قمة المناخ.. فرصة للوعي!

قمة أممية شديدة الأهمية تلك التى ستنعقد على أرض هذا الوادى الطيب بعد أقل من شهرين.. يعرفها العالم باسم قمة المناخ.. بينما تحمل اسماً رسمياً أكثر تعقيداً بعض الشىء.. فهى الدورة السابعة والعشرون من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ.. الذى يقر معظم المراقبين بأنه أحد أهم المؤتمرات العالمية التى ستنعقد فى هذا العام الحافل بالأحداث.. إن لم يكن أهمها على الإطلاق..!

حدث الاستضافة ذاته لا ينبغى أن يمر مرور الكرام.. فوجود مؤتمر بهذا الحجم على أرض مصر هو دليل لا يقبل الشك على قوة السياسات الخارجية للدولة المصرية.. كما يعد نجاحاً لمشروع الدولة الوطنية الذى تبناه النظام الحالى منذ عدة سنوات.. فوجود مؤتمر بهذا الحجم على أرض الكنانة لا يدل إلا على ثبات الدولة وقدرتها على الوجود بقوة فى قلب العالم كله..!

الدولة كلها تستعد على قدم وساق لهذا المؤتمر المهم.. الوزارات المعنية قامت بتنظيم أكثر من فعالية لمحاكاة أو مناقشة قضايا المناخ المختلفة.. وزير الخارجية صرح منذ عدة أيام بأن المؤتمر يعد فرصة جيدة لمناقشة تأثير تغيرات المناخ على توافر الغذاء للبشرية كلها.. لذا فقد يسهم المؤتمر فى طرح حلول لمواجهة أزمة نقص الغذاء التى يعانى منها العالم بشكل مطرد..!

ولا يعتبر تغير المناخ بعيداً بأى حال عن الصحة العامة.. فالتغيرات المناخية تشكل خطراً كبيراً على صحة الإنسان فى شتى بقاع الأرض.. دراسات متعددة قد خرجت لتوضح أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدى إلى شعور الإنسان بالاكتئاب، وعدم القدرة على التعايش فى مثل هذه الأجواء، خاصة أن الأجواء الحارة من شأنها أن تؤدى إلى عدم القدرة على تفاعل بعض الأدوية داخل الجسم، كما يعانى مرضى القلب من ارتفاع درجة حرارة الجو بشكل كبير.. حيث تعمل درجات الحرارة المرتفعة على زيادة الجهد المبذول للإنسان، ما يؤدى بالضرورة إلى ارتفاع الدورة الدموية للجسم!

كلها تأثيرات تؤثر بالسلب على صحة الإنسان.. الأمر الذى جعل التغيرات المناخية ملفاً شديد الأهمية لكل المهتمين بالصحة العامة.. وجعل المسئولين عن الصحة غير بعيدين عن هذا الحدث المهم بأى حال..!

تقرير حديث لمنظمة الصحة العالمية يشير إلى أن تغير المناخ ربما يتسبب فى وفاة ٢٥٠ ألف شخص سنوياً بحلول عام ٢٠٣٠ بسبب سوء التغذية والملاريا والسعال والإجهاد الحرارى.. مع توقعات بأن تصل التكلفة المباشرة للأضرار الصحية المترتبة على تغير المناخ إلى أربعة مليارات دولار كل عام..!

المشكلة أن المؤتمر بقضيته شديدة الأهمية -بكل ما تبذله الدولة المصرية من استعدادات وتحضيرات- ما زال فى رأيى بعيداً عن المواطن العادى.. لا يعرف عنه رجل الشارع إلا أقل القليل.. لا يهتم به سوى المعنيين بالقضية المناخية والعاملين بقضايا البيئة.

لم يحاول الإعلام أن يفرد مساحات لقضايا المناخ المزمع مناقشتها خلال المؤتمر.. لم يفكر أحد فى استغلال انعقاد مؤتمر بهذا الحجم فى نشر وعى بيئى ممنهج يتم نشره فى المجتمع للحد من تلك التغيرات المناخية شديدة الحدة والتأثير..!

ربما كان الوقت ما زال كافياً لتنفيذ تلك الحملة الإعلامية المهمة.. فقضية المناخ لا يمكن فصلها عن كل خطط التنمية المستدامة التى تسعى لتنفيذها الدولة المصرية.. واستغلال حدث بهذا الحجم لنشر الوعى الصحى والمجتمعى يعد فى رأيى ضرورة لنجاح تلك الخطط.. أو هكذا أعتقد..!