وبينا ميعاد

أميرة خواسك

أميرة خواسك

كاتب صحفي

مرت سنوات كثيرة لا أعرف عددها وأنا لا أتابع الدراما التليفزيونية فى غير شهر رمضان، لكنى مؤخراً اكتشفت أن هناك تطوراً كبيراً قد حدث للدراما فى مصر، هذا التطور ليس هو كل ما نأمله ولكن على الأقل هناك ضوء فى النفق المظلم بعد أن عانينا لسنوات من مظاهر الاستخفاف والعنف والفقر والمتاجرة به، وأنا هنا لا أعنى ألا نتناول الفقر، ولكن ألا نتاجر بالفقر.

الإيجابى فى الأعمال التى تقدَّم مؤخراً أنها تشبهنا، تشبه معظم المصريين فى حياتهم ومعيشتهم وأحلامهم ومشكلاتهم اليومية وكيف يواجهون تغيرات الحياة من حولهم.

وربما كان مسلسل أبوالعروسة له السبق فى هذا المجال، وربما يكون قد فتح الباب لغيره من الأعمال الدرامية التى تهتم بالمجتمع المصرى الحقيقى، وهو عمل يستحق أن نفسح له مقالاً خاصاً، لكننى اليوم أود أن أشير إلى عمل آخر، هو مسلسل «بينا ميعاد» الذى لم ينته عرضه بعد، وهو وإن كان يشبه كثيراً فيلم «عالم عيال عيال» للمخرج محمد عبدالعزيز وبطولة رشدى أباظة وسميرة أحمد والذى يقترب من نفس فكرة المسلسل، وهى قصة الحب بين أب أرمل يتحمل مسئولية عدد من الأبناء وأم تعيش نفس الظروف، يعيشان قصة حب بين هذا العدد الكبير من الأبناء، بما يصحب ذلك من مواقف طريفة.

مسلسل «بينا ميعاد»، للمخرج والمؤلف هانى كمال، يحاول تقديم صورة مختلفة للطبقة المتوسطة فى المجتمع المصرى بصورة أكثر رقياً، وهو لا يشتت المشاهد بين شخوص وأماكن كثيرة، مع استخدام فواصل درامية من مشاهد رائعة اختيرت بعناية للقاهرة والإسكندرية، ليقدم أجمل ما فى مصر من خلال دراما واعية تعرض أزمة جيل الآباء والأمهات مع أبنائهم، وهى القضية الأزلية بين الأجيال، لكن العمل هنا يتناول الأم التى يدفعها خوفها على بناتها للسيطرة على كل أمورهن، وهى شخصية قوية شديدة السيطرة على كل أمور حياتها، والأب الذى يحاول أن ينجح فى القيام بدور الأب والأم معاً، ويكون قريباً من أبنائه وعوّدهم على الحكى والصراحة، وتعقُّد العلاقات بين الجيلين.

أما أهم عنصر فى هذا العمل فهو التمثيل، الحقيقة أن شيرين رضا وصبرى فواز قد تفوقا على نفسيهما، خاصة فى المشاهد التى جمعتهما معاً، والتلقائية والبساطة التى تجسد السهل الممتنع فى الأداء، والحوار الذى لو لم يكونا على هذا القدر من الإجادة لكانت حواراتهما شديدة الملل، ولكنهما أمسكا بالشخصيات جيداً فكان أداؤهما أجمل ما فى المسلسل، وبالطبع معهما مجموعة رائعة على رأسها القديرة نادية رشاد التى تعجز الكلمات عن وصفها وهى صاحبة التاريخ الطويل فى الدراما التليفزيونية.

والفنان الكبير مدحت صالح الذى استطاع أن يجعلنا ننسى كونه مطرباً كبيراً ليصبح ممثلاً كبيراً، والقديرة عايدة فهمى وإن لم تظهر إلا فى حلقتين إلا أن أداءها المتميز يجعل بصمتها واضحة دائماً، بالإضافة إلى عدد من الفنانين الشباب، منهم خالد أنور وأسامة الهادى وداليا شوقى ويوسف الكدوانى وآية سليم وغيرهم ممن أمتعونا بهذا العمل الكبير.