رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر تقدم مفهوما جديدا عن حقوق الإنسان يتصف بالشمولية.. والغرب لا يهتم إلا بالسياسة

رئيس الطائفة الإنجيلية: مصر تقدم مفهوما جديدا عن حقوق الإنسان يتصف بالشمولية.. والغرب لا يهتم إلا بالسياسة
- العام الميلادى
- الطائفة الإنجيلية
- الحقوق الإنسانية
- المجال التنمزوى
- العام الميلادى
- الطائفة الإنجيلية
- الحقوق الإنسانية
- المجال التنمزوى
التقت جريدة «الوطن» القس الدكتور أندريه زكى، رئيس الطائفة الإنجيلية فى مصر، فى حوار خاص تحدّث فيه عن احتفال الكنيسة هذا العام ورسالتها التى تحمل الطمأنينة للجميع، وعن خدمات الهيئة القبطية الإنجيلية التى تقدمها للمجتمع المصرى، وكيفية دعم الحوار المجتمعى ودعم التنوع الثقافى والسياسى، من خلال اللقاءات التى تعقدها الهيئة، وموقف كنائس الطائفة من التقنين بعد صدور قانون دور العبادة الموحد.. وإلى نص الحوار:
فى البداية، كل عام وأنتم بخير، نريد أن نعرف ما هى رسالة القس أندريه زكى فى احتفال عيد الميلاد هذا العام؟
- تأتى رسالة العيد لهذا العام تعقيباً على الظروف التى يشهدها العالم من حروب وأوبئة، وستكون حول أحد أهم معانى الميلاد وهو «عمانوئيل» التى تعنى «الله معنا»، أو فكرة التضامن، التى تتضمن بُعدين رئيسيين الأول هو أن الله يتضامن معنا فى كل التحديات التى نمر بها، وهو ما يجعلنا نركز على البعد الثانى وهو أن التضامن الإلهى يتطلب تضامناً بشرياً، فعلينا أن نتضامن مع بعضنا البعض.
لم يكد العالم يتنفس بعد انتهاء جائحة كورونا حتى جاءت العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا.. كيف ترى هذا الوضع المتأزم فى العالم؟
القس أندريه زكي لـ«الوطن»: قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين في طريقه إلى البرلمان
- العالم بأكمله مر بجائحة كورونا ونتائجها، بالإضافة إلى الأزمة الأمنية التى تواجهها الدول الغربية والشرقية بسبب العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا، فضلاً عن التحديات الاقتصادية فى كل مكان والتى نالت مصر حصتها منها، ومما لا شك فيه أن تلك التحديات والصعاب تمثل عقبة ضخمة يجب على تلك الدول تخطيها، والرسالة التى تسعى الطائفة الإنجيلية لتوجيهها هى التضامن بين البشر بدون الالتفات إلى اللون أو العرق أو الدين.
الهيئة الإنجيلية تخدم 4 ملايين مصري سنويا بدون النظر للعرق أو الجنس أو اللون أو الدين
هل يمكن أن تعرفنا على الدور الذى تقوم به الطائفية الإنجيلية والهيئة الإنجيلية للخدمات الاجتماعية لمواجهة الأزمات المعيشية فى مصر؟
- الدور الاجتماعى للهيئة يتضمن كافة أطياف المصريين، فالخدمات الاجتماعية لا تقتصر على شعب الطائفة فقط، بل يتم تقدم جميع خدمتها للمصريين جميعاً، حيث تقدم خدمات الهيئة الإنجيلية لنحو 4 ملايين شخص سنوياً فى مختلف المحافظات المصرية دون النظر للنوع أو اللون أو الدين أو الجنس، وأفضّل أن أقول مصريين وليس مسيحيين أو إنجيليين.
وتُعد الهيئة شريكاً رئيسياً فى المبادرات الرئاسية التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى تُعد لمحة إنسانية مهمة جاءت فى وقت مناسب للتعامل مع الفقراء ومحدودى الدخل الذين يعانون فى ظل تلك الأزمات التى يمر بها العالم.
