بروفايل| عصام إسماعيل فهمى.. مدرسة الصحافة الخاصة

كتب: أسامة خالد

بروفايل| عصام إسماعيل فهمى.. مدرسة الصحافة الخاصة

بروفايل| عصام إسماعيل فهمى.. مدرسة الصحافة الخاصة

لم يكن عصام إسماعيل فهمى مجرد ناشر للصحف الخاصة فقط، إذ كان مناضلاً صاحب مبدأ لا يلين ولا يهدأ، ولا يخاف فى الحق لومة لائم. وقف «فهمى»، المناضل الوفدى، وحده فى ساحة خلت من المعارضين الحقيقيين فى منتصف التسعينات وأوائل القرن الحالى، فتح صدره أمام حكومة فاسدة تعشق التطبيل والتهليل، ولم يرضَ إلا بالمعارضة عنواناً، وبالاختلاف مبدأً، وأمام صمت الصامتين ومراقبة الخائفين، لم يرضَ إلا أن يكون الصوت عندما كانت الدنيا سكوتاً، لم يغضب من حملات التشويه ومن محاولات الخنق والتسفيه، وقف مناضلاً مدافعاً عن فكرة آمن بها، رغم تضييق نظام فاسد متهالك حاول شراءه ولم يستطع، فعمل على إسكاته ولم يفلح. مات «فهمى»، بائع شرائط الكاسيت، الخبير فى أغانى «الهيبز» و«البونى إم»، والحافظ لكل أغانى «مايكل جاكسون» وجيله، الذى ضل طريقه من شرائط الكاسيت إلى عالم الصحف، ليتحول إلى أهم ناشرى الصحف فى مصر على مدار العقود العشرة الأخيرة. وجبة من المكرونة والفراخ كانت البداية لكل إصدار صحفى أصدره، كان يتفاءل بتلك الوجبة مع رفيق دربه إبراهيم عيسى فى الدستور الأول، ثم كانت عرفاً مع كل إصدار مكرونة وفراخ، وتوالت الوجبات والإصدارات من «الدستور» لـ«صوت الأمة» وحتى «عين». كانت تجربته الأولى بالتسعينات بإصدار صحيفة الدستور الأولى، التى أغلقت بعدما انتزعت مساحة واسعة من الحرية منحتها لنفسها، رفعت سقف حريتها وآمالها وطموحها ضد رغبة نظام كان لا يرضى إلا بالحرية منزوعة الدسم، ولا يسمح إلا بهامش ضيق يمنحه بمزاجه، ولم يرضَ عصام فهمى وكتيبته فى الدستور إلا بحرية على هواهم، فكان العقاب إغلاق الدستور، وصدمة وجلطة لـ«فهمى»، الناشر العنيد، الذى خاض لسنوات مغامرات مع النظام لكسر قيود فرضت عليه، ثم جاءت «صوت الأمة» التى قادت لسان المعارضة وكسرت كل التابوهات فى وقت صمت فيه الكثير، ولم ينسَ «فهمى» ابنه البكر «الدستور»، فخاض على مدار سنوات طويلة معركة قضائية انتهت بعودة «الدستور» إلى أحضانه، ليقود عصام فهمى وأبناؤه من كتيبة المقاتلين المعارضة الصحفية فى مصر، ثم جاءت صحيفة «صوت الأمة الرياضية»، وصحيفة «عين» الفنية، ومن بعدهما صحيفة «الحلوة» الفنية. ورغم حصار الحكومة له ومنع الإعلانات عن صحفه ومحاولة تكميمه، فإن «فهمى» لم يرضخ ولم يتراجع، لكنه لم يستطع أن يطلق حلمه الأخير بقناة «محطة مصر» إلى النور بعدما حاصروه مادياً بكل الطرق. هادئ، بسيط، عفوى، مبتسم، عنيف، هادر، عصبى، كان عصام فهمى كل هؤلاء فى وقت واحد.. ملك المتناقضات، الطيب، الخبير فى الصحف، لم يكن يتدخل فى المادة الصحفية بصحفه، لكنه كان صاحب رأى ورؤية ثاقبة بما سيرضى أذواق القراء. يرحل تاركاً خلفه سيرته التى لا يغفلها أحد، وصحفه وشركاء نضاله منارة لا تنطفئ.