رسالة مفتوحة إلى الرئيس الفرنسى
أخرجت «شارلى إيبدو» لسانها للمسلمين بنشر الرسوم المسيئة مرة أخرى فى تحدٍّ سافر لمشاعر أكثر من مليار ونصف مليار مسلم.
أما الأغرب من ذلك فهو تصريح الرئيس الفرنسى أولاند للإعلام «من حق فرنسا أن تدافع عن حرية التعبير ولن تساوم عليها».
ولنا أن نسأل الرئيس أولاند: أى حرية تعبير تلك التى قامت بها «شارلى إيبدو».. وهل الحرية لا ضابط لها ولا رابط، ولا حد لها ولا فصل.. وهل الطعن فى الرسل وسبهم وشتمهم ومنهم أشرف الرسل محمد وسيدنا عيسى والسيدة مريم العذراء البتول عليهم السلام تدخل نطاق حرية التعبير.
وأين حرية الرأى التى يدعيها الرئيس حينما حوكم الفيلسوف الفرنسى روجيه جارودى وكاد أن يسجن وانتهى الأمر بالغرامة من أجل التشكيك فى عدد ضحايا الهولوكست.. فما بالنا لو شكك فى حدوثه؟!
وهل عدد ضحايا الهولوكست أكثر قداسة لديكم من شرف النبوة والرسالة؟!.. وهل هناك تقديس لأعداد ضحايا فى قضية تاريخية تحتمل الأخذ والرد وتقبل المناقشة والتحليل.. فى الوقت الذى تنتهكون فيه شرف النبوة والرسالة؟
ألم تحكم المحكمة فى النمسا بالسجن ثلاث سنوات على المؤرخ البريطانى ديفيد أرفينج بتهمة التشكيك فى ضحايا الهولوكست، ولم تقبل المحكمة تراجعه عن التشكيك.. هل تخافون غضبة عدة ملايين من اليهود ولا تخافون غضبة أكثر من مليار ونصف مليار مسلم؟!
ألم يسمع الرئيس الفرنسى «أولاند» ومن حذا حذوه عن قانون معاداة السامية الذى سُجن بموجبه جان بلانتين محرر مجلة «أكربيا» لأنه شكك فى عدد ضحايا المحرقة؟ فهل عيون الإسرائيليين أعظم عندكم من قداسة النبوة والرسالة وأعظم من عيسى ومحمد ومريم عليهم السلام؟
ألم يطرد الرسام الفرنسى «موريس سيز» (2008) من الصحيفة نفسها لأنه نطق بما فهم أو اشتم منه معاداة السامية؟
أليس لديكم قانون يحرم التشكيك فى مذابح الأرمن.. فأين حرية الرأى والتعبير والفكر فى كل هذه القوانين والمحاكم.. أم أن حرية الرأى والتعبير تصبح همجية لا حد لها ولا ضابط لها حينما يتعلق الأمر بمحمد وعيسى ومريم عليهم السلام.. ويعود لها الانضباط والحسم حينما تتعلق بإسرائيل؟!
ألا يدرى الرئيس ما قاله أوليفر سيران، الصحفى الذى كان يعمل بـ«شارلى إيبدو»: «إن كراهية الإسلام قد استغرقت المجلة تدريجياً بعد أحداث 11 سبتمبر».. فلم يعد لها عقل يضبط أو حكمة تقود أو فكر يدرس ويدقق؟
إننى أطالب الرئيس أولاند والفرنسيين بأن يراجعوا ما كتبه المفكرون الفرنسيون العظام الذين شهدوا بعظمة النبى الخاتم محمد.
وأطالبكم بأن تراجعوا كتاب المفكر الفرنسى الشهير لامارتين «محمد المثل الأعلى» حيث يقول فيه «ما من إنسان فى نهاية المطاف قدر على أن ينجز فى وقت قصير أسرع ثورة على الأرض أعظم ولا أبقى مما أنجز الرسول محمد».
ويقول: «لم يحدث من قبل أن كرس إنسان نفسه فى سبيل هدف سامٍ مثلما كرس محمد نفسه فى سبيل الإسلام.. فما إن تحدث هذا الرسول ونطقت شفتاه بالتوحيد حتى انهارت المعابد القديمة وسائر الآلهة المزعومة».
إننى أطالب أولاند والفرنسيين بأن يرجعوا إلى كتب فلاسفتهم العظام أمثال رينيه ديكارت الذى قال فى كتابه «التأملات»: «يبدو لى من الملائم جداً فى هذا المقام أن أقف هنيهة لكى أعاين هذا الإله ذا الكمال المطلق الذى نادى باسمه النبى محمد والذى امتلأ به الكتاب الخالد بتوحيده وتمجيده وتعظيمه».
إننى أرجو من أولاند والفرنسيين أن يعيشوا يوماً بفكرهم مع المفكر الفرنسى «هنرى نفلييه» الذى قال فى كتابه «حياة محمد»: «كان محمد أداة الله التى قضى بها على العبادة الباطلة وأحل محلها العبادة الحقة ولولاه ما عرف أحد الله ومجده كما يليق به».
إننى أتعجب من الفرنسيين الذين حملوا شعار «كلنا شارلى».. فلماذا لم يراجعوا ما كتبه فيلسوف الثورة الفرنسية جان جاك روسو، صاحب «العقد الاجتماعى» مدحاً فى النبى: «لم يرَ العالم حتى اليوم رجلاً استطاع أن يحول العقول والقلوب من عبادة الدنيا إلى عبادة الله الواحد إلا محمداً».
ألم يقرأ «أولاند» والفرنسيون ما قاله المفكر الفرنسى جوستاف لوبون فى كتابه «حضارة العرب»: «إذا ما قيست قيمة الرجال بجليل أعمالهم لكان محمد من أعظم مَن عرضهم التاريخ».
أيها الرئيس الفرنسى أولاند.. ألم تسمع ثناء نابليون عن النبى فى مذكراته: «إن الرسول كان نموذجاً ناجحاً لما تقوم عليه استراتيجيات القادة فى العصر الحديث وتوافرت لتلك الاستراتيجيات ظروف مكنت الرسول من نشر الإسلام فى الجزيرة العربية.. فالرسول أوجد للمرة الأولى فى التاريخ مفهوم الحرب النفسية التى لم تكن معهودة من قبل.. ونجح فى خلق منظومة عسكرية متطورة كان هو شخصياً محورها الأساسى».
أيها الرئيس الفرنسى.. أى معنى لشعار «كلنا شارلى».. هل يعنى «كلنا سيسىء إلى النبى».. أم أننا سنكرر الإساءة مرات ومرات؟!
وإذا كان العالم الإسلامى كله قد رفض قتل الصحفيين الفرنسيين، ألم يكن من الواجب عليكم أن تمدحوا النبى محمد وتثنوا عليه وتمنعوا الإساءة إليه بكل قوتكم السياسية والمعنوية؟
إننا لا نريد من فرنسا أن تكيل بمكيالين كعادتها.. كيل فيه بخس مع رسولنا وكيل فيه زيادة مع المحرقة اليهودية.. وكيل فيه بخس مع الرسول وفيه تطفيف مع شارلى إيبدو.. وفيه بخس مع دماء مليون جزائرى مسلم وفيه تطفيف مع 12 صحفياً فرنسياً.
يا سيدى.. لا تكل بمكيالين وتقس بمقياسين وتزن بوزنين.. أم غركم ضعف المسلمين وهوانهم؟