فتحى سرور.. ضحية قراره

كتب: حازم دياب

فتحى سرور.. ضحية قراره

فتحى سرور.. ضحية قراره

يمسك بالمطرقة فى يديه خارساً ألسنة القاعدين، يجلس على كرسى من عَلٍ، وأكثر من أربعائمة شخص يجلسون ناظرين إليه، سلطان الزمان، وسيد المكان، وجهه مكتنز وشعره شاب من فرط تقلده لمناصب عديدة، اسمه أحمد ولقبه سرور، لقب انطبق عليه عقوداً عديدة، حتى قامت ثورة يناير، فغاب عن وجهه الحمد، وانزوى من حياته السرور. من مواليد الصعيد، تحديداً محافظة قنا، فى العام 1932، حصل على الدكتوراه فى القانون الجنائى من جامعة القاهرة عام 1959، وعمل أستاذاً للقانون الجنائى قبل أن يشغل منصب عمادة الكلية عام 1983، بعدها بثلاث سنوات فى عام 1986، فارق سرور سلك الحقوق، خائضاً غمار المناصب الوزارية، مرتدياً ثوب الرجال المحيطين بالرئيس، إذ تم تعيينه وزيراً للتعليم لمدة أربع سنوات، أنهاها عام 1990. كان العام فارقاً فى مسيرة حياته، حيث حملته الانتخابات الداخلية ليكون رئيساً للبرلمان، رئيساً من هؤلاء الذين لا يفارقون مقاعدهم إلا بالموت أو الحبس، لم يأذن الله بصعود سره الإلهى، لكنه قدر أن يرقد مرتدياً بذلة الحبس، بعد أن قبع فى منصبه لأكثر من عشرين عاماً، فقد فيها عموم المصريين الإحساس بأن لهم ثمة مجلساً يمثلهم. يقول أحمد مطر، فى إحدى لافتاته: «هيئوا كشف أمانيكم من الآن فإن الفجر آت أظننتم، ساعة السطو على الميراث، أن الحق مات؟! لم يمت بل هو آت!! قامت ثورة يناير، أثناء أيامها الأولى، خرج على الناس، مبدياً معرفته بمطالبهم، غاب عن خلده أن أحد المطالب التخلص من براثنه، ومن قيود «سيد قراره» التى ابتكرها أسفل قبة البرلمان، وباتت إشارة منه موافقة على التشريعات، لسان حال مئات النواب، المنتمين للحزب الوطنى، الذين يحركهم بإصبعه، ربان سفينة، أصابها العطب. خُلع مبارك، وبدأ النبش خلف رجاله، اتُهم فتحى سرور فى موقعة الجمل، كأحد العقول المدبرة لها، لا سيما لوجوده نائباً عن دائرة السيدة زينب، ووجود متهمين من نفس المنطقة. غاب شعره المصفف بعناية، تحت «كاب» السجن الكالح، انتقل من الطليعة، إلى ركب سجن طرة. بات عبداً لقراره، قراره الذى لم يعد يملكه. برأت المحكمة المتهمين فى الموقعة، خرج، والأمل يحدوه فى تنفس عبق الحرية من جديد، صرح بأنه كان دائم النصح لمبارك، محامٍ محنك يأبى الاعتراف بانتماء لنظام انغمس فيه. اليوم، جهاز الكسب غير المشروع، رسخ لانعدام قدرته على أخذ القرار، حيث لم ينعم بساعات معدودات، فى الهواء الطلق، حتى أمر المستشار يحيى جلال، مساعد وزير العدل لشئون جهاز الكسب غير المشروع، بأن يعود للسجن مرة أخرى 15 يوماً على ذمة التحقيق، رغم خروجه من الجهاز فى مايو الماضى بمائتى ألف جنيه كفالة. لسان حاله كقول أمل دنقل «إن سهماً أتانى من الخلف.. سوف يجيئك من ألف خلف» رغم اختلاف المعركة.