"كريستيان ساينس مونيتور": انخفاض اسعار النفط "يغير شكل العالم"

"كريستيان ساينس مونيتور": انخفاض اسعار النفط "يغير شكل العالم"
أظهر تقرير لموقع "كريستيان ساينس مونيتور" مدى التغير الذي طرأ على العالم جراء انخفاض أسعار النفط، ابتداءً من تراجع أسعار البنزين في الولايات المتحدة من 3.73 دولار للجالون في يونيو الماضي، إلى مستوى 2.54 دولار للجالون أمس، ومرورا بتأثير ذلك على دول كبرى منتجة للطاقة مثل روسيا والسعودية، وأخرى مستهلكة كالولايات المتحدة والصين وانتهاءً بأموال المواطنين.
وبحسب التقرير، أثر "انخفاض أسعار النفط على الأحداث الجيوسياسية بالشرق الأوسط، والتجانس داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، والعديد من الوظائف في عمليات الحفر والاستكشاف في داكوتا الشمالية، وحتى تكاليف تذاكر الطيران خلال العطلات، ولا عجب في ذلك، فهو يعكس بزوغ فجر حقبة الوقود الأحفوري".
وفي الوقت الحالي، بدأت تطرأ العديد من التغيرات بعد انخفاض أسعار النفط، فقد خفضت الدول المستهلكة حجم إنفاقها على واردات الخام، وتسارع استخدام بدائل الوقود التقليدي لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وكل هذه الإجراءات تزيد من الشعور بوضوح أن هناك فصلاً جديداً يتم تسطيره بتاريخ أسواق النفط، وسط عزوف "أوبك" عن التدخل لكبح الإنتاج من أجل دعم الأسعار، مع توقعات بأن النفط سوف يحوم حول النطاق من 60 إلى 50 دولاراً للبرميل لعدة أشهر أو لعام وربما لعقد من الزمن.
وأكد التقرير أن "أكثر ما يؤرق أسواق النفط هو وفرة المعروض مع التوسع في الإنتاج عند مستويات أكثر عمقاً بالمحيطات، وطفرة النفط الصخري بالولايات المتحدة، ما يجعلها منافسا مستقبليا في التصدير، بالإضافة إلى تزايد معدل الإنتاج من دول مثل كندا والبرازيل والعراق وكينيا وأوغندا، كما تراجع استهلاك دول أوروبية بفعل تحسين كفاءة مركباتها لتكون أقل استهلاكاً للوقود، ولاسيما تحديث تقنيات السيارات الصديقة للبيئة".
ومن أكثر القطاعات التي تأثرت بانخفاض أسعار النفط، شركات الطيران التي تنفق 30% من ميزانياتها على الوقود، وإذا ظلت الأسعار على انخفاضها، فمن المتوقع أن توفر هذه الشركات 5 مليارات دولار في 2015، وفقاً لمحللي بنك "جي بي مورجان"، وإذا لم تحقق ربحية، فسوف تشهد عمليات تسريح للعمالة، كما يتوقع المستهلكون انخفاض أسعار الرحلات الجوية.
من ناحية أخرى، تتوقع إدارة معلومات الطاقة الأمريكية انخفاض تكاليف وقود التدفئة بنسبة 15% خلال الشتاء الحالي، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، لتوفر كل أسرة مدخرات بحوالي 362 دولارا في المتوسط، كما يدعم انخفاض النفط إنفاق المستهلكين خلال موسم العطلات، وانتعاش حركة المبيعات في قطاعات عدة كالسيارات، وتعزيز أرباح الأعمال والأنشطة التجارية المختلفة كالمطاعم.
وبنظرة مختلفة، يتسبب استمرار هبوط أسعار النفط في وضع التضخم قيد المراقبة، ما يقلل من الضغوط على الاحتياطي الفيدرالي، للبدء في رفع معدل الفائدة، خوفا من وقوع الاقتصاد تحت وطأة الانكماش والركود، كما أن لهذا الانخفاض عواقب سلبية على ولايات أمريكية غنية بالنفط مثل "داكوتا الشمالية" و"تكساس" و"ألاسكا"، وهو ما يعني تقليل الوظائف وانخفاض إيرادات الضرائب وتراجع النشاط الاقتصادي، كما لوحظ تتبع أسواق الأسهم لحركة النفط بفعل شركات قطاع الطاقة.
وتابع التقرير "طالما كان للنفط أبعاد سياسية، وهيمنة لبعض الدول على الأسواق العالمية لقوة إنتاجها، مع تعرض البعض الآخر لأزمة تمويل طاحنة لاعتماد موازناتها على إيرادات النفط مثل ليبيا ونيجيريا وفنزويلا والإكواداور وإيران، وحتى الولايات المتحدة التي توقعت إيرادات كبيرة من النفط الصخري".
أما روسيا، فلم تكن بمنأى عن هذه الأحداث، فقد عانت من انخفاض أسعار النفط، ولاسيما بعد تزايد العقوبات التي فرضتها أمريكا وأوروبا على موسكو لتدخلها في الشأن الأوكراني، ما تسبب في انهيار واسع النطاق للعملة الروسية "روبل" ليكلف اقتصادها خسائرا سنوية تتراوح بين 130 و140 مليار دولار، ما أثار احتمالية تعثر البلاد في الوفاء بالتزاماتها المالية.
ورغم طفرة النفط الصخري بالولايات المتحدة، إلا أن الكثير من الخبراء يتوقعون تراجع تأثيرها بسبب انخفاض أسعار النفط، نتيجة عدم خفض "أوبك" للإنتاج، ولكن سيكون ذلك إيجابيا لدول أخرى في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، مع توقعات بانخفاض الطلب، ما يعجل بنهاية عصر النفط حتى في ظل وفرته، في سيناريو توقعه وزير النفط السعودي السابق الشيخ زكي اليماني، منذ سنوات.