حتى تكتمل الصورة.. المصانع المصرية (12)

أحمد رفعت

أحمد رفعت

كاتب صحفي

هذا حديث محبّب إلى النفس.. تهواه الروح.. يرفع الأعناق ويريح البال.. حتى لو كان ما وصلنا إليه ليس آخر ما نتمناه ولا نأمل فيه.. لكنها خطوات مهمة إلى الأمام تحتاج إلى الاستمرار كما تحتاج إلى الدعم.. فبعد أن تحدثنا عن «البيئة الصناعية»، وفيها تناولنا مجمل الإجراءات التى اتُّخذت السنوات الماضية للانطلاق بالصناعة المصرية وتسهيل عمل المستثمرين فيها، وهو ما تطلب تشريعات وإجراءات وقرارات كثيرة كان أحدها ما سمعناه وسمعنا عنه الأيام الماضية ما يُسمى بـ«الرخصة الذهبية»، وهى إجراء لمنح الترخيص لمنشأة ما وتجهيز الخدمات المطلوبة لها فى إجراء واحد بيوم واحد!!وبعدها تحدثنا عن «الصناعة المصرية» كتناول عام عن الإطار الذى تعمل به صناعاتنا.

اليوم تكتمل صورة «ما وصلت إليه الصناعة والمصانع فى مصر».. لذا نتحدث اليوم عن المصانع ذاتها التى انطلقت فى العمل أو أعيدت للعمل السنوات الثمانى الماضية.فى عام ٢٠١٥، فوجئ المصريون بأنباء عن افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى أحد المشروعات بالإسكندرية.. بعد انتقال البث المباشر إلى هناك، عرفنا جميعاً أن المقصود هو «ترسانة الإسكندرية» العريقة، إحدى أهم قلاع مصر الصناعية التى تأسست مع ثورة مصر الصناعية الوطنية فى الستينات، حيث بدأ العمل بها عام ١٩٦٠ ودخلت الخدمة عام ١٩٦٢ وتخصّصت ليس فقط فى بناء السفن، وإنما فى صيانتها لمصر وللغير.. ثم حدث أن تدهورت الشركة بكل إمكانياتها.. وحل دورها فى التخلص منها.. وقصة عرضها فى الخصخصة أو لشركات أجنبية تعيدها إلى مكانتها حتى تصفيتها أو بيعها بسعر يليق بها على الأقل أمام الرأى العام.. أو عرضها على شركات تديرها بما يعنى غياب الكفاءات المحلية، نقول: لذلك قصة طويلة مهينة للأسف، لكن ليس هنا مجاله.. ولم ينقذنا وينقذ الشركة من ذلك كله إلا تدخل القوات المسلحة وحماية الشركة والمطالبة بإبقائها تحت إدارتها (جهاز الصناعات والخدمات البحرية للقوات المسلحة) باعتبارها صناعة مهمة لا غنى عنها خصوصاً فى المستقبل!

وقد كان.. حتى أعيدت إلى أبهى صورة لها فى العام المذكور، ليسترد الشعب المصرى ثروته وممتلكاته وتعود للعمل وعلى أروع ما يكون حتى قدمت بأيدٍ مصرية، وبالتعاون التقنى مع فرنسا، قطعاً حربية من فرقاطات وغيرها، ما يدعونا جميعاً للفخر!فى العام نفسه.. وتحديداً فى ٨ سبتمبر عام ٢٠١٥أعلن عن زيارة الدكتور خالد حنفى، وزير التموين وقتها، إلى شركة قها.. كان عنوان الصحف وقتها أنها «أول زيارة لوزير التموين للشركة منذ أربعين عاماً!!»، العنوان يشى بكم الإهمال الذى جرى للشركة الكبيرة العريقة المهمة المكونة من ٧ مصانع، ٣ مصانع منها فى القليوبية، ومصنعان فى الشرقية، وواحد بالإسكندرية، وآخر بالبحيرة، تشتمل على ١٩ خطاً لإنتاج الأغذية التى اشتُهرت بها من العصائر والمربات والمركزات، مثل الصلصة وغيرها!

وعد «حنفى» الإداريين والعمال أنه وخلال أسبوعين ستجرى بإشراف الرئيس السيسى خطة لتحديث الشركة، حيث سيتم تركيب خطوط إنتاج جديدة ومعها طبعاً خطوط تعبئة وتغليف حديثة حتى يُعاد فتح أسواق جديدة لمنتجات الشركة كما كانت بالسوق المحلية أولاً والسوق العربية ثانياً، ثم أفريقيا وأوروبا.. وهو ما جرى بعدها فعلاً.. وعادت الأموال التى استثمرت فيها وقدرها ١٠٠ مليون جنيه فى عام تقريباً.. واليوم تجرى عملية دمج بين شركتى قها وإدفينا ليعودا للعمل على الوجه الأمثل.. لكن عادت منتجات قها للسوق ويبحث المصريون عن منافذ الشركة، كما عاد شعار «صنع فى مصر» يُحلق معها فى الأسواق المذكورة فعلاً!

ولم ينتهِ عام ٢٠١٥ إلا ومصنع ثالث كبير يتم افتتاحه بعد الانتهاء من بنائه.. هذه المرة على أرض الفيوم، حيث فوجئنا أيضاً -فى مفاجأة جميلة- بالرئيس فى ١٧ ديسمبر تحديداً يفتتح مصنع إنتاج الأسمدة الزراعية (أحادى وثلاثى سوبر فوسفات المحبب «رقم ٢»)، الذى تصل طاقته الإنتاجية إلى ١٥٠ ألف طن سنوياً!وصف المصنع وقتها بأنه ضمن «مشروعات قومية عملاقة»، لماذا؟ لـ«تأمين احتياجات الدولة من الصناعات الاستراتيجية ودعم مجالات التنمية الاقتصادية والاجتماعية على أرض مصر»!

لم تكن الرؤية غائية إذن.. لم نتذكر الصناعة اليوم فجأة كما يقولون!!ها هى إذن ثلاثة مصانع كبرى وضرورية وأساسية يسترد فيها الرئيس ممتلكات شعبنا وينطلق بها إلى المستقبل.. لكن المدهش ورغم أننا تناولنا المصانع المذكورة بشكل عابر وسريع دون تفاصيل الإنتاج، لا من السفن، ولا من المواد الغذائية، ولا من منتجات مصنع النصر، إلا أن المساحة المخصّصة للمقال انتهت!! رغم أننا فى مصانع السنوات الثمانى الماضية بنقول يا هادى!! وهو ما يستلزم مقالاً أو مقالات أخرى بإذن الله.