«الوطن» تكشف: تعديلات قانون «التعاونيات الزراعية» تخالف الدستور

«الوطن» تكشف: تعديلات قانون «التعاونيات الزراعية» تخالف الدستور
اتهم الاتحاد العام للفلاحين المصريين وزير الزراعة عادل البلتاجى بتوريط الدولة فى إصدار تعديلات لقانون التعاونيات الزراعية مخالفة لدستور 2014، وتمثل ضربة قاضية لصغار المزارعين لصالح كبار الزراع، مطالبين الرئيس عبدالفتاح السيسى بمراجعة القانون، وإنقاذ الفلاح المصرى. وكشف قرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 204 الخاص بتعديل قانون التعاون الزراعى، الذى قدمه «البلتاجى» للرئيس وجرى التصديق عليه، عن مخالفات صريحة للقوانين الصادرة لصالح الفلاح، وخصوصاً «قانون الإصلاح الزراعى»، الصادر عقب قيام ثورة يوليو، الأمر الذى يؤدى إلى انتزاع ملكية أكثر من 6 آلاف جمعية تعاونية من صغار المزارعين، لتذهب إلى أصحاب رؤوس الأموال طبقاً لنصوص القرار الجديد.
وحذر الاتحاد العام للفلاحين المصريين من كارثة اجتماعية مقبلة نتيجة انتزاع مجالس إدارات الجمعيات التعاونية الزراعية من صغار المزارعين، حيث يجعل نسبة تمثيل الفلاحين فى مجالس إدارات تلك الجمعيات 8% فقط، بدلاً من 80%، ما يعد مخالفة صريحة للمادة 42 من الدستور التى تنص على أن «ينظم القانون تمثيل صغار الفلاحين وصغار الحرفيين بنسبة لا تقل عن 80% من مجالس إدارة الجمعيات التعاونية الزراعية والصناعية والحرفية»، فيما جاءت صيغة القرار الجمهورى فى فقرته الأخيرة كالآتى «ويحتفظ لصغار الفلاحين، الذين ينطبق عليهم تعريف الفلاح الوارد بالقانون رقم 46 لسنة 2014 المشار إليه، بنسبة لا تقل عن 8 فى المائة من مقاعد مجالس الإدارة فى جمعياتهم».
من جانبه، قال محمد فرج، رئيس الاتحاد، إن التعديلات الجديدة التى صاغتها وزارة الزراعة، بصفتها الجهة الإدارية للتعاونيات الزراعية، مخالفة للمادة 42 من دستور 2014، الذى وافق عليه الشعب المصرى بأغلبية ساحقة، ما يعد خدعة جديدة لتوريط الدولة، فى إصدار قرارات ضد الفلاحين، الذين شكّلوا القوام الرئيسى لثورة 30 يونيو.
وأضاف أن المادة 8 من القانون الجديد تمنح أصحاب رؤوس الأموال الفرصة للنفاذ للجمعيات الزراعية، التى جرى إنشاؤها فى الخمسينات بغرض مساعدة صغار المزارعين، أمام أصحاب رؤوس الأموال الكبيرة، وهو الأمر الذى يجعلهم غير قادرين على زراعة المحاصيل الزراعية الاستراتيجية كالقمح والذرة والأرز، وزراعة محاصيل زراعية تصديرية، لافتاً إلى أن المادة تنص على «أنه يجوز للأشخاص الاعتباريين المساهمة فى رأسمال المشروعات التى تنشئها الجمعيات التعاونية المنشأة، وفقاً لأحكام هذا القانون، بغرض تنمية الإنتاج الزراعى، وبما لا يزيد على 25% من رأسمال تلك المشروعات، وكذلك الموافقة على تأسيس شركات مساهمة، وإقامة مشروعات استثمارية وتجارية تعود بالربح على الجمعية التعاونية». وأشار «فرج» إلى أن المادة 19 من القانون تتيح لرأس المال أن يتحكم فى الجمعيات بما يخدم أغراضه، لافتاً إلى أنها تنص على: «رأس المال المساهم يتكون من عدد غير محدود من الأسهم، ويحدد النظام الداخلى للجمعية قيمة السهم، والحد الأدنى لرأسمال الجمعيات بأشكالها المختلفة».
من جهتها، قالت شاهندة مقلد، أمين عام اتحاد الفلاحين، إن التعديل الجديد ينتزع حق صغار المنتجين الزراعيين فى إدارة جمعياتهم، على الرغم من أن نسبتهم 94.5% من إجمالى المنتجين الزراعيين فى مصر، مؤكدة أن هذه التعديلات «مخيبة لآمال الفلاحين». وأضافت «مقلد» أنه فى الوقت الذى كان فيه الفلاح ينتظر فيه تعديلات على قانون التعاون الزراعى، تحرره من سيطرة الجهات الإدارية على مقدراته، وأن تكون الجمعية العمومية هى صاحبة الحق فى تسيير أعمال الجمعيات التعاونية، جاءت التعديلات الجديدة لتسلّم التعاونيات كاملة لأيدى كبار الزراع، الذين يشكلون فى الأساس جمعيات ومنظمات، لا تعترف بصغار المزارعين والمنتجين.
وطالبت «مقلد» رئيس الجمهورية بمراجعة قانون التعاونيات كاملاً، وتعديلاته الخادعة، حيث تزيد الفجوة بين الفلاحين وصانع القرار السياسى، مع ضرورة محاسبة المسئولين الذين قدموا هذا القانون، ليَصدر به قرار جمهورى، مشيرة إلى أن معركتها الانتخابية الأولى فى مجال التعاونيات الزراعية بدأت عام 1958، وكانت قائمة على هدف رئيسى يتمثل فى انتزاع الجمعية التعاونية الزراعية من سيطرة الإقطاعيين، وإخضاعها لصالح صغار المنتجين الزراعيين، وفق ما جاء فى قانون الإصلاح الزراعى الصادر عام 1952، لتأتى التعديلات الأخيرة كضربة قاضية لتاريخ نضالى طويل، انتزع به الفلاح حقه من كبار المزارعين، الذين لا يمثلون سوى 3.5% فقط من المنتجين الزراعيين فى مصر.
وقالت إن التعديلات الأخيرة على قانون التعاون الزراعى ضربة قاضية جديدة لصغار المزارعين، بعد حزمة الضربات الموجعة التى تلقاها خلال 2014، حيث تم رفع أسعار مدخلات الإنتاج الزراعى، وأهمها «الطاقة والأسمدة»، مع ضعف تسويق الحاصلات الزراعية، وانخفاض أسعار السلع الأساسية، مثل «الأرز والذرة والقطن». يذكر أن التعاونيات أنشئت عام 1910 حينما افتتح عمر لطفى بك، أحد رواد الحركة التعاونية على المستوى العالمى، أول شركة تعاونية زراعية فى محافظة الغربية، وفى عام 1923 صدر أول قانون تعاونى مصرى رقم 27 لسنة 1923 وقد تكونت شركات تعاونية فى ظل هذا القانون بلغ عددها 135 جمعية فى عام 1925 وسُميت «جمعيات تعاونية».


صورة من القانون المخالف للدستور