«الدين المعاملة».. ميراث نبوي للتعامل الأمثل مع الصاحب والجار
د. مجدى عاشور
«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره»، وصية محمدية بالجار وحسن التعامل معه، كما حثنا الله فى كتابه العزيز على الإحسان إلى الجار فقال: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا».
عاشور: ثقة كبرى أولاها النبي لأصحابه.. وحرص على استشارتهم
الدكتور مجدى عاشور المستشار السابق لمفتى الجمهورية أكد لـ«الوطن» أن هناك آداباً محمدية للتعامل مع الجار، فقال النبى «أتدرون ما حق الجار: إن استعانك أعنته، وإن استنصرك نصرته، وإن استقرضك أقرضته، وإن أصابه خير هنأته، وإن أصابته مصيبة عزيته، ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه، وإذا اشتريت فاكهة فاهدِ له منها، فإن لم تفعل فأدخلها سراً، ولا يخرج بها ولدك ليغيظ ولده، ولا تؤذِه بقتار قدرك، رائحة طعامك، إلا أن تغرف له منها».
وأضاف: حرص النبى على حقوق الجيرة، فقد شدد على ضرورة تفقد أحوال الجيران ومد يد العون إليهم، فقال: «ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جانبه جائع وهو يعلم»، كذلك من الآداب النبوية فى التعامل مع الجيران بعدم الإيذاء، فتلك بوابة لدخول النار، فقال النبى حينما سئل عن امرأة كثيرة الصيام والصدقة غير أنها تؤذى جيرانها بلسانها فقال: «هى فى النار». فقيل: إن فلانة، فذكروا قلة صلاتها وصيامها وصدقتها ولا تؤذى جيرانها بلسانها فقال: «هى فى الجنة».
عاشور: ثقة النبي بأصحابه وحبه لهم بلغت منزلة كبيرة
وحول تعامل النبى مع صحابته رضوان الله عليهم أجمعين، قال الدكتور مجدى عاشور: كانت محبة النبى لأصحابه عظيمة، فعن أنس بن مالك قال كان النبى إذا لقيه أحد من أصحابه فقام معه، قام معه فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذى ينصرف عنه، وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناوله إياها فلم ينزع يده منه حتى يكون الرجل هو الذى ينزع يده منه، وإذا لقى أحداً من أصحابه فتناول أذنه، ناوله إياها، ثم لم ينزعها حتى يكون الرجل هو الذى ينزعها عنه». وقال أبوهريرة «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهرى أصحابه، فيجىء الغريب، فلا يدرى أيهم هو، حتى يسأل».
وأضاف: ثقة النبى بأصحابه وحبه لهم بلغت منزلة كبيرة، كما كان النبى يشارك أصحابه ويستشيرهم، فكان النبى يهتم بالشورى، ومواقفه فى استشارة أصحابه فى الأمور العسكرية وغيرها لها الأثر البالغ فى مصالح الإسلام والمسلمين، حيث استشار أصحابه فى غزواته كما كان يحرص على تفقد أصحابه والسؤال عنهم، فعن أنس بن مالك -رضى الله عنه- أنه قال: إن النبى صلى الله عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس، فقال رجل: يا رسول الله، أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده جالساً فى بيته، منكساً رأسه، فقال: ما شأنك؟ فقال: شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبى، فقد حبط عمله، وهو من أهل النار، فأتى الرجل فأخبره أنه قال كذا وكذا، فقال موسى بن أنس: فرجع المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: اذهب إليه، فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكن من أهل الجنة.
هند بن أبى هالة
كان رسول الله متواصل الأحزان، دائم الفكرة، ليست له راحة، ولا يتكلم فى غير حاجة، طويل السكوت، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ويتكلم بجوامع الكلم، فصلاً، لا فضول فيه ولا تقصير، دمثاً ليس بالجافى ولا بالمهين، يعظِّم النعمة وإن دقت، لا يذمُّ شيئاً، ولم يكن يذم ذواقاً ولا يمدحه، ولا يُقام لغضبه إذا تعرّض للحق بشىء حتى ينتصر له، لا يغضب لنفسه، ولا ينتصر لها سماحة، وإذا أشار أشار بكفه كُلِّها، وإذا تعجَّب قلبها، وإذا غضب أعرض وأشاح، وإذا فرح غضَّ طرفه، جُلَّ ضحكه التبسم، ويفترُّ عن مثل حب الغمام.