«تدوير المياه» يخدم الزراعة والصناعة ويوفر مياه النيل

كتب: خالد عبدالرسول

«تدوير المياه» يخدم الزراعة والصناعة ويوفر مياه النيل

«تدوير المياه» يخدم الزراعة والصناعة ويوفر مياه النيل

انطلاقاً من حقيقة محدودية وثبات الموارد الموجودة على الأرض، منذ بدء الخليقة إلى الآن، وضرورة استغلالها بالشكل الأمثل الذى لا يهدرها فتنفد، أو يفسدها فتضر بالبيئة، تؤكد الدكتورة إيناس أبوطالب، أستاذ معالجة المخلفات السائلة والدراسات البيئية بالمركز القومى للبحوث، ورئيس جهاز شئون البيئة السابق، ضرورة إعادة تدوير المياه المستخدمة للاستفادة منها مرة أخرى، باعتبارها فى مقدّمة الموارد المحدودة التى يستخدمها الإنسان، والواجب إعادة تدويرها.

تشرح «أبوطالب» الأسباب وراء ذلك، قائلة: «بالنسبة للمياه، فإنها مورد محدود، هناك نقص فى كميات المياه العذبة، نظراً للتغيرات المناخية، علاوة على وجود مشروعات السدود فى أعالى النيل، يأتى ذلك فى ظل استمرار جهود التنمية التى تتطلب استخدم موارد البيئة، ممثلة فى المياه والطاقة والقوى العاملة، والمياه هنا تعتبر من أهم الموارد اللازمة لاستدامة المشروعات، ولذا يجب تعظيم الاستفادة منها بإعادة تدويرها، لضمان تحقيق خطط التنمية الشاملة.

أستاذ بيئة: الدولة تنفّذ مشروعات لتدوير مياه الصرف الزراعي لإعادة استخدامها

تتوسع أستاذ معالجة المخلفات السائلة فى شرح الأمر، مضيفة: الموارد الأساسية للمياه التى تأتى لنا، هى فى الأساس نهر النيل والأمطار والمياه الجوفية، وهذه الموارد ليست بالحجم الذى يتناسب مع معدلات التنمية الجارية فى مصر فى ظل الزيادة السكانية، لذا نلجأ لتدوير هذه الموارد عدة مرات، لتعظيم الاستفادة منها، بالإضافة إلى استخدام مياه البحر بعد تحليتها.

وتوضح «أبوطالب» أن أغلب المياه التى نستهلكها فى مصر، يتم استهلاكها فى الزراعة، حيث تصل كميتها إلى نحو 82% من الموارد المائية، وهذه المياه المستخدمة فى الزراعة تصل فى نهاية المطاف إلى المصارف الزراعية، ومياه المصارف الزراعية كانت وجهتها البحر، وحتى لا نُهدر مياه الصرف الزراعى فى البحر يتم معالجتها واستخدامها مرة أخرى.

وتوضح «أبوطالب» أن الدولة تقوم منذ فترة بمشروعات كبيرة لتدوير مياه المصارف لإعادة استخدامها، مثلما هو الحال فى مصرف بحر البقر، وبعض المصارف الموجودة فى الإسكندرية، حيث يتم إعادة تدوير مياهها لاستخدامها فى تغذية محطة الحمام لخدمة «مشروع الدلتا الجديدة» (الذى يشمل مشروعى مستقبل مصر وجنوب محور الضبعة)، والقائم على معالجة وتدوير بعض مياه مصارف الإسكندرية (العموم وغرب النوبارية والقلعة وأبوقير)، بعدما كانت تلقى مياهها على البحر، لتغذى منطقة الدلتا الجديدة، لخلق مجتمع زراعى به زراعات استراتيجية وفرص عمل، ويضمن الأمن الغذائى فى ما يتعلق ببعض أنواع الزراعات.

ويأتى الدور المجتمعى فى إعادة تدوير المياه فى المنازل، كأحد مجالات تدوير المياه الممكنة، حيث إن أغلب المنازل الآن بها أجهزة تكييف تنتج عنها مياه من رطوبة الهواء، ويمكن لكل مبنى تجميع مياه التكييفات، وهى مياه مقطرة نظيفة لا تحتوى على أملاح ويمكن الاستفادة منها بإضافة بعض المغذّيات إليها واستخدامها فى الرى بدلاً من أن تؤثر على صلاحية المبانى.

الصناعة تحتل المركز الثالث في استهلاكات المياه في مصر

وبالنظر إلى أن الصناعة تحتل المركز الثالث فى استهلاكات المياه فى مصر (نحو 4.5% من حجم الموارد المائية)، بعد الزراعة التى تستهلك نحو (82%) والاستخدام الآدمى نحو (13.5%)، كما تضيف «أبوطالب»، من هنا تأتى أهمية إعادة تدوير مياه الصرف الصناعى لضمان استدامة الصناعة، وهو ما توضحه أستاذ معالجة المخلفات السائلة، قائلة: هناك مساران لمعالجة مياه الصرف الصناعى إما المعالجة والتدوير داخل العمليات الصناعية فى الصناعة نفسها كما فى حالات صناعة الورق والمعادن والسيراميك والسيارات.. إلخ، وإما معالجتها لتتوافق مع معايير القوانين البيئية المنظمة لذلك.

وتأتى أهمية معالجة مياه الصرف من كل مصنع يستهلك المياه لتجنّب وجود مخلفات خطرة ناتجة عن بعض الصناعات تصب فى شبكات الصرف، ومنها إلى محطات المعالجة العمومية، التى قد تؤدى إلى تآكل شبكات الصرف وتؤثر على عمرها الافتراضى، علاوة على تأثيرها السلبى على كفاءة محطات المعالجة المركزية، مما يؤدى إلى زيادة التكاليف الإنشائية للمحطات المركزية لزيادة قدرة المحطات المركزية على إزالة الملوثات الخطرة ذات التركيزات الدقيقة micro-pollutant، ولذلك يتم إلزام كل مصنع بمعالجة المخلفات السائلة الناتجة عن العمليات التصنيعية، لتنتج عنها مياه تتوافق مع معايير القوانين المنظّمة للصرف على شبكات الصرف، حيث تتم معالجتها مثل الصرف الصحى، ويمكن استخدامها مرة أخرى، بعد المعالجة والتنقية الكاملة والتعقيم، فى عمليات الزراعة، أو فى الحفاظ على مناسيب المياه فى المجارى المائية.


مواضيع متعلقة