عيسى الزرعونى يكتب: أحلام الرئيس «السيسى» والخيارات الصعبة

كتب: عيسى الزرعونى

عيسى الزرعونى يكتب: أحلام الرئيس «السيسى» والخيارات الصعبة

عيسى الزرعونى يكتب: أحلام الرئيس «السيسى» والخيارات الصعبة

«تصدّق بالله.. أنا هاخدك لمكان فى مصر يشبه المالديف، ويمكن أحلى، جرّب شىء جديد هذا الصيف»، أغلقت الهاتف مع صديقى المصرى وأنا أضحك من مبالغته فى المقارنة، لكن قلت لنفسى: «لمَ لا؟ فأنا أهوى الاكتشاف»، وبالفعل توجهت إلى القاهرة التى اعتدت زيارتها وبنيت تصورى عن المحروسة بها.

بدأ اندهاشى بالطرق الواسعة الواصلة من القاهرة إلى الساحل الشمالى، وصلنا إلى «مطروح» أولى محطاتنا وصُدمت من الواقع، ماء البحر فيروزى اللون شديد الصفاء، لو أسقطت خاتماً فيه لرأيته من شدة نقاء البحر، وتأكدت بالفعل أن الأجواء فى الساحل ألطف من «المالديف» ذات المناخ الاستوائى، والبحر والشاطئ ومنظر الغروب والشروق تأسر الأنفاس، ليستمر هذا الجمال مع ذهابى إلى العلمين وروعة المدينة الجديدة والأبراج الشاهقة والمشروعات التى ذكّرتنى بدبى وسنغافورة.

عكّرت أصوات بعض المسافرين معنا فى الرحلة مزاجنا بأن هذه مجرد فقاعات لن تستمر وأن الدولة تُبدد الأموال فى مشاريع لن تُجدى نفعاً وهى للأغنياء فقط، وأنها خنقت الميزانيات وسحقت الطبقة الكادحة للهرولة وراء أحلام الرئيس السيسى.. تابع الصوت: ما الفائدة من كل هذا؟ هناك أولويات يجب أن يلتفت إليها.

تذكّرت قصة الشيخ زايد -طيب الله ثراه- مؤسس دولة الإمارات، مع الخبراء الذين أرسلهم إلى صحراء «ليوا» فى أبوظبى لاكتشاف مدى جدوى الزراعة فيها لتحقيق نوع من الاكتفاء الذاتى، فعادوا ليخبروه بأنها مجرد أحلام، وأن هذه الصحراء لن تصلح إلا للنخيل، فسألهم: ولا حتى لإنتاج علف لإطعام الحيوانات؟ فأجابوه بالنفى. لم يُعر «زايد» تلك الآراء اهتماماً، وأشرف بنفسه على استصلاح الأراضى الصحراوية التى آتت أُكلَها من جميع المحاصيل الزراعية من الخضراوات وقام بتصديرها إلى دول الخليج وغيرها، ولو كان أصغى للخبراء لما فعل ولركن إلى الخيارات المريحة باستيراد كل شىء.

ودبى ليست ببعيدة عن الأذهان، فقبل 30 عاماً ماذا كانت دبى؟ ومن يذكرها؟ بينما هى حالياً محط أنظار الجميع وحلم لهم بأن يكونوا من ساكنيها أو مستثمريها. هل عندما أراد الشيخ راشد آل مكتوم، حاكم دبى آنذاك، أن يبنى برج راشد فى دبى ويطور الميناء، كان ينتظر حصد الثمار حينها؟ كانت نظرته المستقبلية هى التى أوصلت دبى إلى ما هى عليه الآن، حتى أصبحت أرض الأحلام، وبات الناس يتهافتون عليها مع أى صراع يحدث فى العالم، كقبلة آمنة لأموالهم وشركاتهم.

أثناء غزو العراق 2003 جاء حوالى نصف مليون عراقى إلى دبى وانتعش اقتصادها ووصل إلى أعلى مستوياته، وفى الحرب الأوكرانية الروسية أرسى رجال الأعمال يخوتهم أمام شواطئها وأرصدتهم فى البنوك الإماراتية، ودفع الطامحون فيها بعجلة التنمية.

و«السيسى» اليوم ببنائه 48 مدينة جديدة، وزيادة 40% من البنى التحتية، وتطوير شبكات الطرق ورفع إيرادات قناة السويس، الشريان التجارى الرئيسى فى العالم، يبنى عهداً جديداً لمصر.. هل كل هذا للطبقة الغنية وحدها؟ بالتأكيد لا.. فمن الذى سيبنى هذه المدن ويتولى إدارتها وتطويرها ويخلق الآلاف من فرص العمل سوى شباب مصر وكفاءاتها؟! كما أن مردود هذه المشاريع لن يكون آنياً، ويمتد إلى جميع المواطنين بأشكال عديدة، وعلينا التحلى بالإيمان.

«السيسى» يسابق فى الجمهورية الجديدة بقية الدول المتقدمة بسواعد أبنائه، وسيتحرر من تبعية الديون.. فإذا أردت أن تكون فى المقدمة، فعليك قبول الخيارات الصعبة.


مواضيع متعلقة