م الآخر| "روبابيكيا" الواقع ..!

م الآخر| "روبابيكيا" الواقع ..!
أيقظني على جرح، ينادي "روبابيكا" بدون ياء أخيرة في الكلمة التي تهينني نفسيا، تعالت صيحاته، فانتفضت جزعا على نفسي المشبعة بروبابيكيا مؤثرة، "هنا يباع كل شئ"، في بلادنا تباع الأشياء القديمة أسرع من المقتنيات "اللامعة"، يكفيك أن تصبح "قديما" لتباع ويحل محلك "شيئا جديدا" يعمل بـ"طاقة نفاق" أشد تأثيرا من "أصالتك"، لا دخل لقدسية العاطفة هنا، فقط حافظ على أناقتك في "النفاق"، وستنجح ولن تسقط سهوا وسط "الروبابيكيا".
لا أحد بيننا يرتبط بأشيائه العتيقة إلا إذا كانت تمثل له جرحا خاصا لم ولن يندمل، ولعبة المصالح في "زماننا" لها مقاييسها الخاصة، جلست علي سريري أحسب كيف ينتقل صوته المفعم بنشاط لا يعلم هو نفسه أنه طاقة ستنفذ قريبا جدا، طاقة ستنضم إلى روبابيكيا جسده الذي عندما سيبلى سيضمه قبر مجهول، شاهدا مهجورا لا قيمة له، "بيكا، روبابيكا"، تحسست فراشي الذي بدأت حياتي على فراش مثله وربما ستنتهي على آخر يشبهه.
نفسيا لا أبتلع فكرة الموت السريع، هذا يحدث للآخرين فقط، لأن من هم على شاكلتنا مكتوب عليهم أن يعانوا تجارب "مقدسة" بدءا من الميلاد حتى الموت، لابد من ملاحم ترتبط بآثارهم وذكرياتهم، هم يحبون هذا ويتطلعون إليه ويرغبون في موت غير أنيق، ربما حب البقاء و الرغبة في العظمة، كان هو الدافع كما أظهره سيجموند فرويد، الذي كان مصمما أن أفعال البشر تنبع أساسا من شيئين "الغريزة الجنسية أو "جنون العظمة" ورغبة البقاء.
الواقع يقول، حتى السياسي منه، إن فرويد كان محقا، فكتب الجنس هي الأكثر انتشارا، وفضائح الشذوذ وعلاقات الرؤساء النسائية هي الأكثر رواجا وحديثا، و"روبابيكيا" الشخصيات السياسية التي تظهر وقت الانتخابات فقط هي الأكثر مبيعا على أرصفة "الدولة"، أحدهم قال أمس في حديث تليفزيوني أنه انقطع عن الظهور الإعلامي لأربعة اشهر وظهر فقط ليخدم حزبه انتخابيا، "روبابيكيا حزبية".
وهناك مناضلين بدأوا باحترام، لكن "القِدم" جعلهم بلا قيمة، وعقلياتهم "شاخت" بعد شباب، و"جاعت" بعد "شبع"، لكن رغبتهم في البقاء، كما علل فرويد، جعلتهم يقبلون بالسقوط عمدا وسط "كراكيب" الحسبة السياسية، يبحث عنهم صاحب المصلحة بين تلك الكراكيب عندما يحتاج إليهم ليوجهوا الشباب أو يقودوا نزاعا على مطلب، ووسط كل هذا هناك عقول "نابهة" غطتها "تابوهات" الجهل الديني والاجتماعي، وقدمتها قرابينا لدنيا "مختلة" الميزان، تنصف فقط أنصاف المواهب.
أنت تحلم بترقية أو منصب لأنك راغب في التعاظم، خضوعا لعقدتك الخاصة، وتلوم على "خطيبتك" أنها وضعت "برفانا" عند خروجها للتسوق، لأنك اعتبرت أنها تفرغ انفعالات جنسية بأسلوب راق، ظاهره "الأدب" وباطنه "عقدة فرويدية"، وليس لأنها، كما قالت، تحب أن تكون رائحتها طيبة من باب "النظافة".
لقد خلقنا لأنفسنا مجتمعا معقدا، ومستقبلا معقدا، ونتظاهر على سجادة الصلاة بدعائنا إلها رحيما أن يمن علينا بلقيمات تحفظ حياتنا، وأموالا تحفظ كرامتنا، ونجاحا يغنينا بين الناس "عظمة"، حتى لو كانت تلك العظمة ستقربنا إلى الشيطان زلفى، لقد كنت منفعلا فدققت عنقي في بعض كلمات قاسية، وسآخذ موقعي بعد تلك الكلمات، راضيا، وسط "مجتمعنا الضارب في التعقيد".