بروفايل| فهمي.. رجل أعمال "زلزل" عرش مبارك بـ"سلاح الصحافة الخاصة"

بروفايل| فهمي.. رجل أعمال "زلزل" عرش مبارك بـ"سلاح الصحافة الخاصة"
جاء وقت جفَّت فيه الصحف الخاصة المعارضة من مصر، وسادت الصحافة القومية، فسعى هو لإيجاد بديل عنها وإنشاء كيان مختلف لينشئ "الدستور" الخاص به، كشاهد على أولى ملامح التغيير في البلاد لتكون من نصيب عصام إسماعيل فهمي، ويلقَّب بـ"رائد الصحافة الخاصة في مصر".
الإرادة والنضال.. كانا عنوان حياته، فلم توقفه صعوبات الحياة بل سعى للتغلب عليها، على الرغم من قلة إمكانياته وقتها، ما رسم داخله ملامح شخصيته القوية العنيدة المثابرة أمام ضعف المساعدات المتوافرة لأبناء جيله حينذاك، فبدأ عمله بعد تخرجه من كلية التجارة لجامعة القاهرة في عام 1975، كمحاسب بإحدى شركات صناعة الكاسيت.
شدة حبه للموسيقى، وخاصة الأمريكية منها، دفعته لإنشاء شركته الخاصة "ساوند أوف أمريكا" فأهدى المصريين أولى شرائط "الكينج" محمد منير في بداية حياته، من بينها ألبوم "الطول والنور والحرية"، وشريط فيديو اعتزال محمود الخطيب، قبل أن يتجه إلى فتح دار نشر بسيطة، ويلقى نجاحًا متميزًا بها، فتبزغ داخله فكرة إنشاء أول دار صحافة خاصة، وهي جريدة "الدستور" لأول مرة في عام 1995، بترخيص قبرصي الجهة، حيث لم تكن هناك فرصة لصدور صحيفة بغير هذا الطريق أو بشراء رخصة قديمة تأسست قبل عام 1952.
وعلى الرغم من إصدار قرار إيقاف جريدته الخاصة، إلا أن فهمي، مواليد حي عابدين بالقاهرة، في 3 يوليو 1954، لم يستسلم لذلك القرار فعمل على إنشاء صحيفة "صوت الأمة" ثم "الحلوة" النسائية، و"عين" الفنية و"صوت الأمة" الرياضي، ولم ينسَ محاولة استعادتها عبر صراعات مريرة خاض من خلالها حروبًا طويلة المدى مع الحكومة في فترة التسعينيات، وبالفعل نال هدفه في عام 2005 لإصدارها أسبوعيًا، وأعاد إصدارها اليومي في 2007، فضلًا عن محاولته نشر مذكرات وزير الداخلية الأسبق زكي بدر.
وما بين العديد من حاويات "الفراخ والمكرونة"، اصطف العاملون بالجريدة أمامها في مشهد يجعله أشبه بمطعم جديد، إلا أنه كان العرف السائد لدى الرجل الوفدي الميول للاحتفال بكل إصدار جديد له، من عادة اتبعها مع رفيق دربه إبراهيم عيسى.
لم تخلُ حياة رجال الأعمال الشهير وقتها من الاتهامات والصراعات فوجهت إليه تهمة "تهرب ضريبي"، وقامت أجهزة أمن مبارك بتفتيش مقر "صوت الأمة" السابق بميدان لبنان، وقضت المحكمة على الرجل بالسجن 3 سنوات و3 ملايين جنيه غرامة، تم تخفيضها إلى 50 ألفًا في قضية اتهامه بالامتناع عن سداد ضرائب مستحقة على جهات عمله فيما بعد، وأرجع ذلك وقتها إلى أنها ضريبة معارضته لـ"التوريث" وإفراد مساحات واسعة في الجريدة لمهاجمة سياسات مبارك وسعيه لتوريث الحكم لنجله جمال، تلقى على إثرها رسائل تهديد عدة للامتناع عن مهاجمة "التوريث".
وعلى الرغم من تأسيسه للعديد من الصحف والمنشآت الإعلامية، إلا أنه كان قليل الظهور الصحفي، فلا توجد عنه معلومات كافية على شبكة الإنترنت، إلا أن موقعي "إيربين بيزنيس" و"فوربس للشرق الأوسط" اهتما به بشكل خاص، وكان الأخير أول من أطلق عليه لقب "مؤسس الصحافة المستقلة".
ومنذ ما يقرب من 5 أعوام، انهارت قوى الرجل الجريء صاحب المواقف القوية العنيدة والمساعدة لكل من حوله من صحفيين وعمال، أمام المرض، ليصاب بالشلل النصفي الذي يتطور فيما بعد ويصل لانعدام قدرته الكلية على الحركة، ومن ثم يتولى أبناؤه "أحمد" و"نهال" إدارة أعماله الخاصة، إلى أن توفي اليوم، بمستشفى الصفا في المهندسين، عن عمر ناهز الستين عامًا.