«كودية زار» فى مركز ثقافى.. هو ده التطور الطبيعى للفن الشعبى

«كودية زار» فى مركز ثقافى.. هو ده التطور الطبيعى للفن الشعبى
فى بيت ريفى بسيط، ملىء برجال يرتدون «جلاليب» بيضاء، ونساء يرتدين عباءات ريفية ملونة، وطُرحاً شفافة، لا تخفى ملامح الوجه، تقف «أم سامح»، كودية الزار فى فرقة «مزاهر»، بملامحها السمراء وابتسامتها المميزة، لتبدأ فقرتها، قائلة: «صلى على النبى الهادى»، وذلك على أضواء المصابيح الصغيرة، التى تُشبه «لمبة الجاز»، حيث تكون الموسيقى هادئة فى البداية، ثم تتعالى شيئاً فشيئاً.
«المسك فايح من القمر، وده ليه بتختشى يأنا من هواه، ده هو أنا وانت على العباد بتنور يا قمر»، كلمات اعتاد زوار «أم سامح»، وهم من مختلف الأعمار والجنسيات، سماعها منها، وسط حالة من الهدوء والراحة، التى تسيطر على الجميع، وعلى أنغام «التنبورة» النوبية، تشدو «أم سامح» فى عزل القناوى: «يا ساكن قنا يا قناوى سيدى عبدالرحمن القناوى وصعيدى جبلاوى»، ومع ارتفاع حدة الإيقاع، تزداد ابتسامتها، وتبدأ فى مداعبة الحاضرين أثناء غنائها.
بدأت «أم سامح» العمل فى الزار وهى فى الحادية عشرة من عمرها، حيث ورثت مهنتها عن أمها وجدتها، فتجدها تقول: «دق الزار مهنة مبتتعلمش بالورقة والقلم، والصوت ده موهبة من عند ربنا»، وهى مهنة لا ترتبط فى رأيها، بالدجل والشعوذة وخروج الجن، بل هى فن شعبى، يكسب الحاضرين الراحة النفسية، ويفرغ الشحنات المكبوتة عبر الموسيقى.
عملت «أم سامح» فى الموالد والحوارى والشوارع، قبل أن يحتضنهم المركز الثقافى المصرى «مكان» منذ عام 2000، لتقدم الزار هناك أسبوعياً، ومن يومها تحظى بشعبية كبيرة من قبل الحضور، وعلى الرغم من أن الأغانى التى تنشدها، تحمل أحياناً كلمات غير عربية، وقد تكون خليطاً بين العربية والسودانية، نسبةً إلى والدها «السودانى»، إلا أن الجميع يتفاعل معها.