«خبراء» يطالبون بقمر صناعي أفريقي للتنبؤ بكوارث التغيرات المناخية

«خبراء» يطالبون بقمر صناعي أفريقي للتنبؤ بكوارث التغيرات المناخية
عقد المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، اليوم، الويبينار الرابع لمناقشة قضايا المناخ، بعنوان: «أنظمة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية»، بحضور نخبة من خبراء المجال الدوليين، الذي يأتي ضمن مجموعة من الندوات التي تناقش موضوعات تفصيلية، استعدادا لمؤتمر المناخ القادم COP27، بهدف بناء موقف أفريقي موحد.
وأكدت الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز، أن مؤتمر COP27 يمثل صوت أفريقيا، وما يلعبه المركز من خلال عقد سلسلة الندوات المتخصصة بقضايا المناخ، هو السعي نحو بناء موقف أفريقي موحد وإيصال صوت القارة، إذ جرت مناقشة قضايا تمويل المناخ، وتأثير التغيرات المناخية على صغار المزارعين، وكيف تعمل أسواق الكربون؟ وكيف يمكن لدول القارة الاستفادة منها؟
وفى هذه الندوة، تجرى مناقشة موضوع أجهزة الإنذار المبكر للكوارث الطبيعية، إذ ينجم عن هذه الكوارث خسائر بشرية كبيرة في أفريقيا، خاصة في ظل ارتفاع نسب الفقر، وهو ما يجعل الأمر أكثر كارثية في القارة، إذ يمكن تبني أنظمة خاصة للإنذار المبكر، وآليات لبناء هذه الأنظمة من أجل الحفاظ على أرواح البشر.
الباز: ما يحدث في أفريقيا سيمتد إلى العالم بأكمله
قال الدكتور فاروق الباز، المدير المؤسس بمركز الاستشعار عن بعد بجامعة بوسطن، إن ما يحدث في أفريقيا لن يقتصر تأثيره على دول القارة فقط، لكنه سيمتد تأثيره إلى العالم بأكمله، مشيرا إلى أن أفريقيا تغطي التربة الخصبة 60% من مساحتها، وما يمكن أن تنتجه القارة من غذاء يمكنه إطعام العالم بأكمله، ورغم ذلك، تعاني بعض الدول الأفريقية مشاكل سوء التغذية، وهو ما يتطلب توحيد الجهود ونظرة عامة على توزيع الثروات على جميع دول القارة.
وأضاف الباز أن عدد سكان أفريقيا يصل إلى نحو 1.3 مليار نسمة، وهو ما يقترب من تعداد الصين، وإذا عملت الدول الأفريقية بنفس جهد الصين، يمكن أن تصل إلى ما وصلت إليه إذا أحسنت استغلال الثروة البشرية الهائلة بها.
وأوضح أن قارة أفريقيا ابتعدت تدريجيا عن خط الاستواء، لتقترب من أوروبا، ولم تكن من قبل صحراء، لكنها كانت مليئة بالبحيرات، عندما كانت قريبة من خط الاستواء، ولكن مع اقترابها من أوروبا، وابتعادها عن خط الاستواء، أصبح لديها حزام من الأراضي الصحراوية، لافتا إلى أن الأراضي غرب النيل وما حولها، تلقت إشعاعا شمسيا قادرا على تبخير 200% من كمية الأمطار، وهي أشد المناطق جفافا فى العالم، إذ إن أكثر المناطق جفافا في كاليفورنيا، تصل فيه نسبة الجفاف إلى 7%.
القارة الأفريقية تمتلك 90% من موارد العالم
وشدد الباز على أهمية استخدام الطاقة الشمسية الهائلة، والتى تعد أكبر كمية طاقة شمسية فى العالم، مؤكدا أن الدول يمكنها الربط فيما بينها من خلال ممرات التنمية، حيث يجب أن تكون ممرات التنمية فى كل مكان فى أفريقيا، وهى التجربة التى نجحت الهند فى تحقيقها.
