الكذب على وزيرة الهجرة!

أميرة خواسك

أميرة خواسك

كاتب صحفي

أصبح من الصعب على أى متلقٍ التمييز بين ما هو صحيح وما هو مدسوس عليه، ولأننا نتعرض يومياً لعشرات المواقع والقنوات ومئات الأخبار والتحليلات، فمن الوارد أن يمر بعضها وهو لا يحمل من المصداقية أدنى درجاتها، هذا ربما يحدث مع المهتمين بالشأن العام والصحفيين والإعلاميين، فماذا عن المواطن الذى تتلاطمه أمواج من الأكاذيب والتضليل المستمر، الذى يصعب حتى على المحترفين تمييزه، فكيف حال البسطاء منهم.من المعروف بالطبع الذين ينشطون فى أزماتنا ومتاعبنا ويروجون الشائعات والأكاذيب، وهم يستخدمون أساليب مدهشة غاية فى الخبث والدهاء والشر، ولا يتورعون عن قول أو فعل أى شىء فى سبيل نشر تلك الأكاذيب.لقد نشر أحد تلك المواقع خبراً عن وزيرة الهجرة السفيرة سها جندى، ويتضمن الخبر أنها تجتمع مع عدد من كبار الأطباء فى الخارج لإقناعهم بالعودة إلى مصر والعمل فيها، وذلك بعد هجرة ٦٥٪ من الأطباء خارج البلاد بسبب التضييق عليهم، أما عنوان الخبر فهو «محاولات حكومية لإقناع الأطباء بالعودة إلى مصر والعمل فيها»!تعجبت لبرهة ثم بحثت فى نشاط الوزيرة للتحقق من هذا الخبر، فكانت حقيقته كالتالى: أن الوزيرة عقدت لقاء مفتوحاً مع عدد من أعضاء الجالية المصرية فى الرياض العاصمة السعودية والمنطقة الشمالية، خلال جولتها الخارجية الأولى، الوزيرة حرصت على أن تصطحب وفداً فيه ممثل رفيع المستوى من الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى لعرض آليات اشتراك المصريين فى الخارج وحصولهم على معاش شهرى وتعويض عقب التقاعد، وهو عرض قدمه السيد أشرف عطية، رئيس الإدارة المركزية للمراجعة والحوكمة بالهيئة، كما عرضت التنسيق مع وزارة التربية والتعليم للرد على استفسارات المصريين فى الخارج الخاصة بأبنائهم واستحداث نظام امتحانات الفصلين الدراسيين لأبناء المصريين فى الخارج. تناولت أيضاً موضوع الإعفاء الجمركى لسيارات المصريين المقيمين خارج مصر، واصطحبت عدداً من ممثلى البنوك المصرية الوطنية لشرح المميزات والأوعية الادخارية والخدمات البنكية المخصصة وقروض التمويل العقارى للمصريين فى الخارج. تكرر النشاط نفسه فى مدينة جدة، والحقيقة أنه نشاط مدروس ومبشر.لكنها فيما يبدو حين شاركت فى فعاليات المؤتمر الدولى السنوى للأطباء والعلماء المصريين بالخارج والداخل فى مجال الأورام وألقت كلمه وكرمت علماء - عند ذلك قام المتربصون من قوى الشر بمزج الخبرين وإضافة السم، ولكن بغباء متوافر لديهم فهم يفتقرون للإبداع حتى فى تضليلهم، وكانت نسبة الـ٦٥٪ هى التى فضحت كذبتهم، فإذا كانت هذه النسبة من الأطباء قد تركت مصر، فمن هؤلاء الذين يعمرون مستشفياتنا ومراكزنا الطبية؟ وإذا كان هؤلاء قد التحقوا بأعمال خارج مصر، فكيف ولماذا تطلب منهم الوزيرة أو حتى أى مسئول آخر العودة؟لكن هكذا هى نوعية الأكاذيب المضللة التى يتعرض لها شعبنا فى كل يوم حتى يكره بلده ومعيشتها، هذا الخبر يمكن أن ينخدع فيه البعض، وربما يشعرون بالضيق والفزع، لأن معظم أطباء مصر قد تركوها ورحلوا، وهذا هو بيت القصيد، تصدير الخوف والقلق، ومثل هذا كثير، وهذا ما يجب أن نتنبه وننبه إليه بعضنا بعضاً، حتى لا تنفد تلك الجراثيم بيننا فتمرضنا وتستغل أوجاعنا فى وقت هو أحوج ما فيه تلاحمنا.