خصوصاً أن دائرة الإبداع فى هذا المجال كانت تفتقر إلى منبر يضخ دماء جديدة إلى شرايين الفنون التشكيلية مع اكتمال ملامح الصورة الرائعة بإقامة معرض للفائزين يكون بمثابة تعارف لهم مع النقاد والجمهور.

أثمرت فرص رعاية «الدوم» للفائزين فى الموسم الأول عن فرص حقيقية عبر اشتراك العديد من مجال التمثيل فى مسلسلات رمضان المقبل، بالإضافة إلى انضمام الفائزين عن التقديم إلى قناة إكسترا نيوز.

النجاح الهائل وحجم ردود الفعل الإيجابية، سواء من المشاهدين أو الوسط الفنى والإعلامى بالتأكيد هى شهادة تكلل مجهوداً ضخماً تقوم به الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وطاقم العمل الذى يجوب محافظات مصر لكى يلقى الضوء على مواطن الإبداع، تحديداً أن مصر بحكم حقائق التاريخ شهدت أرضها انطلاق جميع مجالات الفنون وكانت اختياراً أجمع عليه كل الباحثين عن فرص التألق فى مجالات الإبداع من سائر الدول العربية.

العنصر الفاصل بين «الدوم» وبرامج اكتشاف المواهب التى عرفتها التليفزيونات العربية منذ عقود أن الإنتاج هو منظومة جادة قدمت -وما زالت تقدم- نجاحات لا حصر لها فى مجال الإبداع.. بالتالى حرصت أن يكون دورها مكتملاً فى رعاية المواهب، ما يذكرنا ببرنامج الهواة الشهير على الإذاعة الذى كان يقدمه الإعلامى على فايق زغلول، إذ كانت الإذاعة تتبنى المواهب الفائزة وتتكفل بجميع ما يضمن استمرارها بعد تقديمها للجمهور.