الدولة المصرية قامت بدور تاريخي في المجال التنموي
كيف ترى الجهود التى تبذلها الدولة على صعيد المشاريع القومية وجهود التنمية فى مصر؟ وما دور الكنيسة فى مساعدة الدولة فى دفع قطار التنمية؟
- قامت الدولة المصرية بدور تاريخى فى المجال التنموى ومساعدة الطبقات الفقيرة فى المجتمع، والإصلاح الاقتصادى كان ضرورة حتمية، ولكن فاتورة الإصلاح الاقتصادى كبيرة جداً على أن تتحملها الطبقات الفقيرة. والمبادرات الرئاسية والتحالف الوطنى وحياة كريمة هى مبادرات قدمتها الدولة المصرية للطبقة الفقيرة لتخفيف العبء عن كاهل تلك الطبقات من خلال المشروعات القومية والمبادرات، ومنها القوافل الغذائية والمبادرات الصحية التى تهتم بالتوعية وتقديم العلاج، مثل حملات العلاج والوقاية من «فيروس سى».
كيف تقيّم الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من قبَل الدولة المصرية؟
- الدولة المصرية تقدم مفهوماً جديداً عن حقوق الإنسان خلال الفترة الحالية يتصف بالشمولية، خاصة فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، حيث يتضمن النموذج المصرى لحقوق الإنسان السياسية وهو جانب مهم، لكن يجب أن يتضمن حقوقاً أخرى، وهى ثقافية واجتماعية وصحية وتعليمية، إلى جانب الحقوق السياسية، وهى كلها أمور متكاملة ويجب أن يحصل عليها الإنسان أياً كان لونه أو عرقه أو دينه بشكل عادل.
كيف ترى الهجوم الذى تتعرض له الدولة المصرية بين الحين والآخر فى ملف حقوق الإنسان؟
- الهجوم الذى يحدث على الدولة المصرية فى ملف حقوق الإنسان يكون لأسباب سياسية، البعض لا ينظر إلا لجانب واحد من حقوق الإنسان وهو المنظور السياسى، والذى هو على الرغم من أهميته محور واحد ضمن عدة محاور يجب أن يحصل عليها الإنسان مثل الحق فى السكن والعمل وغيرها.
وأؤكد أن الدولة المصرية تقوم بدعم حقوق الإنسان السياسية أيضاً، حيث أطلقت عدداً من المبادرات للاهتمام بالحقوق السياسية، ومنها إعادة تفعيل لجنة العفو الرئاسى التى تقوم بدراسة والنظر لبعض الحالات المقيدة حريتها بسبب قضايا سياسية وإصدار تقارير للجهات المختصة لاتخاذ اللازم، لكننا نؤكد أن الاهتمام بالحقوق السياسية لا يصرف النظر عن الاهتمام بالحقوق التعليمية والصحية... إلخ، بل يجب أن تكون هناك نظرة شاملة على حزمة حقوق الإنسان، كما يجب أن نضع فى الاعتبار أن أى دولة تواجه الإرهاب تقوم باتخاذ سياسات تتناسب مع تلك الظروف التى تعانى منها، على عكس الدول التى تتسم ظروفها بالسلام، حيث يُعتبر الإرهاب عاملاً حاسماً فى التعامل مع ملف حقوق الإنسان بشكل مختلف.
هل سيكون للطائفة الإنجيلية دور فى المشاركة باستراتيجية حقوق الإنسان التى أطلقتها الدولة؟
- ملف حقوق الإنسان هو ملف وطنى أكثر من كونه طائفياً، حيث يجب أن يكون التعامل مع تلك الملفات من منطلق قومى ووطنى وليس طائفياً أو فئوياً، وإن كان للكنيسة دور فهو دور توعوى تعمل من خلاله على توعية المواطنين بأهمية حزمة الحقوق المتكاملة وممارستها بشكل صحيح.
وأنا أؤكد أن الكنيسة الإنجيلية تهتم بحقوق الإنسان ولا تقزمها ولكن فى إطار النظرة المصرية لها على عكس الغرب الذى يهتم بجانب واحد، وهو السياسى الذى لا ينكر أحد أهميته. ونؤكد أن الكنيسة جزء من مؤسسات الدولة تنادى بالتوعية والسلام وتصلى من أجل القادة.
كيف كان التفاعل مع الحوارات التى تضمنت كيفية مواجهة خطاب الكراهية؟
- كان هناك تفاعل كبير من قبَل مؤسسات المجتمع المدنى، ومنها طلب المجلس القومى لحقوق الإنسان للمشروع الذى أعدته الهيئة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى خلال الفترة الماضية عن خطاب الكراهية، حيث يدرس المجلس القومى لحقوق الإنسان خلال الفترة الحالية تقديم طلب لمجلس النواب لإضافة مادة دستورية لتجريم خطاب الكراهية، حيث يُعد نواة العنف ورفض الآخر. أما القضية الثانية فهى تتناول ثقافة التنوع ودعم التعددية وتُعتبر قضية مهمة لأن التنوع والتعددية هما سمة الحياة والمجتمعات، وهى متعددة منها الدينى والاجتماعى والسياسى.
