الأهلي «سوبر» في قمة الروح الرياضية
كل المؤشرات قبل مباراة السوبر كانت تميل ناحية الزمالك بنسبة ليست بالقليلة، نظرا لجاهزية الفارس الأبيض والتدعيمات الكبيرة التي أدخلتها الإدارة على الفريق في كل المراكز، لكن تظل دائما مباراة القمة بين القطبين، خارج التوقعات، فمهما كانت حالة الفريقين قبل المباراة، تظل لمن كان الأكثر توفيقا وتركيزا خلال الـ90 دقيقة.
أجمل ما في اللقاء، الروح الرياضية التي ظهر عليها لاعبو الفريقين، خاصة العلاقة الطيبة التي برزت بشكل كبير عقب اللقاء، من مصافحة لاعبي الفريقين، والأحضان بين قائد الزمالك محمود عبد الرازق شيكابالا ومدرب الأهلي سامي قمصان، ومدير الكرة سيد عبد الحفيظ، ما ينعكس بشكل كبير على تهدئة الأجواء في المدرجات وبين الجماهير.
وبالعودة للأهلي، فقد دخل المباراة وهو في قمة تركيزه، حاملا من الدوافع ما يجعل اللاعبين يأكلون الملعب أكلا، نظرا لمروره بموسم خارج نطاق الزمن بالنسبة لجماهيره، موسم للنسيان بالأداء الباهت وحالة لاعبين هي الأسوأ منذ مواسم عدة، ما جعل البطولات تستعصى على الشياطين الحمر، ليخرج الأهلي خالي الوفاض.
دخل لاعبو الأهلي اللقاء برغبة وعزيمة في العودة من جديد للمسار الصحيح، الذي طالما اعتاد عليه جمهور القلعة الحمراء، ليثبتوا أنهم لم يكن ينقصهم سوى الراحة فقط من تلاحم المواسم، وهو الأمر الذي نجح مجلس إدارة الأهلي في تحقيقه، بعد قرار إراحة القوام الرئيسي للفريق، نهاية الموسم الماضي، بعد تأكد ضياع الفرصة في إحراز لقب الدوري، فكانت النقطة الفارقة التي يجني الأهلي ثمارها الآن.
ولا شك أن السويسري مارسيل كولر، المدير الفني للأهلي، كانت له بصمة واضحة للغاية في تطوير أداء بعض اللاعبين، ومنحهم الدوافع للتألق وإخراج أقصى ما لديهم، ليعود الأهلي من جديد للتكشير عن أنيابه، ففكر كولر يتماشى بشكل كبير مع المرحلة الحالية التي يستهدفها الأهلي، وهو الأمر الذي ظهر واضحا خلال إدارته لمباراة السوبر أمام الغريم التقليدي الزمالك.
كولر درس جيدا طبيعة اللاعب المصري، فضلا عن وضع يده على نقاط قوة وضعف اللاعبين، وساعده قراءته الجيدة لفكر البرتغالي جوسفالدو فيريرا، وتمكنه من السيطرة على مفاتيح لعبه التي يعتمد عليها، فتمكن بجدارة من تسيير اللقاء كما أراد له، كما صنعت تغييراته فارقا في تعزيز النتيجة والحفاظ على شباكه نظيفة.
الأهلي الآن على أعتاب مرحلة جديدة، بدأت بإحراز لقب السوبر أمام الزمالك، ما يفتح المجال أمام ألقاب أخرى، نظرا للنتائج الجيدة التي يحققها الفريق على المستوى المحلي في الدوري والكأس، وعلى المستوى القاري، بعد نجاحه في الصعود بجدارة إلى مرحلة المجموعات في البطولة الأفريقية.
أما اللقطة الأبرز في اللقاء، فكانت من نصيب مؤمن زكريا، بعد نزوله إلى أرضية الملعب عقب اللقاء للاحتفال مع لاعبي الأهلي بإحراز اللقب، حيث صاحبه شيكابالا في مشهد رائع يعكس ما نريده جميعا في ملاعبنا بين كل اللاعبين، لأن الرياضة في النهاية تنافس وأخلاق، ولم باقي لاعبي الزمالك ببعدين عن هذا المشهد، حين استقبلوا «زكريا» بحفاوة كبيرة، دعما له في محنة مرضه التي حرمته من ممارسة معشوقته كرة القدم، وحرمتنا من التمتع بمهارات لاعب فذ.