المفتي: لدينا تجربة فريدة في العيش المشترك وحرية الأديان.. والاختلاف سُنة إلهية (حوار)

كتب: إسراء سليمان

المفتي: لدينا تجربة فريدة في العيش المشترك وحرية الأديان.. والاختلاف سُنة إلهية (حوار)

المفتي: لدينا تجربة فريدة في العيش المشترك وحرية الأديان.. والاختلاف سُنة إلهية (حوار)

قال الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، إن مصر لديها تجربة فريدة فى العيش المشترك والاندماج الكامل بين المصريين جميعاً على اختلاف عقائدهم، فالكل سواء أمام الدستور والقانون، مشيراً إلى أن ذلك ما نص عليه دستور 1923، وتم التأكيد عليه فى التعديل الدستورى عام 2014.

وأضاف المفتى فى حوار لـ«الوطن» أن الشريعة الإسلامية ضمنت حرية الاعتقاد ومنحت للإنسان الاختيار فى هذا الأمر، حيث تعتبر من المبادئ التى ذكرها القرآن الكريم فى أكثر من موضع، داعياً إلى إعداد «مشروع تواصل حضارى عالمى» خاص بحماية دور العبادة يحوى المبادئ والأسس وتتفرّع عنه الإجراءات والآليات اللازمة لحماية دور العبادة لسائر الديانات.. وإلى نص الحوار:

أصدرنا تشريعاً قانونياً لأول مرة منذ 200 عام لحماية دور العبادة وتقنين أوضاعها

كيف ترى التجربة المصرية فى حرية الأديان والاعتقاد؟

- مصر لديها تجربة فريدة فى العيش المشترك والاندماج الكامل بين المصريين جميعاً على اختلاف عقائدهم، فالكل سواء أمام الدستور والقانون، وهو ما نص عليه دستور 1923، وأكدناه فى التعديل الدستورى عام 2014، فكنت أحد أعضاء لجنة الخمسين لتعديل الدستور، وكنا حريصين على ضمان المساواة الكاملة بين كل المصريين، فمصر حققت بقيادة الرئيس السيسى تقدماً كبيراً فى حرية العبادة والأديان والاعتقاد، حيث صدر تشريع قانونى لأول مرة منذ 200 عام تقريباً لحماية دور العبادة وتقنين أوضاعها.

وكيف حثت الشريعة الإسلامية على حرية الاعتقاد؟

- الشريعة ضمنت حرية الاعتقاد وجعلت للإنسان الاختيار فى هذا الأمر، حيث يعتبر ذلك من المبادئ التى ذكرها القرآن الكريم فى أكثر من موضع، ومنها قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِى الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَىِّ)، فالمتتبع للسيرة النبوية المطهرة يجد أنها مليئة بالنماذج التى تؤيد العيش المشترك وقبول الآخر وإظهار البر والرحمة والقسط فى التعامل مع المخالفين فى العقيدة، فلم يجبر أحداً على الدخول فى الإسلام.

وماذا عن التعامل مع الاختلاف والتنوع بين البشر؟

- الاختلاف والتنوع هو سُنة إلهية، فقد خلق الله سبحانه وتعالى الناس متباينين ومختلفين فى الأعراق والأجناس والألوان والعقائد، وعن هذا جاء فى كتاب الله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)، هذا التنوع والاختلاف يقتضى ضرورة التعامل مع هذه السُّنة الإلهية الربانية بإيجابية، لأنها تحمل فى طياتها أبعاداً ومضامين تُنظِّم علاقة المسلم بغيره من أتباع الديانات الأخرى والتعاون معاً من أجل عمارة الأرض التى استخلفنا الله فيها.

وماذا عن حماية العبادة لكل أصحاب الأديان؟

- الشرع الشريف أَوْلَى إقامة دور العبادة وحمايتها عناية خاصة سواء فى السّلم أو الحرب، فأهميتها لا تقل عن الاهتمام بكيان الإنسان المادى، لكونها تمثل كيانه الحضارى والثقافى‪. والسنة النبوية الشريفة جاءت أيضاً بتقرير واضح لوجوب ترك الناس على أديانهم وسمحت لهم بممارسة طقوسهم وشعائرهم فى دور عبادتهم المختلفة، وضمنت لهم من أجل ذلك سلامة هذه الأماكن، وعلى ذلك سار المسلمون سلفاً وخلفاً عبر تاريخهم المُشَرّف وحضارتهم النقية وأخلاقهم النبيلة السمحة منذ عهود الخلفاء الراشدين، رضى الله عنهم‪.

وماذا عن دور المؤسسات العلمية فى كفالة حرية الاعتقاد والديانة؟

- المؤسسات العلمية تحمل على عاتقها نصيباً أكبر فى شرح الحقائق والمفاهيم الشرعيّة وتعليمها للعامة والخاصة، حول ما يثيره البعض من إشكاليات وتحديات نظرية أو تطبيقية تشوب العلاقات بين المسلمين وغيرهم، والتى يحلو للبعض طرحها على العامة مع استدعاء بعض السياقات التاريخية والملابسات الزمنية فى خصوص هذه العلاقة، بما يعمل على تشويه الصورة النقية وانقلاب الحقائق الناصعة، مما قد يؤدى إلى إحداث الانقسام بين أبناء الوطن الواحد، وتكريس العنف والصدام بين أهل الدين الواحد، فضلاً عن أهل الأديان المختلفة‪.

حماية دور العبادة

من خلال النظر فى مبدأ حماية دور العبادة فى الإسلام، وما يؤسس له من أُطر عامة وقواعد مقاصدية، وأسس شرعية، يمكن أن يُقال إن إعداد ميثاق عالمى خاص بحماية دور العبادة يحوى المبادئ والأسس وتتفرّع عنه الإجراءات والآليات اللازمة لحماية دور العبادة لسائر الديانات من الأمور المستحسنة شرعيّاً وحضاريّاً، إن لم يصل إلى حد الواجبات، وفى ظل انتشار التطرُّف والإرهاب والإسلاموفوبيا وغيرها من مظاهر الكراهية المتبادلة بين الشعوب ‪ ينبغى على هذا الميثاق أن يكون مبنيّاً على إعداد مشروع تواصل حضارى عالمى‪.


مواضيع متعلقة