حتى تكتمل الصورة.. البيئة الصناعية (10)
الصناعة نالت اهتماماً كبيراً الفترة الماضية بعد غياب الاهتمام بها فى ظل سير عكسى فى تصفية صناعات كثيرة وإهمال أخرى وبيع ثالثة، فى ظل ما سُمى بـ«الخصخصة»!
ورغم ذلك يظل أحد الملفات التى يريد منها مجتمعنا والرئيس السيسى فى المقدمة مزيداً من النجاحات والعمل والعطاء، لأنه ورغم ما يقدم من جهد كبير جداً فى مجالات بناء المدن الجديدة بطول مصر وعرضها.. شرقها إلى غربها بما يكون له حديث مستقل وما يحدث فى ملف الطرق فى مصر، وكذلك السكك الحديدية، وملف النقل كله وكذلك فى المشروع القومى للريف المصرى، وحياة كريمة، إلى مبادرات الصحة وتكافل وكرامة وغيرها مما أنجز الفترة الماضية، إلا أن الصناعة تظل معيار تقدم الأمم، ووحدها التى تحجز رقماً لأصحابها فى الساحة الدولية.
وبناءً على ذلك يحق استعراض ما جرى فى ملف التصنيع للوقوف أمامه وعنده ورؤيته بشكل جيد ومختلف، حيث سار الملف فى أكثر من اتجاه، منها التشريعى والإجرائى لمواجهة البيروقراطية والمعوقات، ومنها ما سار فى اتجاه استنهاض ما أهمل من صناعات ومصانع، وثالثها البناء الجديد الذى جرى على أرض مصر!فمثلاً.. فى الجانب التشريعى والإجرائى.. صدر واحد من القوانين المهمة الذى طالب به المستثمرون ورجال الصناعة فترة طويلة، وهو قانون «تيسير إجراءات منح التراخيص الصناعية»، وقد صدرت لائحته التنفيذية، وكذلك اللائحة التنفيذية لقانون «تفضيل المنتجات الصناعية المصرية فى العقود الحكومية» لإلزام وحدات الإدارة الحكومية وهيئاتها بالتعاقد على المنتج المحلى.. وهو ما استلزم إعداد دليل إرشادى حول القانون ولائحته التنفيذية وتوزيعه على المنتجين والصناع!ولإطلاق وانطلاق الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر والمتوسطة، التى خصّص لها تمويل ضخم بمبادرة رئاسية بلغت مائتى مليار جنيه، بالتعاون مع البنك المركزى والبنوك الوطنية الثلاثة، لذا خصّصت مجموعة تيسيرات غاية فى الأهمية كانت أيضاً محل آمال هذا القطاع، حيث شملت تخفيض التكاليف بنسبة ٧٥% لمشروعات الصناعات الصغيرة، وبنسبة ٥٠% لمشروعات الصناعات المتوسطة مع إعفاء كامل لتكاليف الموافقات النهائية بالمناطق الصناعية مع إعفاء الصناعات الصغيرة بنسبة ٩٠% والصناعات المتوسطة بنسبة ٨٠% من قيمة تكاليف تحديد الارتفاعات (ذلك للمشروعات ذات الطبيعة الخاصة)، مع إعفاء مشروعات الصناعات الصغيرة بنسبة ٥٠% من قيمة تكاليف تحديد النسبة البنائية أيضاً للمشروعات ذات الطبيعة الخاصة.
وكذلك تأسس مجلس للصناعات النسيجية برئاسة وزير التجارة والصناعة وعضوية ممثلى أطراف هذه الصناعة المهمة والمعنيين بتنميتها فى بلادنا، ومعه صدر أيضاً قرار وزارى بتشكيل المجلس الأعلى للتمور برئاسة وزير التجارة والصناعة أيضاً وعضوية كل القطاعات المعنية بقطاع التمور فى مصر!ومن بين ما جرى ويعد تطوراً مهماً إصدار قانون «الهيئة العامة للتنمية الصناعية»، الذى حول الهيئة إلى هيئة «عامة اقتصادية» لها شخصيتها الاعتبارية المستقلة التى تتبع وزارة الصناعة وتكون مسئولة عن تنظيم النشاط الصناعى كله داخل مصر، وهو الأمر الذى يمنحها القدرة على تنظيم النشاط الصناعى ويجعل لها وحدها سلطة إصدار التراخيص وتخصيص وترفيق الأراضى الصناعية!
ومن بين تلك القرارات والإجراءات والتشريعات كان طرح الأراضى الصناعية بنظام حق الانتفاع والموافقة على ما أطلق عليه «الرخصة الذهبية» للمجالات ذات الأولوية الخاصة، وكذلك تكليف هيئة التنمية الصناعية بسرعة إنهاء ومنح التراخيص الصناعية، وذلك عند تعاملها المباشر مع أى جهة حكومية، نيابة عن المستثمر الصناعى.. وكذلك إطلاق أول خريطة متكاملة للاستثمار الصناعى فى مصر، وتشمل 27 محافظة توفر للمستثمر الرؤية الكاملة والشاملة لفرص الاستثمار فى كل محافظة، بما تمتلكه من خصوصية ومن إمكانيات!ثم قرار تعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 24 لسنة 1977 والخاص بـالسجل الصناعى وإلغاء السجل الصناعى المؤقت مع إصدار سجل صناعى مشروط، وذلك لضمان الجدية، بما يسهم فى مواجهة ظاهرة خطيرة جداً، وهى استيراد مستلزمات الإنتاج بغرض الاتجار.. وكذلك إجراء إنسانى ربما يتم لأول مرة وهو تزويد المطابع الحكومية بماكينات طباعة للمكفوفين، لتوفير مختلف المطبوعات والإصدارات للمكفوفين!
السؤال بعد كل ذلك وغيره من إجراءات: هل أسهم ذلك فى دفع حركة الصناعة والتصنيع إلى الأمام، ولو بأى درجة؟! هذا ما سنحاول الإجابة عنه المقال القادم، خصوصاً أننا نتحدث فى موضوع مزدحم جداً بالمعلومات والتفاصيل والأرقام، وبعدها سنحاول أيضاً الحديث عن المكاسب التى تحقّقت على الأرض بالفعل من مصانع، ثم انعكاس ذلك على الصادرات.