روشتة تأهيل العائدين لأسرهم: السلام النفسي والاجتماعي ضرورة

كتب:  روان مسعد

روشتة تأهيل العائدين لأسرهم: السلام النفسي والاجتماعي ضرورة

روشتة تأهيل العائدين لأسرهم: السلام النفسي والاجتماعي ضرورة

«الإنسان ابن بيئته»، لذلك يعانى المفقودون من حاجز كبير يمنعهم من التواصل، وشعور كبير بالاغتراب ينشأ داخلهم يجعلهم غير قادرين على التفاعل الجيد، ويدفعهم للعزلة، والوحدة وعدم الانتماء، تأثيرات نفسية واجتماعية يمكن أن تنشأ بمجرد أن يفقد الشخص أهله وذويه وبيئته، ويندمج مع مجتمع آخر، ثم يطلب منه العودة من جديد لنقطة البداية، فيجد أهله، ويبدأ فى رحلة جديدة من محاولة التمسك بهويته الرئيسية.

عدد من العوامل تحدد إمكانية الاندماج ودرجة الاغتراب لدى المفقودين، بحسب الدكتور طه أبوحسين، أستاذ علم الاجتماع، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، الذى أوضح أنه من بين تلك العوامل، المرحلة العمرية التى ابتعد فيها الشخص، وحسب توقيت رجوعه، لأن الإنسان طباعه تنشأ من بيئته، سواء تربى فى بيئة عنيفة أو ريفية أو حضارية أو إصلاحية، كل تلك الأمور تنعكس عليه فى التكوين النفسى، وللرجوع لأهله يحتاج لفترة تأهيل.

والبيئة الأولية التى يتربى فيها، بحسب «أبوحسين» هى الأساس، وليس الأهل، وهنا يأتى شعور الاغتراب من الابتعاد عن البيئة الأولية والتى يعتبرها المفقود حضنه الأساسى، والذى تركه من أجل أهله وهم الأصل، ولكنهم البيئة الثانوية بالنسبة إليه، ولذلك إذا عاد المفقود فى سن التنشئة يكون اندماجه سهلاً للغاية، وسريعاً، ولكن إذا عاد فى عمر فوق التنشئة يكون صعباً ومؤلماً قليلاً، وذلك لأن المفقود يُعمل عقله أكثر من عاطفته فى تلك المرحلة تحديداً.

وقدم خبير علم الاجتماع عدداً من النصائح لسهولة الاندماج مع الأهل بعد الاغتراب، حيث إنها تكون حسب التغييرات التى حدثت مع المغترب فى البيئة الأولية، إذا كان فى البيئة الأولية تزوج وأنجب، فهو يمكن أن يعود بسهولة، لأنه عاد إلى القمة التى كان من المفترض أن يذهب إليها دون اغتراب، ولذلك يندمج وتصبح الأمور شبه طبيعية، لأنه عاد بتسلسل طبيعى فى الموقف الاجتماعى بالنسبة له، ولذلك يجب على كلا الطرفين توقع التغير الذى حدث فى حياته والتعامل معه بوعى، وتفهم أنه غريب إلى حد ما حتى يلتئم معهم عاطفياً واجتماعياً.

ومن جهتها، شرحت الدكتورة إيمان الريس، استشارى الصحة النفسية، فى تصريحات خاصة لـ«الوطن»، ما يشعر به المفقود، مؤكدة شعور الانفصال التام عن العالم، وأحياناً التخلى نتيجة فقدانه لفترة طويلة، وبالتالى عند العودة يجب أن تكون هناك ضوابط وقواعد للتعامل معه، حسب عمره ونوعه الاجتماعى، ومدى المضايقات التى تعرض لها، حيث يمكن أن يكون قد عانى فى المجتمع الخارجى من التنمر، والتحرش والمضايقات الجنسية، ولذلك يجب التعامل بمنتهى الهدوء مع الدعم والتفريغ النفسى، ومحاولة المشاركة مع الأهل بأنشطة بسيطة، وتجنب تماماً الضغط النفسى عليه ليتعامل بشكل طبيعى، وليكون فرداً طبيعياً من العائلة.

وقالت «الريس»: يفضل كذلك أن يلجأ الأهل لشخص متخصص لمساعدة كل الأطراف على الاندماج معاً، ومعرفة أن هذا التغير لن يحدث بين يوم وليلة، لأن حسب فترة الغياب يكون الاندماج، وأكملت خبيرة الصحة النفسية بضرورة الالتفات إلى لغة الجسد، وهل يعانى المفقود من أزمات نفسية أم لا، مثل مشكلات النوم، والاكتئاب واضطرابات الطعام، والعلاقات الاجتماعية، بعد ذلك سيندمج مع بيئته ويصبح شخصاً طبيعياً، ولكن فى البداية النفور شىء طبيعى، ومن المهم أيضاً التواصل الروحى مع العائد، خاصة فيما يتعلق بالأمور الدينية، وتجنب تماماً الحديث عن الماضى وكأنها فترة فى حياته لم تكن، ونغلق صفحة الماضى ونبدأ معه حياة جديدة وصفحة جديدة كلياً.

 


مواضيع متعلقة