"الريس مرجعش إيده فاضية".. زيارة السيسي للصين تعيد "طريق الحرير" لمصر

"الريس مرجعش إيده فاضية".. زيارة السيسي للصين تعيد "طريق الحرير" لمصر
في الوقت الذي اعتاد فيه البشر على الترحال والسفر لمدد طويلة لنقل البضائع والتبادل التجاري بين الدول المختلفة والبعيدة في القارات الثلاث المعروفة وقتها، التي نقلت بدورها الثقافات الخاصة لكل منطقة، معتمدين في تنقلهم على الأحصنة والحيوانات البرية، فسلكوا الطرق البرية من الصحاري، والبحار والمضايق في السبل البحرية، فروَّجت كل بلد للصناعة التي تميِّزها، فشقت الصين التي كانت في أقصي شرق العالم وقتها، طريقها داخل الصحاري والبحور لتصل إلى الدول الأوروبية والأراضي المصرية عبر "طريق الحرير".
طريق الحرير.. هو أحد أهم الممرات التجارية الصينية في العالم، وأطلق عليه هذا الاسم فيرناند فون ريشتهوفن، العالم الجغرافي الألماني، في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث تم اكتشافه في حوالي سنة 3000 قبل الميلاد، بحسب التقويم الصيني، الذي استخدمه الصينيون في تصدير منسوجات الحرير، التي تميزوا في غزلها وصناعتها وتصاميمها المختلفة، حيث كان لزراعة التوت وتربية ديدان القز، فضل كبير في إنتاج المنسوجات الحريرية في الصين التي تميَّزت بكونها أفضل أنواع الحرير في العالم القديم، إلا أن استخدامه توقف في الفترة الحالية ومنذ أعوام عدة.
وأطلق الرئيس الصيني شي جين بينج، مبادرة إعادة طريق الحرير لإنعاش حركة التجارة العالمية، ورحَّب بها الرئيس عبدالفتاح السيسي أثناء زيارته للصين، الأسبوع الماضي، واصفها بأنها تحقق التعاون ومصالح الشعوب، خاصة بعد موافقة 50 دولة عليه مسبقًا.
ونقلت الصين منسوجاتها الحريرية إلى دول جنوب غرب آسيا، والعربية وبلاد فارس، وشمال أوروبا، حيث ينقسم الطريق إلى فرعين شمالي وجنوبي، فيمرّ الفرع الشمالي من منطقة بلغار وعبر شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم وحتى البحر الأسود وبحر مرمرة والبلقان ووصولًا إلى البندقية، في حين أن الجنوبي يمر من تركستان وخراسان وعبر بلاد ما بين النهرين وكردستان والأناضول وسوريا عبر تدمر وأنطاكية إلى البحر الأبيض المتوسط أو عبر دمشق وبلاد الشام إلى مصر وشمال إفريقيا.
وانتقل مع الحرير إلى البلدان الأخرى العديد من الصناعات الصينية مثل البارود والورق، فضلًا عن المتعقدات الدينية الخاصة بسكان هذه المناطق، فكان الطريق بمثابة معبر ثقافي واجتماعي وتجاري بين كل البلدان، وانتظم لأكثر من ألف وخمسمائة عام منذ القرن الخامس قبل الميلاد، ما كان له أثر بالغ في الصين التي أصبحت وحدها تمتلك من مخزون الذهب قدرًا أكبر مما تمتلكه الدول الأوروبية مجتمعة، إلا أن قناة السويس ساهمت في إنهاء استخدام ذلك الطريق.
وكانت وكالة أنباء "شينخوا" الصينية، أصدرت في عددها يوم 8 مايو الماضي تقريرًا بعنوان "طريق الحرير الجديد.. الأحلام الجديدة"، تناولت فيه إمكانية إحياء طريق الحرير القديم بشكل جديد، يتمثل في طريقين بري وبحري، يربطان الصين بالهند وإيران وأوروبا بريًا، والهند وشبه الجزيرة العربية وشرق وشمال إفريقيا وأوروبا بحريًا، حيث يبدأ الطريق البري من الصين في وسط آسيا، مرورًا بشمال إيران وكل من سوريا والعراق وتركيا، ثم أوروبا عبر بلغاريا ورومانيا والتشيك ثم إلى ألمانيا في قلب أوروبا، وهولندا وحتى فينيسا، حيث يلتقي الطريق البري بالطريق البحري، ووفقًا للخريطة التي أصدرتها الوكالة.
فيما يمتد الطريق البحري من مقاطعة فوجيان الصينية مرورًا بكوالالمبور والهند، ثم المحيط الهادئ إلى كينيا، مرورًا بدول القرن الإفريقي ثم البحر الأحمر، حيث يمر الطريق بقناة السويس في مصر وصولًا إلى البحر المتوسط ومنه إلى مدينة فينيسيا الإيطالية.
وأشارت الوكالة الصينية إلى أن بلادها ستقدم فرصًا واعدة للدول التي تقع على طريق الحرير وترغب في التطوير، مؤكدة أن الصين ستقوم بشراكة اقتصادية تعمل على تطوير الدول بدءًا من غرب الباسيفيك وإلى بحر البلطيق.
وأكد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، لـ"الوطن"، أن إحياء طريق الحرير، سيزيد من حركة التجارة وخاصة في قناة السويس، نافيًا ما ردده البعض حول كونه سيؤثر سلبًا على القناة، مضيفًا أنه سيزيد من دخل القناة السويس ومدن القناة الثلاث حيث سيتيح فرصًا للاستيراد والتصدير للصين ولأوروبا والدول المجاورة، فضلًا عن أنه سيقدم العديد من الخدمات اللوجيستية للسفن التي ستمر بالقناة.