المشاركة فى العمل السياسى والانتخابات المقبلة
سألنى كثيرون ممن يعرفوننى عن مشاركتى فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، ومشاركتى فى العمل السياسى الحزبى وأى القوائم أو الأحزاب سأنضم إليها، وقد رأوْا صورة لى معلقة على كوبرى (٦) أكتوبر، ضمن صور قام بتعليقها تيار الاستقلال، ربما تجهيزاً للانتخابات المقبلة.
بل إن بعضهم يطالبنى بالترشح مستقلاً فى دائرته حتى تعددت تلك الدوائر، وأشكر لهؤلاء وهؤلاء ثقتهم فى شخصى الضعيف. عندما كنت فى تنظيم الإخوان، ومنذ عشرات السنين، كنت أطالب الإخوان بأن من يبلغ الخامسة والستين من العمر، يجب أن ينزل إلى ميدان التربية والدعوة ولو على القهوة المجاورة لبيته، فيحيل القهوة إلى مركز ثقافى وسطى، مستفيداً من تراكم الخبرات لديه، ويعمق العلاقة مع الشعب دون استعلاء، ويترك فرصة إدارة الدعوة وقيادتها إلى من هم أصغر سناً، ويكفى بالتوجيه والتقييم وهى مهام تحتاج إلى خبرات طويلة، وإذا كنت أنا مقتنعاً بهذه النظرية وأبلغ من العمر حالياً السادسة والسبعين، فلا بد أن يعرف الجميع هذا التوجه.
نعم، هناك من يتنافس أو يصارع حتى يجد له أو لحزبه أو تحالفه مكاناً على الأرض والخريطة السياسية رغم الماضى الذى قد لا يؤهل بعضهم لذلك. أنا مع كل من يسعى لخدمة مصر اليوم ويعمل جاداً على هذا الأمر، حتى لو كان سابقاً من الفلول أو الإسلاميين بشرط عدم الانخراط فى أى شكل من أشكال الفساد أو العنف، لأن المجتمع لن يعزل سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو إعلامياً تلك الملايين، ولكن العزل الشعبى يجب أن يذهب إلى الرموز التى فسدت أو أفسدت، أو ارتكبت عنفاً أو حرضت عليه أو قبلته، وهم معروفون للشعب، فليس لهم مكان فى قيادة هذا الوطن مستقبلاً أو تكوين تكتلات يضغطون بها على هذا الشعب مرة أخرى أو يسرقونه، كما فعلوا من قبل، ولن يسمح لهم الشعب بذلك وإلا استمر الصراع، ولم تظهر قيمة الثورتين المجيدتين (يناير ويونيو). أعتقد أن الرئيس السيسى يدرك هذه الحقيقة، وهو مع الشعب الذى منحه ثقته، لحسن تمثيل الشعب كله دون أن يعمل على خدمة حزب واحد أو فصيل واحد من هذا الشعب العظيم، ولذلك كان السيسى جديراً بحب هذا الشعب وقيادته، وعليه الاستفادة من الخبرات كلها، وعليه ألا يحمل على كتفيه من أساء أو أفسد من قبل أو من يسىء اليوم.
شاركت مع الدكتور أبوالفتوح و«مصر القوية» فى المجال الاستشارى، وأشارك مع تيار الاستقلال فى المجال الاستشارى عندما يطلبون ذلك، وأشارك مع حزب «مستقبل وطن» فى المجال الاستشارى، وأشارك مع كل من يريد هذه الاستشارة من المؤسسات سواء المسجد أو الكنيسة، لأن الدين النصيحة كما قال صلى الله عليه وسلم.
بالنسبة للأحزاب السياسية فى مصر، فلا يوجد حزب واحد يمكن أن نقول إنه وطنى والأحزاب الأخرى غير وطنية، وهذا يصدق أيضاً على أعضاء تلك الأحزاب جميعاً، ولكنها أحزاب أصحاب قضايا، ووجهات نظر فى العمل السياسى، وهى بالتأكيد قضايا ووجهات نظر فيها تعدد وتنوع، وفيها ما هو صواب وما هو خطأ، وما هو وطنى وما هو غير وطنى، وفيها مصادر قوة ومصادر ضعف، وذلك فى معظمه نتيجة فساد وإفساد الحياة السياسية على مدى سنوات عديدة، ومعظم تلك الأحزاب اليوم مصادر القوة فيها أقل بكثير من مصادر الضعف، ولذلك لم يكن هناك حزب سياسى واحد أو ائتلاف يمكن أن يحل محل الإخوان عندما فشلوا فى الحكم، مما استدعى تدخل المؤسسة العسكرية. لكل هذا اخترت بكل الثقة أن أسعى مع الآخرين إلى تطوير الحياة السياسية فى مصر ومنها الأحزاب وثقافتها وتطلعاتها وبرامجها دون أن أكون عضواً فى واحد منها.
لذلك كله فإننى مع الرئيس السيسى فى أن يكون رئيساً لكل المصريين، دون أن ينضم لحزب من الأحزاب أو أن ينضم إليه حزب من تلك الأحزاب. من الأولى لمصر وله أن يقف على بعد واحد من جميع الأحزاب، وأن يكون من أولوياته المهمة تطوير وتحسين الحياة السياسية فى مصر لتؤدى دورها فى المستقبل، وتعمق الحياة الديمقراطية حتى تنتهى مشكلة تغلب فريق على آخر بالصراع، ويقيم المصريون دولتهم التى ينشدونها، ويختار الشعب من يمثله ومن يقوده، طالما أجاد، حتى إذا فشل أو فسد أو أساء إلى الديمقراطية والوعود فى البرامج والقيم الأساسية، والدستور، حل محله من جديد من يختاره الشعب ليواصل المسيرة والبناء، دون أن يهدم ما تحقق من إنجازات وخطوات إيجابية. هكذا تسير الحياة وتتراكم الخبرات ويخرج الشعب من التخلف، ويختفى العنف، ويتنافس الناس والأحزاب تنافساً سلمياً، ويتحمل الشعب نتيجة اختياره، فـ«الذى يحمل فوق رأسه قربة مثقوبة تخر على رأسه وليس على رأس غيره من الشعوب الأخرى».
والله الموفق.