سلام من العرب أو حرب مع إيران

يأتى الرئيس الأمريكى للمنطقة فى ظرف مختلف وهيئة مختلفة وبأهداف مختلفة، آملاً أن يستعيد نفوذاً متآكلاً، ودعماً متراجعاً، وسط تشكل جديد للعالم، تكون فيه واشنطن أول المفعول به، وهى تظن أنها ما زالت الفاعل الوحيد.

تحط طائرة سلاح الجو الأمريكى رقم واحد فى تل أبيب، فترمى وعوداً لا تملك تنفيذها، وتوقع اتفاقاً تدرك أنها لن تطبّق حرفاً فيه، لكن لا مانع من تملق سلطة احتلال عنصرى هو الوحيد فى العالم حتى الآن، حتى يأتى أوان نهايته.

إلى بيت لحم تنتقل قدما جو بايدن المثقلة بالهموم، حاملة جسداً متعباً، فوقه عقل منهك، فعل به الزمن ما فعل، ليعكس حالة دولة كانت عظمى منفردة، أصابها من الوهن والخرف والارتعاش ما أصابها، لكنه يفضّل أن ينظر لمرآة تعكس ما يتمناه، لا ما هو واقع.

ثم تحط رحاله فى جدة ناظراً إلى البحر الأحمر، الذى كادت ضفته الغربية الشمالية أن تقع فى براثن جماعة إرهابية دعمتها مخابراته، ليكتمل عقد تلك الضفة تحت حكم تجار الدين، وسدنة التطرف، لكن المصريين صفعوا صنيعته، وثار السودانيون على طريدته، فتحرّر غرب البحر، يسابق شماله لبناء دولة عصرية، ويعافر جنوبه لبدء عمليات البناء المتأخرة.

يبقى باب المندب فى خطر، لكنه لا يأبه له كثيراً، فعين بايدن الضعيفة لا ترى المعادلة السهلة، التى تقول السلام مع العرب أو الحرب مع إيران، إن فعلها واختار السلام الشامل العادل فله ولربيبته العبرية الأمان والطمأنينة.

لكنه لا يرى سوى ما يرضى الربيبة المارقة، التى تفضّل أن تعيش فى أجواء حرب دائمة، على أن تعيش فى سلام دائم، لأنها تعتقد أن السلام الحقيقى سيُنهى الفكرة التى على أساسها قامت دولة الاحتلال، لذا اختارت لها عدواً جديداً، هناك على الضفة الفارسية للخليج العربى.

هذا العدو الجديد بات أقرب ما يكون من الكلابش للمعصم، فنفوذه يحيط بفلسطين، ويهدد الجميع، من يتحدثون العبرية ومن يتكلمون العربية أيضاً، سيقدم فى لحظة «قريبة» على توريط المنطقة كلها فى حرب أول ضحاياها سيكون الكيان المحتل، وقتها سيهلل العرب، قبل أن يكتووا بنار المنتصر فى ما بعد.

الخيار واضح، لكن من فقد البصر والبصيرة لن يحسن الاختيار.