منتدى مصر للإعلام.. رؤية لمستقبل المهنة

لينا مظلوم

لينا مظلوم

كاتب صحفي

شهدت مصر خلال الشهر الماضي، أحداثا تمثل مطالب طال انتظار تحقيقها.. افتتاح قناة القاهرة الإخبارية وتلاه منذ أيام إطلاق منتدى مصر للإعلام، كدليل على حيوية وقوة المهنة بشقيها المقروء والمرئي.

تحول هذا الحلم إلى حقيقة عبرت عنها في الافتتاح كلمة السيدة نهى نحاس رئيسة المنتدى.

قطاع الإعلام يستمد أهميته من عدم وجود لقاء سياسي، ثقافي، اجتماعي إلا ويكون الإعلام حاضرا؛ إذ لا توجد دولة تسعى إلى تحقيق تنمية أو لعب دور سياسي مؤثر دون أن تضع استراتيجية إعلامية تعبر عن قوة الدولة الحقيقية.. من هنا كانت أهمية إطلاق منتدى سنوي من مصر يجمع إعلاميي وكتاب العالم العربي ودول الغرب كخطوة نحو دعم التأثير العربي في توجهات الرأي العام الدولي، تحديدا في إطار مجموعة تحديات فرضت إعادة تشكيل ملامح الإعلام بين نوعيه التقليدي والحديث، وظهور شريحة كبيرة من الجمهور أصبحت بعد انتشار وسائل التواصل تقود العمل الإعلامي.

هنا تظهر إشكالية قدرة النخبة الإعلامية والمثقفة على امتلاك قوة التأثير في الرأي العام وسط كل التطور الذي نقل طبيعة وآليات ممارسة العمل الإعلامي والصحفي إلى آفاق جديدة مختلفة.

التحول فرض استحداث قواعد إعداد العاملين بمهارات العصر، وأيضا بعد انتشار وسائل تبادل المعلومة، أصبحت الحاجة أكثر إلحاحا لخلق استراتيجية إعلامية عربية.

رغم الخطوات التي حققها الإعلام العربي في تجاوبه مع ثورة الاتصالات وتغيير أنماط الأداء بما يتناسب مع الوافدين الجدد مثل المواقع الإخبارية والسوشيال ميديا، كان لا بد من اكتمال هذه المساعي عبر التواصل المباشر وتبادل الخبرات والرؤى في أجواء نقاشات تطرح بشفافية ملفات مثل جذب اهتمام الشباب - الشريحة الأكبر من مستخدمي وسائل التكنولوجيا – نحو الحصول على معلومات موثقة بعدما حاصرته كمية هائلة من المعلومات المغلوطة والتقنيات المزيفة.

أن تتصدر أولويات الإعلام مسؤولية تشكيل الهوية الوطنية بين الشباب العربي، كما نجح العديد من أعمال الدراما والسينما في إبراز ملامح هذه الهوية بكل ما أحدثته من ردود أفعال إيجابية.

الملفات المهمة في المنتدى لمست الواقع بصدق في مناقشة تشكيل رؤية إعلامية مؤثرة تملك قوة التعامل واحتواء قدرة استغلال وسائل التواصل الاجتماعي في ترويج رسائل ومشاهد مطلوب نشرها بين المتلقي العربي دون أي ضبط أو حظر لرسائل العنف والكراهية أو حتى مراجعة أنشطة لجان إلكترونية تخصصت في بث أخبار مفبركة ومواقع دولية تختار المصادر واللقطات المصورة بطريقة مغرضة.

تجاوزت محاور المنتدى الوقوف عند تصدي الإعلام المهني لمناورات الالتفاف عليه إلى ضرورة أن يشمل الخطاب الإعلامي توضيحا لآليات الكشف عن المعلومات المضللة والتزييف المتعمد في خطط صناعة الفوضى والحض على العنف.

كشف هذه الوسائل الخبيثة يعد خطوة أساسية لإفشال وفضح محاولات استهداف الدول عبر ممارسات خداع الرأي العام على شعوبها، وأفضل الحلول التي يمكن اعتمادها للحد من هذا الأثر السلبي تأسيس منظومة إعلامية مهنية تعتمد لتحقيق مصداقيتها لدى المتلقي على كل ما يمكن استخدامه من تقنيات المعلومات في عرض الحقائق بالصور والوثائق.

وأن كان التمرد على الوصاية هو سمة جيل الشباب، فإنه قطعا لن يرفض التفرقة بين محتوى كاذب أو تقرير مضلل مقابل آخر متحقق من مصداقيته بالدلائل المعروضة أمامه.

المنتدى ركز في محاوره على الجمهور، الاستحواذ على اهتماماته في السباق بين منصات السوشيال ميديا من جهة، والعمل الإعلامي المحترف الذي تزداد قدرته على امتلاك الجمهور كلما اقترب من نبض المتلقي وأولويات اهتماماته مع ازدياد وقع هذه الإشكالية بظهور أخطر منافس - الإنترنت - ما استدعى وجود أدوات متطورة في الانفتاح على العالم ومخاطبته بلغة إعلامية تعتمد المصداقية والتوثيق حتى أمام إصرار بعض المواقع والمنابر الإعلامية على انتهاج صيغ التحفز تجاه دول محددة.

منتدى الإعلام ولد في عامه الأول نموذج متكامل للتواصل والحوار، المؤكد أن استمراريته سنويا ستشهد نتائج إيجابية وتطورا في قطاع مهنة تحظى باهتمام العالم.