والتنوع أو التعددية قضية اجتماعية وتاريخية وإنسانية، فالتنوع يرتبط بالتسامح، ويُعد أكثر تفسيرات التسامح سطحية هو «الغفران من القوى للضعيف» ونحن نعتقد أن التسامح أكثر عمقاً من هذا، فالتسامح فى معناه العميق أن تقبل اختلاف الآخر، حيث يقبل المسلم المسيحى والعكس وكذلك يقبل المثقف غير المثقف ويقبل التاجر الصانع، وكذلك أن يقبل الرجل المرأة والعكس، فالقضية ليست دينية فقط ولا يجوز حصرها فى الدين فقط.
صرحت خلال المؤتمر بأنه من الخطأ حصر المواطنة فى المفهوم السياسى فلماذا؟ وهل ترى أن المواطنة فى مصر محصورة فى المفهوم السياسى؟
- المواطنة من المنظور السياسى وحده لا تحقق رؤية متكاملة، فالمواطنة مفهوم سياسى ودينى، والمطالبة بالاهتمام بالجوانب الأخرى للمواطنة لا تعنى إهمال المواطنة من المنظور السياسى أو التقليل منها. البعض، لأسباب سياسية، يحصر المواطنة فى المفهوم السياسى والحقوق السياسية فقط، وهو أمر خاطئ، حيث إن لكل دولة طبيعتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى تجعلها تجربة فريدة من نوعها، فكما ذكرنا فإن الحقوق الإنسانية هى حزمة مكونة من الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولا يمكن تقزيمها فى حق واحد فقط. ولكن ما تدعو إليه الدولة المصرية حزمة متكاملة وأن المفهوم السياسى وحده لا يكفى، فيجب أن تكون مواطنة ثقافية واجتماعية وأن تكون المواطنة أيضاً فى التعددية وقبول الآخر. والدولة المصرية تتبنى هذا وكذلك عدد من المفكرين حول العالم، أن المفهوم السياسى مهم ولكن هناك عدداً من المفاهيم التى تكمله وتدعمه.
إذاً كيف تقوم الدولة المصرية بالخروج من هذا المفهوم؟
- تقوم الدولة المصرية بدور كبير للخروج من هذا الحصار، من خلال ربط المواطنة بأرض الواقع من خلال عرض العديد من القضايا والمشاركة فى الأحداث المختلفة، فعلى سبيل المثال يظهر دعم المواطنة من خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى الكاتدرائية لتهنئة المسيحيين بالأعياد الدينية بانتظام. ومن الأمور التى تؤكد دعم الدولة للمواطنة أنه فى كل مرة يتم طرح بناء أو إنشاء مدينة جديدة، يصر الرئيس على أن يكون افتتاح الكنيسة بجانب المسجد، والإعلان عن هذا بصورة رسمية ينشئ وعياً عاماً بالمواطنة، من خلال التأكيد، بشكل غير مباشر، على أهمية أن يكون لكل شخص مكان للعبادة فى مصر، ويجب أن نؤكد أن هذا سوف يسجله التاريخ لأنه سابقة لم نشهدها من قبل على مر التاريخ، وكذلك طرح قانون تقنين وبناء الكنائس، وإنشاء هيئة الأوقاف الكاثوليكية والإنجيلية، وعرض قانون الأحوال المدنية لغير المسلمين الذى هو فى طريقه إلى البرلمان، وإدراج قضايا حقوق الإنسان والمواطنة ضمن أجندة الدولة.
منذ تطبيق قانون دور العبادة الموحد تم تقنين 428 كنيسة وبيتا للخدمات للطائفة الإنجيلية
بالحديث عن قانون تقنين وبناء الكنائس، كم تبقى من كنائس الطائفة الإنجيلية التى لم يتم البت فى تقنينها طبقاً لقانون بناء الكنائس فى الفترة الأخيرة؟
- نشأت الطائفة الإنجيلية فى مصر منذ نحو 200 عام، قامت خلالها ببناء نحو 1500 كنيسة وبيت للخدمة، وبعد صدور القانون تقدمت الطائفة الإنجيلية بطلب لتقنين أوضاعها، من خلال الحصول على ترخيص 970 كنيسة و100 بيت مؤتمرات وخلوة، تمت الموافقة على تقنين 428 منها حتى هذه اللحظة، وهذا يؤكد فاعلية القانون وأهميته.