وطالب بإنشاء ممر للتنمية يربط بين الاسكندرية وكيب تاون، وممر آخر يربط الدول الأفريقية ببعضها البعض، مشيرا إلى أن لدينا خبراء استشعار عن بعد في أفريقيا لا يتم الاستفادة منهم، ففى الوقت الذي تملك القارة 90% من موارد العالم، إنما ينقصها التخطيط، فيمكن لأفريقيا الوصول إلى المركز الأول عالميا إذا عرفت ما الذى تنتجه وما عليها فعله.
الدكتور فرانسوا كايتاكير، مدير إدارة البحوث والتنمية ARC، أشار إلى أن هناك 35 دولة أفريقية أعضاء فى الاتحاد الأفريقى، وقعوا على معاهدة للتحذير والإنذار المبكر للكوارث الطبيعية، لكن هناك بعض المشاكل التي تتعلق بسيادة بعض الدول الأعضاء، وهو ما يجرى حله ومحاولة توسيع مشاركة الدول الأفريقية فى هذه المعاهدة.
ولفت إلى أن هذا التحذير آلية لتبني نظام معين للتحذير من وقوع أى مخاطر قادمة، ويتم تقديم خدمة الطوارئ للدول الأعضاء بالاتفاقية، سيكون هناك مراجعة عليها وضوابط سياسية، سعيا للاستعداد الأمثل لمواجهة الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية، بالإضافة إلى السعي نحو التأمين الحدودي، لتنفيذ الرد لمواجهة الأخطار بشكل استباقي وقائي.
آليات وخطط تلائم الدول الأفريقية
وأكد فرانسوا أن هذه الخدمات فعالة للغاية، وسيكون لديهم نظام نمذجة قوى لاكتشاف المخاطر، إذ يعد نظام التحذير الآن فريد، ويتم العمل على تطويره، حتى يكون قادرا على الاكتشاف المبكر للسيول والجفاف، إذ يجر العمل على تحليل مقياس الأمطار، ووضع الخطط الوقائية وخطط الطوارئ، ومعرفة عدد الأشخاص المعرضون للخطر من هذه الكارثة، والموارد المالية المطلوبة لمواجهة الكارثة، وهو يعتمد على جهود الحكومة فى التعاون للاستفادة من هذه النماذج لمواجهة أخطار التغيرات المناخية.
ودعا فرانسوا الدول الأفريقية إلى بناء القدرات البشرية وبناء نظم حديثة تتسم بالمرونة، وطالب بإطلاق أقمار صناعية مخصصة لهذا الغرض في أفريقيا، حيث يتم الاعتماد فى بناء هذه النماذج على البيانات والإحصاءات من الوكالات الفضائية الدولية مثل ناسا، وهم لا يصممون أنظمة من شأنها أن تكون مناسبة لاحتياجات الدول الأفريقية وسيادتها، وهو أمر يتطلب التعاون بين الدول الأفريقية بشكل كبير حتى يمكن الوصول إلى آليات وخطط تلائم الدول الأفريقية وتكون محدثة بشكل مستمر، وهو ما أطلق عليه عملية «توطين المعلومات».
وحول استجابة الدول التى تتلقى التحذير المبكر، أشار فرانسوا إلى أن الكثير من الحكومات لا يعرفون الآليات المثلى للتصدى للكوارث الطبيعية، ولكنهم سيجدون طريقهم فى نهاية الأمر، لافتا إلى أنه يتم البدء بتحليل نسبة الخطر الناجمة عن الكارثة ومحاولة توصيل صوتهم إلى الحكومات الأفريقية، وهناك تطور تدريجي فى طريقة الرد من الحكومات على هذا الإخطار، لكن هناك حاجة إلى آليات منظمة لتبنى الحكومات لهذه النظم والنماذج دون أن تتأثر بتغير المسئولين، وهو ما يدعو لأهمية قيام الحكومات ببناء القدرات البشرية.