4 وجوه لـ خالد محيى الدين.. الأول: الضابط الحُر
التحق بـ«الحربية» خلافا لرغبة والده في دراسة الزراعة.. وشارك بثورة 52
![خالد محيي الدين يتوسط الضباط الأحرار](https://watanimg.elwatannews.com/image_archive/840x473/10248698241660682385.jpg)
خالد محيي الدين يتوسط الضباط الأحرار
فى مذكراته المنشورة بعنوان «.. والآن أتكلم»، يحكى خالد محيى الدين، مؤسس وزعيم حزب التجمع، عن الظروف التى قادته إلى تأسيس تنظيم الضباط الأحرار، ليصبح مشاركاً فى ثورة 23 يوليو 1952، التى أطاحت بالملك فاروق ثم بالملكية ككل، وأحدثت تغييرات اجتماعية واقتصادية عميقة فى المجتمع المصرى.
ابن كفر شكر تعلم الديمقراطية من خاله
يحكى خالد محيى الدين، أنه، ومنذ التاسعة من عمره، بدأ يتعلم الديمقراطية من خاله الذى كان عائداً لتوه من فرنسا بعد أن حصل على ماجستير فى الاقتصاد، وكان طالما يتحدث عن الدستور والديمقراطية، وضرورتهما، فى وقت كانا يتعرضان فيه لانتهاكات جسيمة على يد رئيس الوزراء وقتها، صدقى باشا، وهو الأمر الذى ترك آثاراً كبيرة بقيت فى تكوينه لاحقاً.
شارك في مظاهرات مدرسة فؤاد الأول
وفى مدرسة فؤاد الأول، التى كانت من أكثر المدارس إسهاماً فى التحركات الطلابية والمظاهرات، اندمج «محيى الدين» رغم أنفه فى المناخ السياسى المتفجر عام 1935، حيث شارك بالفعل فى العديد من المظاهرات، وهو الأمر الذى زاد مع الجدل حول معاهدة 1936، وسيطرت المشاعر الوطنية عليه.
الالتحاق بالحربية خلافا لرغبة الوالد
جاء عام 1938 ليكون، وفق مذكرات «محيى الدين»، إيذاناً لأن تتخذ وطنية محيى الدين طريقاً آخر غير المظاهرات، بعد أن قرر الانضمام إلى الكلية الحربية، عقب حصوله على ما كان يعرف بشهادة الثقافة العامة «الصف الرابع الثانوى»، فى وقت كانت النية تتجه فيه إلى توسيع الجيش المصرى وزيادة عدده ورفع مستواه التسليحى استعداداً لاحتمالات نشوب الحرب العالمية الثانية.
يقول «محيى الدين» عن نقطة التحول تلك فى حياته: «لم أكن طالباً متعثراً وكان أبى يغرينى ويلح علىَّ بأن أحصل على التوجيهية ليرسلنى إلى أمريكا لأدرس الزراعة الحديثة وأستمر حتى أحصل على الدكتوراه، لكنى كنت أندفع باتجاه آخر، حيث كانت الروح الوطنية تلهب مشاعرنا نحن الشباب فى هذه الفترة، وكنا نشعر أن مصر بحاجة لجيش حقيقى قادر على حمايتها، جيش وطنى يعمل من أجل الوطن، وهكذا تعلقت بفكرة الانضمام إلى الكلية الحربية».
وفي الكلية الحربية، أخذت الوطنية تمتزج بالروح الثورية، وفق ما يسرده في مذكراته، بعد أن كان المستشارون العسكريون الإنجليز فى الكلية يحركون مشاعرهم المرهفة، ويجعلونهم يستشعرون حالة أقرب إلى الهوان، لتبدأ وقتها أول «مشاغبة» له فى الكلية، حين اتفق مع زميل له على استبدال اللافتة المكتوبة بالإنجليزية على مكتب المستشار العسكرى البريطانى بلافتة باللغة العربية، وعاد بعدها إلى سريره وشىء ما يغلى فى داخله ضد الوجود الإنجليزى فى الكلية.
الخدمة في «سلاح الفرسان»
ولم يكد «محيى الدين» يتخرج فى الكلية الحربية حتى التحق بالخدمة في «سلاح الفرسان»، ثم جاءت واقعة مصادرة الإنجليز لدباباتهم لتعويض خسائرهم أمام الألمان فى الحرب العالمية الثانية، وهو الحدث الذى، حسبما يقول، ترك لديه «إحساساً بالمرارة لا يمكن أن يوصف، وقدر مهانة لا يمكن تحديد حجمه، فكيف نكون جيشاً بلا أسلحة؟ وكيف يأخذ المحتلون سلاحنا؟»، وهى أحاسيس زادها وجود ضباط إنجليز فى الجيش المصرى يتعاملون بتعالٍ ويتقاضون مرتبات عالية جداً مقارنة بالضباط المصريين.
غضب لحصار الإنجليز قصر الملك
جاء بعد ذلك حادث 4 فبراير 1942 التى حاصر فيها الإنجليز قصر الملك بالدبابات لإجباره على تعيين وزارة برئاسة النحاس باشا، وهو الحادث الذى يقول عنه «محيى الدين» إنه: حول الإحساس الوطنى إلى غضب دافق وإحساس بضرورة فعل شىء ما، ليصل فى النهاية إلى قناعة بضرورة العمل من موقعه كضابط فى عمل سياسى من أجل مصر وتحريرها من سيطرة الاستعمار.
الأحلام الأولى للضباط الأحرار
وفى موضع آخر من مذكراته يقول «محيى الدين»: «عندما بدأنا خطواتنا الأولى لتشكيل الخلية الأولى للضباط الأحرار، كنا نحلم بمصر وقد تخلصت من الملك ومن الإقطاع ومن الاحتلال ومن الاستغلال، كنا نحلم بها وهى تتمتع بقدر من العدالة الاجتماعية، وبمساحة واسعة من الحرية والديمقراطية»، وهكذا كان طريق الثورة بالنسبة لـ«محيى الدين» وسيلة لجعل مصر وطناً حراً تسوده الديمقراطية والعدالة والاجتماعية، وهى القيم والأهداف التى ظل يناضل من أجلها بقية حياته.