أحمد فؤاد أنور يكتب: آفاق التعاون المصري السعودي في مواجهة التحديات

أحمد فؤاد أنور يكتب: آفاق التعاون المصري السعودي في مواجهة التحديات
للعلاقات المصرية السعودية دوما خصوصية وتفرد، في مواجهة قوى التطرف والفتن والتعاون بين البلدين الشقيقين يقوم على الاستمرارية، ومواجهة التحديات، واقتناص الفرص، وتحقيق الصالح العام للبلدين ولشعوب المنطقة.. ففي مفترق الطرق، والمراحل المفصلية تجد دوما المصري هو الظَّهير والسند للسعودي، والعكس صحيح وهذا يرجع إلى التنسيق والمشاركة والتعاون الاستراتيجي واسع المجال والمدى.
فمصر أم الحضارات نظرت دوما بتقدير وإعزاز لتجربة السعودية كتجربة إنسانية استفادت من الطبيعة، لكنها في المقام الأول اعتمدت على الإنسان المعاصر وجهوده للتكيف مع قسوة الطقس في بعض الأحيان، فمصر التي أعلت دوما من قيم العدل والتسامح، كان لها علاقات قوية أخوية بالرياض والبقاع المقدسة، حتى حين كان التواصل عبر دروب الصحراء بقوافل الإبل، فمع التقارب ومع المحطات التاريخية تجلى لنا البلدان كإقليم واحد يمتد من الخليج لوادي النيل.
ساندت المملكة مصر في جهود إغاثة الفلسطينيين وقت النكبة، وفي إزالة آثار العدوان بعد 67، وصولا للقرار التاريخي بقطع إمدادات البترول عن الدول المساندة لإسرائيل في حرب 1973، وصولا إلى الزيارة التي قام بها الرئيس حسني مبارك في ذروة المقاطعة الرسمية لمصر بعد توقيع اتفاقيات السلام، حيث زار الرئيس حسني مبارك السعودية (في يونيو 1982) لتأدية واجب العزاء في وفاة عاهل السعودية جلالة الملك خالد.. مما يدل على أن العلاقة لم تنفصم؛ حتى بعد تعليق عضوية مصر في جامعة الدول في هذه الآونة وقطع العلاقات الدبلوماسية، وفي حرب تحرير الكويت كانت المواقف والأفعال أيضا متطابقة.
ومن مظاهر التعاون التاريخي دعم سعودي غير محدود سياسيا واقتصاديا لمصر بعد أن أطل الإرهاب برأسه القبيح بعد 30 يونيو 2013 متحديا إرادة الملايين مستقويا بقوى خارجية تبتغي فرض سيناريو كارثي على مصر.
في المقابل سارعت القاهرة، رغم أنها لم تكن تعافت أيضا من آثار سلبية كثيرة لثورتي يناير ثم يونيو، بالمساندة السياسية، وبالمشاركة الفعلية في عملية عاصفة الحزم دعما للشرعية في اليمن، وتصديا لجموح مخططات توسعية لقوى إقليمية لا نطلب منها سوى كف الأذى.
التعاون في الساحة السورية -بتعقيداته- بات أيضا نموذجا للعقلانية والواقعية، وبشكل عام تتعامل القاهرة والرياض مع الملف السوري بما يستهدف خير الشعب السوري ووحدة وسلامة أراضيه.
وإذا تطلعنا للمشهد الفلسطيني الراهن سنجد تبنيا مصريا لمبادرة الملك عبدالله رحمه الله، والتي تحولت فيما بعد إلى المبادرة العربية، وتناغما في المواقف الداعمة للحق الفلسطيني دون تفريط.
لا يمكن إغفال القوى الناعمة للفن والثقافة فمصر التي قدمت للعالم العربي قائمة طويلة من مفكرين والمبدعين استقبلت بحب وحفاوة فنانين متميزين مثل محمد عبده، وطلال مداح، وراشد الماجد، وفي مجال الرياضة تابعت ودعمت الكرة السعودية في المحافل الدولية، والعكس صحيح.
وفيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي والأكاديمي يمكن الإشارة أيضا إلى تاريخ طويل وتبادل خبرات وتكامل فعال، وتمت ترجمته بالفعل على الأرض لعقود حيث تعد المملكة أكبر شريك تجاري لمصر في منطقة الشرق الأوسط، ويُنتظر في هذا المضمار مزيد من الزخم وفق رؤية 2030 في كلا البلدين.
ونحن نجتاز صعوبات عالمية وتحديات معقدة تظل العلاقة السعودية المصرية رمانة ميزان لاستقرار المنطقة علاقه الجسد الواحد والنبض الواحد، مصر القلب النابض والنموذج للأمة العربية الإسلامية والحصن المنيع و الحضن الدافئ لكل عربي ومسلم وهذا هو الحال للمملكة العربية السعودية أرض الحرمين الشريفين بحيويتها وتاريخها، وبحكمتها ودأبها في ظل القيادة الرشيدة للبلدين.