يدور الحديث حالياً فى المجتمع حول قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، ماذا عن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين؟ ولماذا تعطل حتى الآن؟
- بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين، فقد تم الاتفاق عليه من قبَل الطوائف المسيحية المختلفة، وهو فى طريقه إلى البرلمان ومن المحتمل أن يصدر بالتوازى مع صدور قانون الأحوال الشخصية للمسلمين.
كيف ترى مطالبة الرئيس عبدالفتاح السيسى بتطوير الخطاب الدينى فى عدة مناسبات، هل ترى أن هناك تطوراً فى الخطاب؟
- الخطاب الدينى له طابع يختلف عن الخطاب الاجتماعى والسياسى والثقافى لأنه يتعامل مع المتغيرات والثوابت وقضية الدين وعلاقته بالثوابت والمتغيرات معقدة. وتُعتبر دعوة الرئيس لتطوير الخطاب الدينى مهمة للغاية، حيث يشكل الدين فى مصر منظومة الوعى للمسلمين والمسيحيين، ولا تقتصر مهمة تجديد الخطاب الدينى على المؤسسات الدينية فقط وإنما تمتد لتشمل الإعلام ومناهج التعليم والسوشيال ميديا والمؤسسات الرياضية، فكل تلك المؤسسات يجب أن تتضامن وتتكاتف مع بعضها من أجل تجديد الخطاب الدينى الذى يُعد ضرورة مُلحة فى المجتمع المصرى حالياً. وتطوير الخطاب الدينى من الأمور التى تصب فى صالح الدين نفسه، سواء الإسلامى أو المسيحى، لأن الدين دائماً يحتاج إلى طريقة يقدَّم بها، ودائماً ما أؤكد أن «النصوص سمحة ولكن هناك جموداً فى التفسير»، حيث إن مشكلة الخطاب الدينى لا تتمثل فى النص وإنما تتمثل فى التفسير فالنصوص الدينية غنية بالمعانى التى تناسب كل عصر وزمان، وتفسر كل ما يدور حولنا، والمشكلة ليست فى النص وإنما فى المفسرين الذين يفسرون بناء على أفق ضيق ويدّعون أنهم يملكون القراءة الشرعية لتلك النصوص المقدسة، فهناك فرق بين النص وتفسيره، وعندما يجمّد المفسر نفسه فى النص ويعطى لنفسه قدسية ليست له، يكون السبب فى بث الكراهية والعنف.
أؤكد أن القدسية هى للنص الدينى وحده، أما المفسر فإنه يجتهد فيُحتمل أن يصيب تفسيره أو يخطئ، بينما النص له سياق وظروف تاريخية وله أسباب نزل فيها وله ثقافة ولغة، وكل تلك العوامل تجعلنا ندرك أن تجديد الخطاب الدينى يُعد ضرورة مُلحة خاصة خلال الوقت الحالى.
دعوة الرئيس لتطوير الخطاب الدينى مهمة للغاية وتُعد ضرورة ملحة فى المجتمع المصرى حالياً فـ«النصوص سمحة ولكنّ هناك جموداً فى التفسير»
حوار الثقافات
حوار الثقافات يستهدف بناء جسور التفاهم بين مختلف الأطياف، ونعمل فى المستوى المحلى من خلال عدة برامج تقدمها الهيئة بالمشاركة مع وزارة الأوقاف ومشيخة الأزهر الشريف ودار الإفتاء والكنائس المصرية بطوائفها المختلفة ومؤسسات المجتمع المدنى. بالنسبة للحوار المحلى يتم حالياً تناول قضيتين من أهم القضايا التى تهدد المجتمع المصرى هما مواجهة خطاب الكراهية التى تُعتبر من القضايا المهمة والتى ركز عليها المنتدى خلال جلسته الأخيرة من خلال مناقشة محور التنوع ونحو ثقافة داعمة للتنوع الثقافى والاجتماعى. ويرجع اهتمام الهيئة بمناقشة خطاب الكراهية إلى أن العنف يبدأ بفكرة تتوغل داخل عقل الإنسان ثم تتمكن منه حتى نجد الشخص المتعصب لفكر معين، ويظهر العنف فى المجتمع فى صورته الأخيرة التى تتمثل فى التخريب وغيره، فالكراهية فكرة تبدأ برفض الآخر ثم تكفره ثم يصل الوضع إلى القتل، والأمر لا يقتصر فقط على مصر وإنما فى العالم بأكمله.