التسامح فى الهيئة القبطية الإنجيلية
- العلاج الحر
- العلاج الطبيعي
- حسام كمال
- علاج طبيعى
- محافظ البحر الأحمر
- مدير امن البحر الاحمر
- مديرية الصحة
- اخطار
- العلاج الحر
- العلاج الطبيعي
- حسام كمال
- علاج طبيعى
- محافظ البحر الأحمر
- مدير امن البحر الاحمر
- مديرية الصحة
- اخطار
الأسبوع الماضى كنت ضيفاً على الأعزاء فى منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية فى مؤتمر حمل عنوان: «التسامح ومواجهة العنف، من المبدأ إلى التطبيق».
موضوع التسامح متنوع وشائك فى آن. التسامح كمصطلح هو الصفح والعفو والإحسان، وهو يُقابل التعصب والتطرف والغلو. ويعبر «التسامح» عن دعم الممارسات والأفعال التى تحظر التمييز الدينى والعرقى، وقد تم التوسع فى استخدام مصطلحى «التسامح» و«التساهل الفكرى» من مقاربة دينية لنشر فكر الاعتدال بين الطوائف الدينية عقب الإصلاح البروتستانتى. الواقع أن التسامح له أنواع متعددة لكن تفسيره النهائى يتجه دوماً إلى عدم التعصب وقبول الآخر واحترام التعددية والتنوع.
تقديرى أن إشاعة جو التسامح الفكرى هى السبيل الوحيد لاستمرار الحياة بين الأفكار المختلفة. الأديان على سبيل المثال، لا يمكن أن تلتقى على أرضية واحدة، إن كنا نتكلم من مقاربة الخلاص الأخروى. المبدأ الحاكم فى الإسلام هو قوله تعالى فى القرآن الكريم: «وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِى الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ». أما فى المسيحية فالنص بالكتاب المقدس يتحدث بوضوح عن السيد المسيح عليه السلام، ويقول: «ليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء، قد أعطى بين الناس به ينبغى أن نخلص».
بناء على ما سبق، كيف نتعايش معاً؟ الموضوع بسيط، إن كنا سوف نترك ما يتعلق بالعالم الآخر إلى القوة العليا التى نؤمن بها، فإننا فى عالمنا المعاش علينا أن نجد الأرضيات المشتركة، الأديان جميعها تحث على التسامح والتعايش والتراحم وقبول الآخر. والمنهج الدينى هنا واضح، فى الإسلام: «لكم دينكم ولى دين»، وفى المسيحية: «أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويضطهدونكم».
على أتباع أى دين أن يتوقفوا عن الاعتقاد بأنهم شعب الله المختار الذى خُلق من أجله الكون، لأن هذا يترتب عليه اعتقاد زائف بالنخبوية واحتكار مكارم الأخلاق. حتى أعلم العلماء قد يقع فى هذا الفخ، مثلما حدث مع الإمام محمد عبده حين زار أوروبا وقال قوله الأشهر: «وجدتُ فى أوروبا مسلمين بلا إسلام، ووجدتُ فى بلدى إسلاماً بلا مسلمين». وهذا قول يدل على شوفينية صارخة واستعلاء ممجوج، إذ يفترض أن الأصل فى كل الديانات والمعتقدات، عدا الإسلام، هو غياب الأخلاق، وأن أى مبادئ جيدة يطبقها غير المسلمين هى من صميم الإسلام وحده وحصرياً. بالمناسبة، عندما يقوم هذا الغرب نفسه بأى شىء لا يعجب المسلمين فإنهم يقولون بكل بساطة «الحمد لله على نعمة الإسلام»، وعندما ينبهر البعض بالتقدم الغربى ويمتنع عن الاعتراف بأسبقيتهم يقول: «لهم الدنيا ولنا الآخرة»، وكأنهم يحتكرون مفاتيح الجنة.
موضوع التسامح يبدأ وينتهى من فكرة قبول الآخر، وهذه الأخيرة لا يمكن أن تترسخ إلا بإيمان حقيقى بمبدأ التنوع، وهو ما يجب وضع بذوره وزراعته فى عقول كل تلاميذ المدارس فى مراحلهم الأولى.. بُنيت الحياة على التنوع، ولذلك فإن محاولة فرض لون واحد-أياً كان- جريمة فى حق الخالق والمخلوق. سامحوا تصحوا.